في رحيل جويس بلو اختزال لابد منه
إعداد: ليلى قمر
بدايةً لابدّ من الإقرار بفداحة الخسارة والحزن المشفوعة بوجعٍ وألمٍ شديدين لوفاة الكُردولوجية فرنسية الأصل والصديقة التي ظلّت متشبثة في تضامنها مع قضية الشعب الكُردي في أجزاء كُردستان الأربعة ، والتي سخرت وبدأبٍ شديد سنين طويلة، وبذلت جهوداً جبارةً، إن في نصرة القضية الكُردستانية، وكذلك في تسليط الضوء لابل والمساهمة الفعّالة في نقل اللغة والثقافة الكُردية من الواقع الشفاهي إلى التدوين الكتابي ! وفي العودة إلى حياة هذه الباحثة القديرة والتي قضت فترةً طويلة منها في مصر وتحديداً في مدينة القاهرة، ولتكون واحدة من الصدف الرائعة التي حدثت ،لابل وساهمت كرافعة ، لابل وبعبارة أدق، خلقت نقلة نوعية ليس في الخاصية الثقافية للشعب الكُردي ، بل في خلق بنية قوية ومتينة، وكجهدٍ معرفي أشبه ببرامج إعلامية سواءً للتعريف بالقضية ومن ثم توسيع دائرة الأصدقاء…. أجل! أن تلتقي جويس بلو وهي لما تزل طالبة دبلوم للغة العربية بعدُ في المدرسة الوطنية للغات الشرقية ، نعم أن تلتقي بالأمير كاميران عالي بدرخان في باريس ، حيث كان الأمير يدرّس ، والذي كان حينها نشطاً جداً ويبحث عن العون لقضية شعبه ويجهدٍ لإطلاع الشعب الفرنسي على وضع الكُرد في كل الأجزاء الكُردستانية ، وذلك قبل سنة من انقلاب العسكر في العراق سنة 1958 والإطاحة بالنظام الملكي في العراق , ذلك الأمر الذي ساهم في تحسين وضع الكُرد قليلاً، حيث تمّ الإعتراف بهويتهم القومية ، الأمر الذي بات كحدثٍ مهم في حياتهم . وفي ذلك الوقت كانت جويس بلو عضوة نشطة في مجموعة يسارية ، حيث عرضت على الأمير المساعدة في كيفية إعداد” النشرة الإعلامية لمركز الدراسات الكُردية” و نشر ” أخبار كُردستان”. حيث كانت تتمّ طباعتها على الورق المشمع بالآلة الكاتبة وتساهم في نشرها وتقدّم خدماتها أيضاً في مجال الدعاية بشكل خاص ، وهذا الجهد كان يبذل من قبل مجموعة يقودها هنري كورييل وجوسي عضوة فيها . ومن خلال هذه الأنشطة النضالية التقت مع الأمير كاميرات بدرخان . حيث كانت قد وصلت إلى فرنسا عام 1955 و سجّلت في مدرسة اللغات الشرقية عام 1956. و بعدها بثلاثة أعوام حصلت على شهادة في اللغات العربية والكُردية والفارسية من ذات المدرسة، وللعلم فقد وصلت جويس إلى فرنسا في ظروف صعبة حيث تمّ إبعادها تعسفاً وفي باريس كان هناك بعض الأصدقاء في استقبالها ، ومنذ ساعاتها الأولى جعلت من أولوياتها البحث عن مصدر قوت يوفّر لها سبل متابعة دراستها، وسجّلتِ في كلية اللسانيات / قسم اللغة العربية في مدرسة اللغات الشرقية، حيث تابعت الدراسة ، بعد أن أمّنت مصدر رزق في عمل يوفّر لها نفقات المعيشة ، وفي الجامعة وقع خيارها على تعلّم العربية، وبعد أن تمكّنت فيها توجّهت نحو الدراسات الإيرانية و اللغة الكُردية, وذلك كبديل لخيارها السابق في مجال إسلاميات ، وكان لتشجيع الأمير كاميران لها أثر ودعم غير محدود في ذلك وسجّلت في الجامعة من أجل إعداد أطروحة الدكتوراه (.. تحت إشراف البروفيسور جيلبير لازار Gilbert Lazard , عالم الإيرانيات الفرنسي الكبير, الذي اقترح عليه العمل على الوصف اللغوي للهجات الكُردية في العراق . و هنا أيضاً تلقّت الدعم . وبدأت نتائج عملها تبشّر بالخير . فشرعت بدراسة اللغات الإيرانية القديمة والحديثة واطّلعت على اللسانيات العامة. وفي الوقت نفسه على حد قولها ( كنت أكسب قوتي و أناضل ) . دخلتِ مدرسة اللغات الشرقية, قسم اللغة العربية في عام 1956 ؛ و من ثمّ بدأتِ بتعلّم اللغة الكُردية في هذه المدرسة ودرستِ أيضاً في بروكسل في مطلع الستينيات؟ .
كانت بلو تحضر الإجازة وشهادة الميتريز في اللغة العربية بجامعة بروكسل الحرة . وطالبت بأن تقوم بتحرير بحث الميتريز إلى القضية الكُردية . حيث أنهم يشكّلون جزءاً من العراق ( العربي ) وكان من حسن حظها قبول الموضوع ، وبالفعل تصدّت للموضوع واشتغلت عليه، وكانت بداية قوية لها وأيضاً كمدخل هام وكأول امرأة تقدّّم في جامعة أوربية منذ أكثر من ثلاثين عاماً حينها , إذ يعود تاريخ آخر دراسة جامعية نسوية إلى الثلاثينيات . وطبيعي ومن أجل إعداد هذا العمل أنه ساهم في تزايد التواصل ومن ثم المراسلات مع الأمير كاميران وبصورة منتظمة أكثر ، ومعها التواصل واللقاءات أيضاً فقد زارها ببروكسل برفقة زوجته ناتاشا .. وبكل فخر تقرّ جوسي بفضل الأمير كاميران الكبير عليها وبكل تواضع أيضاً تعترف بدوره الكبير ، فهو الذي جعلها على اتصال مع كُردولوجي رائع هو الأب الدومينيكاني توماس بوا الذي كان يعيش حينها في بيروت، ولتدخل معه في مراسلات طويلة. وبعد فترة قدّمت عملها إلى جامعة بروكسل الحرة[ كلية الفلسفة و الآداب, معهد فقه اللغة و التاريخ الشرقي و السلافي, القسم الإسلامي ] في حزيران \ تموز 1962. وفي ذات العام سجّلت مجدداً في مدرسة اللغات الشرقية من أجل دراسة اللغة الكُردية والفارسية، ومع الايام أخذت تظهر وبشكل جلي ذلك الشغف والرغبة الكبيرة في تعلم اللغة الكُردية لا محادثة بل لتوصيفها وتصنيفها كما ومقارنتها بالتقارن مع اللغات الأخرى ؟…
وفي هذه الخاصية لاحظت بأنّ ذلك لن يوفي بالمطلوب ، وإن أرادت التعمق الفعلي فعليها ألا تستغني عن تعلم الفارسية أيضاً ، وهذا إن أرادت اختراق جدار التهميش لتلك اللغات و وضعت نصب عينيها ضرورة الإطلاع على اللغات الإيرانية القديمة : الفهلوية و الفارسية القديمة و الأفيستية، ولكن ! دائما وفي هكذا جغرافيات مضطربة تبرز إحداثيات غير متوقعة ، حيث شهد النصف الثاني من ستينيات القرن الماضي الحرب بين الكُرد و الحكومة المركزية في العراق. وكانت وسائل الإعلام تتحدّث عن الانتصارات الكُردية عندما عرضتُ على البروفيسور جلبير لازار , أستاذ الدراسات الإيرانية في فرنسا , أن تعدّ أطروحة دكتوراة في اللغة الكُردية تحت إشرافه , وقد قبل على الفور. وكانت أول متقدّمة تعرض عليه أن تشتغل على اللغة الكُردية , هذه الأرض البكر المثيرة للاهتمام . وقد أظهر جيلبير لازارد أنه مشرف ممتاز . وقد أظهرت جيلبر كل الشجاعة ورباطة الجأش عندما قرّرت عام 1967 , في غمرة الحرب بين الثوّار الكُرد و الحكومة العراقية , أن تذهب إلى كُردستان العراق لكي تحصل على المادة اللغوية لأطروحتها , حيث لقيتُ كل التشجيع . وتبيّنت بأنها لم تكن الأولى . حيث كان قد سبقها إلى هناك عالم موسيقي فرنسي شاب يدعى جورج دريون برفقة زوجته في مغامرة لجمع الموسيقى اليزيدية , لكن وجودهما لم يعجب السلطات فقامت بطردهما خارج البلاد ، وكان ثمة شباب فرنسيون آخرون غامروا بالذهاب إلى هناك , لكن – على حد قولها – ( لن أذكر منهم سوى أصدقائي فرانسوا كزافييه لوفا ( مصوّر وصانع عدة ألبومات لكُردستان العراق ) و جان بيرتولينو ( مخرج سينمائي و صانع عدة أفلام وثائقية عن الكُرد ) وجان برادييه ( أستاذ المستقبل في السوربون ) و برنار دوران (أحد سفراء المستقبل لفرنسا ) وكذلك الصحفي والاختصاصي الكبير في شؤون الشرق الأوسط إريك رولو وزوجته روزي وآخرون ) . وفي عام 1914 تغير اسم مدرسة اللغات الشرقية ليصبح المدرسة الوطنية للغات الشرقية الحيّة, و في عام 1970 تمّ التصويت على ربط هذه المدرسة بجامعة السوربون وفي عام 1971 أصبح اسمها المعهد الوطني للغات والحضارات الشرقية (زINALCO ) ومازال قائماً حتى الآن . وباللغة الدارجة يطلق عليها Langues’O
[ و قد استخدمت في هذه الترجمة تسمية “مدرسة اللغات الشرقية” للإشارة إلى هذه المدرسة بكل مسميّاتها. المترجم] [4] – وللدور البارز الذي لعبه هنري كورييل في مصر عام 1914 فقد أسّس عام 1943 الحركة المصرية للتحرر الوطني، وعلى إثرها طٌرد من مصر عام 1950 فاستقرّ في فرنسا . و هناك تابع نضاله مع حركات التحرر الوطني و خاصةً أثناء حرب الجزائر و انضمّ إلى شبكة دعم الجبهة الوطنية للتحرر التي قادها فرنسيس جونسون. و في عام 1960 أسّس الحركة الفرنسية المناهضة للاستعمار و في عام 1962 أسّس مجموعة “تضامن”. و قد اغتيل في باريس في 4 أيار مايو 1978 . [5] – بلو، جويس (1962) الحدث القومي الكُردي، بروكسل، بحث جامعي(ليسانس)، جامعة بروكسل الحرة، كلية الفلسفة و الآداب، معهد فقه اللغة و التاريخ الشرقي و السلافي, القسم الإسلامي. [6]– بلو، جويس(1973) اللغة الكُردية، لهجة العمادية و جبل سنجار, باريس, أطروحة دكتوراة في اللسانيات, جامعة السوربون, تحت إشراف البروفيسور جيلبير لازار .تقول جويس بلو في هذا الجانب : غالباً ما يكون للمصادفة محاسنها في الحياة. ففي عام 1959 التقيت بالأمير كاميران عالي بدرخان في باريس. و كنت حينذاك طالبة في المدرسة الوطنية للغات الشرقية الحية حيث كنت أحضّر دبلوماً في اللغة العربية. و كان الأمير يدرّس في المدرسة ذاتها . كان حينها يبحث عن العون والدعم لإطلاع الشعب الفرنسي على وضع الكُرد , خاصة في العراق. وقبل ذلك أي بعام 1958, أطاح انقلاب قاده ” الضباط الأحرار” بالمَلَكية في العراق, وعلى إثره تحسّن فتم الاعتراف بهويتهم القومية، وكانت جيلبر حينها عضوة في مجموعة يسارية مناضلة،وعبرها عرَضَت المساعدة على الأمير، وليتركّز اهتمامهم في إعداد” النشرة الإعلامية لمركز الدراسات الكُردية” و نشر ” أخبار كُردستان، وكانوا يطبعون المواد التي تصلهم من الأمير على الآلة الكاتبة مستخدمين الورق المشمّع, يقدّمون المساعدة على نشرها. وكذلك الخدمة في مجال الدعاية بشكل خاص، نعم وقد أكّدت مراراً وبمناسبات عدة بأنها : ( هكذا التقيت بالأمير بدرخان الذي حدّثني عن الكُرد و عن القضية الكُردية ويعد هذا أول احتكاك لي بالعالَم الكُردي) . وبعد أن وصلت إلى فرنسا عام 1955 سجّلت في مدرسة اللغات الشرقية عام 1956. و بعدها بثلاثة أعوام حصلت على شهادة في اللغة العربية. كذلك حصلت على شهادة في اللغتين الكُردية والفارسية من ذات المدرسة . وهنا لنقرأ ما كتبته هي في توصيف هذه المرحلة ( وصلت إلى فرنسا في ظروف صعبة. لقد تمّ إبعادي من مصر , فوجدتني في باريس حيث استقبلني بعض الأصدقاء. و على الفور كان عليّ أن أكسب قوتي و أن أجد منحى جديد لحياتي فشجّعني هنري كورييل على متابعة الدراسة. فسجّلت مباشرةً في قسم اللغة العربية في مدرسة اللغات الشرقية حيث تابعت الدراسة التي أتاحت لي بعض الوقت للعمل , و مثل كثير من الطلبة , اشتغلت في أعمال تؤمّن لي نفقاتي : فعملت كسكرتيرة بدوام جزئي لدى دور النشر و كمحاسبة في شركة صغيرة…) و تضيف (.. رغم أنني لم أتعلّم في مصر سوى المبادئ الأولية للعربية.. ولكنها كانت حاضرة.. بالأحرى تعلّمت القراءة فحسب و لم أتعلّم فكّ رموز اللغة العربية. لكنني عشت في عالم إسلامي و هذه المعرفة بالعالم الإسلامي قدّمت لي عوناً لا حدود له.. لقد كانت هذه التجربة مهمة. و بعد أن تمكنّتُ من العربية, توجّهت نحو الدراسات الإيرانية و اللغة الكُردية, بدلاً من متابعة دراستي في مجال اسلاميات . و قد شجّعني الأمير كثيراً على ذلك، فأنا – له – على الدعم غير المحدود.. وعليه فقد قامت بالتسجيل في الجامعة من أجل إعداد أطروحة دكتوراه تحت إشراف البروفيسور جيلبير لازار , عالم الإيرانيات الفرنسي الكبير واقترحت عليه العمل على الوصف اللغوي للهجات الكُردية في العراق . و هنا أيضا تلقت الدعم، وبدأ عملها يبشّر بالخير. وشرعت بدراسة اللغات الإيرانية القديمة و الحديثة واطّلعت على اللسانيات العامة. و في ذات الوقت السعي لكسب قوتها والنضال أيضاً …. وبالفعل فقد كانت جويس بلو تحضّر الإجازة و شهادة الميتريز في العربية في جامعة بروكسل الحرة. وهنا طالبت أن توجه بحث الميتريز الى القضية الكُردية. ذلك أن الكُرد يشكّّلون جزءاً من العراق البلد العربي, ووافق المشرف على ذلك . فكانت بدايتها لدراسة المشكلة الكُردية . وكانت المرأة الأولى التي تقدّم بحثاً في جامعة أوربية حينها منذ أكثر من ثلاثين عاماً, إذ يعود تاريخ آخر دراسة جامعية إلى الثلاثينيات. و من أجل إعداد هذا العمل تقول ( اخذت أراسل الأمير كاميران بصورة منتظمة. أتذكّر أنّه جاء لرؤيتي في بروكسل برفقة زوجته ناتاشا و … أنا أدين له بالكثير في عملي. فالأمير كاميران جعلني على اتصال مع كردولوج رائع هو الأب الدومينيكاني توماس بوا الذي كان يعيش حينها في بيروت فدخلت معه في مراسلات طويلة. و قد قدّمت عملي إلى جامعة بروكسل الحرة[ كلية الفلسفة و الآداب, معهد فقه اللغة و التاريخ الشرقي و السلافي, القسم الإسلامي] في حزيران\تموز1962. وفي ذات العام قامت بالتسجيل مجددا في مدرسة اللغات الشرقية من أجل دراسة اللغتين الكُردية و الفارسية وتقول جويس بلو وكإختزال لامور كثيرة وبشكل خاص في إلزامية خيار التخصص بإحدى اللغات : (… لم يكن ذلك أمراً ملزماً. لقد كان طموحي أن أتعلّم الكُردية لا للتحدّث بها فحسب بل لوصفها أيضاً و في هذا الإطار كان عليّ أن أمضي أبعد من ذلك بكثير. فما كان لي أن أستغني عن تعلّم الفارسية, اللغة العصرية الأهم في العالم الإيراني, كذلك كان من المفيد لي أن أطّلع على اللغات الإيرانية القديمة: الفهلوية و الفارسية القديمة و الأفيستية ..) . وفي مطلع النصف الثاني من الستينيات ( اشتد اوار الحرب بين الكُرد و الحكومة المركزية في العراق . و كانت وسائل الإعلام تتحدّث عن الانتصارات الكُردية عندما عرضتُ على البروفيسور جلبير لازارد, أستاذ الدراسات الإيرانية في فرنسا, أن أعدّ أطروحة دكتوراة في اللغة الكُردية تحت إشرافه, و قد قبل على الفور. كنت أول متقدّمة تعرض عليه أن تشتغل على اللغة الكردية, هذه الأرض البكر, المثيرة للاهتمام. وقد اظهر جيلبير لازارد أنه مشرف ممتاز ).. وتضيف جوسي (.. عندما قررت عام 1967 , في غمرة الحرب بين الثوّار الكُرد و الحكومة العراقية, أن أذهب إلى كُردستان العراق لكي أحصل على المادة اللغوية لأطروحتي, لقيتُ كل التشجيع. لم أكن الأولى. فقد سبقني إلى هناك عالم موسيقي فرنسي شاب يدعى جورج دريون برفقة زوجته في مغامرة لجمع الموسيقى اليزيدية, لكن وجودهما لم يعجب السلطات فقامت بطردهما خارج البلاد. ثمة شباب فرنسيون آخرون غامروا بالذهاب إلى هناك, لكن لن أذكر منهم سوى أصدقائي فرانسوا كزافييه ( مصوّر و صانع عدة ألبومات لكردستان العراق) و جان بيرتولينو ( مخرج سينمائي و صانع عدة أفلام وثائقية عن الكرد ) و جان برادييه (أستاذ المستقبل في السوربون) و برنار دوران (أحد سفراء المستقبل لفرنسا) وكذلك الصحفي و الاختصاصي الكبير في شؤون الشرق الأوسط إريك رولو و زوجته روزي و آخرون.
……
* هوامش من المصادر التي تم الاعتماد عليه في هذا الإعداد
1 – اعتمدت في إعداد هذا الموضوع على مواد ومقالات منشورة في غوغل ويوكيبيا؟
2 – عام 1914 تغير اسم مدرسة اللغات الشرقية ليصبح المدرسة الوطنية للغات الشرقية الحيّة, و في عام 1970 تمّ التصويت على ربط هذه المدرسة بجامعة السوربون و في عام 1971 أصبح اسمها المعهد الوطني للغات و الحضارات الشرقية(INALCO) و مازال قائما حتى الآن. و باللغة الدارجة يطلق عليها Langues’O
3 – و قد استخدمت في هذه الترجمة تسمية “مدرسة اللغات الشرقية” للإشارة إلى هذه المدرسة بكل مسميّاتها. المترجم]
4 – ولد هنري كورييل في مصر عام 1914 و قد أسّس عام 1943 الحركة المصرية للتحرر الوطني. طٌرد من مصر عام 1950 فأقام في فرنسا. و هناك تابع نضاله مع حركات التحرر الوطني و خاصة أثناء حرب الجزائر و انضم إلى شبكة دعم الجبهة الوطنية للتحرر التي فرنسيس جونسون. و في عام 1960 أسّس الحركة الفرنسية المناهضة للاستعمار و في عام 1962 أسّس مجموعة “تضامن”. و قد اغتيل في باريس في 4 أيار مايو 1978 .
5– بلو جويس (1962) الحدث القومي الكردي، بروكسل، بحث جامعي(ليسانس)، جامعة بروكسل الحرة، كلية الفلسفة و الآداب، معهد فقه اللغة و التاريخ الشرقي و السلافي, القسم الإسلامي .في رحيل جويس بلو اختزال لابد منه
إعداد: ليلى قمر
بدايةً لابدّ من الإقرار بفداحة الخسارة والحزن المشفوعة بوجعٍ وألمٍ شديدين لوفاة الكُردولوجية فرنسية الأصل والصديقة التي ظلّت متشبثة في تضامنها مع قضية الشعب الكُردي في أجزاء كُردستان الأربعة ، والتي سخرت وبدأبٍ شديد سنين طويلة، وبذلت جهوداً جبارةً، إن في نصرة القضية الكُردستانية، وكذلك في تسليط الضوء لابل والمساهمة الفعّالة في نقل اللغة والثقافة الكُردية من الواقع الشفاهي إلى التدوين الكتابي ! وفي العودة إلى حياة هذه الباحثة القديرة والتي قضت فترةً طويلة منها في مصر وتحديداً في مدينة القاهرة، ولتكون واحدة من الصدف الرائعة التي حدثت ،لابل وساهمت كرافعة ، لابل وبعبارة أدق، خلقت نقلة نوعية ليس في الخاصية الثقافية للشعب الكُردي ، بل في خلق بنية قوية ومتينة، وكجهدٍ معرفي أشبه ببرامج إعلامية سواءً للتعريف بالقضية ومن ثم توسيع دائرة الأصدقاء…. أجل! أن تلتقي جويس بلو وهي لما تزل طالبة دبلوم للغة العربية بعدُ في المدرسة الوطنية للغات الشرقية ، نعم أن تلتقي بالأمير كاميران عالي بدرخان في باريس ، حيث كان الأمير يدرّس ، والذي كان حينها نشطاً جداً ويبحث عن العون لقضية شعبه ويجهدٍ لإطلاع الشعب الفرنسي على وضع الكُرد في كل الأجزاء الكُردستانية ، وذلك قبل سنة من انقلاب العسكر في العراق سنة 1958 والإطاحة بالنظام الملكي في العراق , ذلك الأمر الذي ساهم في تحسين وضع الكُرد قليلاً، حيث تمّ الإعتراف بهويتهم القومية ، الأمر الذي بات كحدثٍ مهم في حياتهم . وفي ذلك الوقت كانت جويس بلو عضوة نشطة في مجموعة يسارية ، حيث عرضت على الأمير المساعدة في كيفية إعداد” النشرة الإعلامية لمركز الدراسات الكُردية” و نشر ” أخبار كُردستان”. حيث كانت تتمّ طباعتها على الورق المشمع بالآلة الكاتبة وتساهم في نشرها وتقدّم خدماتها أيضاً في مجال الدعاية بشكل خاص ، وهذا الجهد كان يبذل من قبل مجموعة يقودها هنري كورييل وجوسي عضوة فيها . ومن خلال هذه الأنشطة النضالية التقت مع الأمير كاميرات بدرخان . حيث كانت قد وصلت إلى فرنسا عام 1955 و سجّلت في مدرسة اللغات الشرقية عام 1956. و بعدها بثلاثة أعوام حصلت على شهادة في اللغات العربية والكُردية والفارسية من ذات المدرسة، وللعلم فقد وصلت جويس إلى فرنسا في ظروف صعبة حيث تمّ إبعادها تعسفاً وفي باريس كان هناك بعض الأصدقاء في استقبالها ، ومنذ ساعاتها الأولى جعلت من أولوياتها البحث عن مصدر قوت يوفّر لها سبل متابعة دراستها، وسجّلتِ في كلية اللسانيات / قسم اللغة العربية في مدرسة اللغات الشرقية، حيث تابعت الدراسة ، بعد أن أمّنت مصدر رزق في عمل يوفّر لها نفقات المعيشة ، وفي الجامعة وقع خيارها على تعلّم العربية، وبعد أن تمكّنت فيها توجّهت نحو الدراسات الإيرانية و اللغة الكُردية, وذلك كبديل لخيارها السابق في مجال إسلاميات ، وكان لتشجيع الأمير كاميران لها أثر ودعم غير محدود في ذلك وسجّلت في الجامعة من أجل إعداد أطروحة الدكتوراه (.. تحت إشراف البروفيسور جيلبير لازار Gilbert Lazard , عالم الإيرانيات الفرنسي الكبير, الذي اقترح عليه العمل على الوصف اللغوي للهجات الكُردية في العراق . و هنا أيضاً تلقّت الدعم . وبدأت نتائج عملها تبشّر بالخير . فشرعت بدراسة اللغات الإيرانية القديمة والحديثة واطّلعت على اللسانيات العامة. وفي الوقت نفسه على حد قولها ( كنت أكسب قوتي و أناضل ) . دخلتِ مدرسة اللغات الشرقية, قسم اللغة العربية في عام 1956 ؛ و من ثمّ بدأتِ بتعلّم اللغة الكُردية في هذه المدرسة ودرستِ أيضاً في بروكسل في مطلع الستينيات؟ .
كانت بلو تحضر الإجازة وشهادة الميتريز في اللغة العربية بجامعة بروكسل الحرة . وطالبت بأن تقوم بتحرير بحث الميتريز إلى القضية الكُردية . حيث أنهم يشكّلون جزءاً من العراق ( العربي ) وكان من حسن حظها قبول الموضوع ، وبالفعل تصدّت للموضوع واشتغلت عليه، وكانت بداية قوية لها وأيضاً كمدخل هام وكأول امرأة تقدّّم في جامعة أوربية منذ أكثر من ثلاثين عاماً حينها , إذ يعود تاريخ آخر دراسة جامعية نسوية إلى الثلاثينيات . وطبيعي ومن أجل إعداد هذا العمل أنه ساهم في تزايد التواصل ومن ثم المراسلات مع الأمير كاميران وبصورة منتظمة أكثر ، ومعها التواصل واللقاءات أيضاً فقد زارها ببروكسل برفقة زوجته ناتاشا .. وبكل فخر تقرّ جوسي بفضل الأمير كاميران الكبير عليها وبكل تواضع أيضاً تعترف بدوره الكبير ، فهو الذي جعلها على اتصال مع كُردولوجي رائع هو الأب الدومينيكاني توماس بوا الذي كان يعيش حينها في بيروت، ولتدخل معه في مراسلات طويلة. وبعد فترة قدّمت عملها إلى جامعة بروكسل الحرة[ كلية الفلسفة و الآداب, معهد فقه اللغة و التاريخ الشرقي و السلافي, القسم الإسلامي ] في حزيران \ تموز 1962. وفي ذات العام سجّلت مجدداً في مدرسة اللغات الشرقية من أجل دراسة اللغة الكُردية والفارسية، ومع الايام أخذت تظهر وبشكل جلي ذلك الشغف والرغبة الكبيرة في تعلم اللغة الكُردية لا محادثة بل لتوصيفها وتصنيفها كما ومقارنتها بالتقارن مع اللغات الأخرى ؟…
وفي هذه الخاصية لاحظت بأنّ ذلك لن يوفي بالمطلوب ، وإن أرادت التعمق الفعلي فعليها ألا تستغني عن تعلم الفارسية أيضاً ، وهذا إن أرادت اختراق جدار التهميش لتلك اللغات و وضعت نصب عينيها ضرورة الإطلاع على اللغات الإيرانية القديمة : الفهلوية و الفارسية القديمة و الأفيستية، ولكن ! دائما وفي هكذا جغرافيات مضطربة تبرز إحداثيات غير متوقعة ، حيث شهد النصف الثاني من ستينيات القرن الماضي الحرب بين الكُرد و الحكومة المركزية في العراق. وكانت وسائل الإعلام تتحدّث عن الانتصارات الكُردية عندما عرضتُ على البروفيسور جلبير لازار , أستاذ الدراسات الإيرانية في فرنسا , أن تعدّ أطروحة دكتوراة في اللغة الكُردية تحت إشرافه , وقد قبل على الفور. وكانت أول متقدّمة تعرض عليه أن تشتغل على اللغة الكُردية , هذه الأرض البكر المثيرة للاهتمام . وقد أظهر جيلبير لازارد أنه مشرف ممتاز . وقد أظهرت جيلبر كل الشجاعة ورباطة الجأش عندما قرّرت عام 1967 , في غمرة الحرب بين الثوّار الكُرد و الحكومة العراقية , أن تذهب إلى كُردستان العراق لكي تحصل على المادة اللغوية لأطروحتها , حيث لقيتُ كل التشجيع . وتبيّنت بأنها لم تكن الأولى . حيث كان قد سبقها إلى هناك عالم موسيقي فرنسي شاب يدعى جورج دريون برفقة زوجته في مغامرة لجمع الموسيقى اليزيدية , لكن وجودهما لم يعجب السلطات فقامت بطردهما خارج البلاد ، وكان ثمة شباب فرنسيون آخرون غامروا بالذهاب إلى هناك , لكن – على حد قولها – ( لن أذكر منهم سوى أصدقائي فرانسوا كزافييه لوفا ( مصوّر وصانع عدة ألبومات لكُردستان العراق ) و جان بيرتولينو ( مخرج سينمائي و صانع عدة أفلام وثائقية عن الكُرد ) وجان برادييه ( أستاذ المستقبل في السوربون ) و برنار دوران (أحد سفراء المستقبل لفرنسا ) وكذلك الصحفي والاختصاصي الكبير في شؤون الشرق الأوسط إريك رولو وزوجته روزي وآخرون ) . وفي عام 1914 تغير اسم مدرسة اللغات الشرقية ليصبح المدرسة الوطنية للغات الشرقية الحيّة, و في عام 1970 تمّ التصويت على ربط هذه المدرسة بجامعة السوربون وفي عام 1971 أصبح اسمها المعهد الوطني للغات والحضارات الشرقية (زINALCO ) ومازال قائماً حتى الآن . وباللغة الدارجة يطلق عليها Langues’O
[ و قد استخدمت في هذه الترجمة تسمية “مدرسة اللغات الشرقية” للإشارة إلى هذه المدرسة بكل مسميّاتها. المترجم] [4] – وللدور البارز الذي لعبه هنري كورييل في مصر عام 1914 فقد أسّس عام 1943 الحركة المصرية للتحرر الوطني، وعلى إثرها طٌرد من مصر عام 1950 فاستقرّ في فرنسا . و هناك تابع نضاله مع حركات التحرر الوطني و خاصةً أثناء حرب الجزائر و انضمّ إلى شبكة دعم الجبهة الوطنية للتحرر التي قادها فرنسيس جونسون. و في عام 1960 أسّس الحركة الفرنسية المناهضة للاستعمار و في عام 1962 أسّس مجموعة “تضامن”. و قد اغتيل في باريس في 4 أيار مايو 1978 . [5] – بلو، جويس (1962) الحدث القومي الكُردي، بروكسل، بحث جامعي(ليسانس)، جامعة بروكسل الحرة، كلية الفلسفة و الآداب، معهد فقه اللغة و التاريخ الشرقي و السلافي, القسم الإسلامي. [6]– بلو، جويس(1973) اللغة الكُردية، لهجة العمادية و جبل سنجار, باريس, أطروحة دكتوراة في اللسانيات, جامعة السوربون, تحت إشراف البروفيسور جيلبير لازار .تقول جويس بلو في هذا الجانب : غالباً ما يكون للمصادفة محاسنها في الحياة. ففي عام 1959 التقيت بالأمير كاميران عالي بدرخان في باريس. و كنت حينذاك طالبة في المدرسة الوطنية للغات الشرقية الحية حيث كنت أحضّر دبلوماً في اللغة العربية. و كان الأمير يدرّس في المدرسة ذاتها . كان حينها يبحث عن العون والدعم لإطلاع الشعب الفرنسي على وضع الكُرد , خاصة في العراق. وقبل ذلك أي بعام 1958, أطاح انقلاب قاده ” الضباط الأحرار” بالمَلَكية في العراق, وعلى إثره تحسّن فتم الاعتراف بهويتهم القومية، وكانت جيلبر حينها عضوة في مجموعة يسارية مناضلة،وعبرها عرَضَت المساعدة على الأمير، وليتركّز اهتمامهم في إعداد” النشرة الإعلامية لمركز الدراسات الكُردية” و نشر ” أخبار كُردستان، وكانوا يطبعون المواد التي تصلهم من الأمير على الآلة الكاتبة مستخدمين الورق المشمّع, يقدّمون المساعدة على نشرها. وكذلك الخدمة في مجال الدعاية بشكل خاص، نعم وقد أكّدت مراراً وبمناسبات عدة بأنها : ( هكذا التقيت بالأمير بدرخان الذي حدّثني عن الكُرد و عن القضية الكُردية ويعد هذا أول احتكاك لي بالعالَم الكُردي) . وبعد أن وصلت إلى فرنسا عام 1955 سجّلت في مدرسة اللغات الشرقية عام 1956. و بعدها بثلاثة أعوام حصلت على شهادة في اللغة العربية. كذلك حصلت على شهادة في اللغتين الكُردية والفارسية من ذات المدرسة . وهنا لنقرأ ما كتبته هي في توصيف هذه المرحلة ( وصلت إلى فرنسا في ظروف صعبة. لقد تمّ إبعادي من مصر , فوجدتني في باريس حيث استقبلني بعض الأصدقاء. و على الفور كان عليّ أن أكسب قوتي و أن أجد منحى جديد لحياتي فشجّعني هنري كورييل على متابعة الدراسة. فسجّلت مباشرةً في قسم اللغة العربية في مدرسة اللغات الشرقية حيث تابعت الدراسة التي أتاحت لي بعض الوقت للعمل , و مثل كثير من الطلبة , اشتغلت في أعمال تؤمّن لي نفقاتي : فعملت كسكرتيرة بدوام جزئي لدى دور النشر و كمحاسبة في شركة صغيرة…) و تضيف (.. رغم أنني لم أتعلّم في مصر سوى المبادئ الأولية للعربية.. ولكنها كانت حاضرة.. بالأحرى تعلّمت القراءة فحسب و لم أتعلّم فكّ رموز اللغة العربية. لكنني عشت في عالم إسلامي و هذه المعرفة بالعالم الإسلامي قدّمت لي عوناً لا حدود له.. لقد كانت هذه التجربة مهمة. و بعد أن تمكنّتُ من العربية, توجّهت نحو الدراسات الإيرانية و اللغة الكُردية, بدلاً من متابعة دراستي في مجال اسلاميات . و قد شجّعني الأمير كثيراً على ذلك، فأنا – له – على الدعم غير المحدود.. وعليه فقد قامت بالتسجيل في الجامعة من أجل إعداد أطروحة دكتوراه تحت إشراف البروفيسور جيلبير لازار , عالم الإيرانيات الفرنسي الكبير واقترحت عليه العمل على الوصف اللغوي للهجات الكُردية في العراق . و هنا أيضا تلقت الدعم، وبدأ عملها يبشّر بالخير. وشرعت بدراسة اللغات الإيرانية القديمة و الحديثة واطّلعت على اللسانيات العامة. و في ذات الوقت السعي لكسب قوتها والنضال أيضاً …. وبالفعل فقد كانت جويس بلو تحضّر الإجازة و شهادة الميتريز في العربية في جامعة بروكسل الحرة. وهنا طالبت أن توجه بحث الميتريز الى القضية الكُردية. ذلك أن الكُرد يشكّّلون جزءاً من العراق البلد العربي, ووافق المشرف على ذلك . فكانت بدايتها لدراسة المشكلة الكُردية . وكانت المرأة الأولى التي تقدّم بحثاً في جامعة أوربية حينها منذ أكثر من ثلاثين عاماً, إذ يعود تاريخ آخر دراسة جامعية إلى الثلاثينيات. و من أجل إعداد هذا العمل تقول ( اخذت أراسل الأمير كاميران بصورة منتظمة. أتذكّر أنّه جاء لرؤيتي في بروكسل برفقة زوجته ناتاشا و … أنا أدين له بالكثير في عملي. فالأمير كاميران جعلني على اتصال مع كردولوج رائع هو الأب الدومينيكاني توماس بوا الذي كان يعيش حينها في بيروت فدخلت معه في مراسلات طويلة. و قد قدّمت عملي إلى جامعة بروكسل الحرة[ كلية الفلسفة و الآداب, معهد فقه اللغة و التاريخ الشرقي و السلافي, القسم الإسلامي] في حزيران\تموز1962. وفي ذات العام قامت بالتسجيل مجددا في مدرسة اللغات الشرقية من أجل دراسة اللغتين الكُردية و الفارسية وتقول جويس بلو وكإختزال لامور كثيرة وبشكل خاص في إلزامية خيار التخصص بإحدى اللغات : (… لم يكن ذلك أمراً ملزماً. لقد كان طموحي أن أتعلّم الكُردية لا للتحدّث بها فحسب بل لوصفها أيضاً و في هذا الإطار كان عليّ أن أمضي أبعد من ذلك بكثير. فما كان لي أن أستغني عن تعلّم الفارسية, اللغة العصرية الأهم في العالم الإيراني, كذلك كان من المفيد لي أن أطّلع على اللغات الإيرانية القديمة: الفهلوية و الفارسية القديمة و الأفيستية ..) . وفي مطلع النصف الثاني من الستينيات ( اشتد اوار الحرب بين الكُرد و الحكومة المركزية في العراق . و كانت وسائل الإعلام تتحدّث عن الانتصارات الكُردية عندما عرضتُ على البروفيسور جلبير لازارد, أستاذ الدراسات الإيرانية في فرنسا, أن أعدّ أطروحة دكتوراة في اللغة الكُردية تحت إشرافه, و قد قبل على الفور. كنت أول متقدّمة تعرض عليه أن تشتغل على اللغة الكردية, هذه الأرض البكر, المثيرة للاهتمام. وقد اظهر جيلبير لازارد أنه مشرف ممتاز ).. وتضيف جوسي (.. عندما قررت عام 1967 , في غمرة الحرب بين الثوّار الكُرد و الحكومة العراقية, أن أذهب إلى كُردستان العراق لكي أحصل على المادة اللغوية لأطروحتي, لقيتُ كل التشجيع. لم أكن الأولى. فقد سبقني إلى هناك عالم موسيقي فرنسي شاب يدعى جورج دريون برفقة زوجته في مغامرة لجمع الموسيقى اليزيدية, لكن وجودهما لم يعجب السلطات فقامت بطردهما خارج البلاد. ثمة شباب فرنسيون آخرون غامروا بالذهاب إلى هناك, لكن لن أذكر منهم سوى أصدقائي فرانسوا كزافييه ( مصوّر و صانع عدة ألبومات لكردستان العراق) و جان بيرتولينو ( مخرج سينمائي و صانع عدة أفلام وثائقية عن الكرد ) و جان برادييه (أستاذ المستقبل في السوربون) و برنار دوران (أحد سفراء المستقبل لفرنسا) وكذلك الصحفي و الاختصاصي الكبير في شؤون الشرق الأوسط إريك رولو و زوجته روزي و آخرون.
……
* هوامش من المصادر التي تم الاعتماد عليه في هذا الإعداد
1 – اعتمدت في إعداد هذا الموضوع على مواد ومقالات منشورة في غوغل ويوكيبيا؟
2 – عام 1914 تغير اسم مدرسة اللغات الشرقية ليصبح المدرسة الوطنية للغات الشرقية الحيّة, و في عام 1970 تمّ التصويت على ربط هذه المدرسة بجامعة السوربون و في عام 1971 أصبح اسمها المعهد الوطني للغات و الحضارات الشرقية(INALCO) و مازال قائما حتى الآن. و باللغة الدارجة يطلق عليها Langues’O
3 – و قد استخدمت في هذه الترجمة تسمية “مدرسة اللغات الشرقية” للإشارة إلى هذه المدرسة بكل مسميّاتها. المترجم]
4 – ولد هنري كورييل في مصر عام 1914 و قد أسّس عام 1943 الحركة المصرية للتحرر الوطني. طٌرد من مصر عام 1950 فأقام في فرنسا. و هناك تابع نضاله مع حركات التحرر الوطني و خاصة أثناء حرب الجزائر و انضم إلى شبكة دعم الجبهة الوطنية للتحرر التي فرنسيس جونسون. و في عام 1960 أسّس الحركة الفرنسية المناهضة للاستعمار و في عام 1962 أسّس مجموعة “تضامن”. و قد اغتيل في باريس في 4 أيار مايو 1978 .
5– بلو جويس (1962) الحدث القومي الكردي، بروكسل، بحث جامعي(ليسانس)، جامعة بروكسل الحرة، كلية الفلسفة و الآداب، معهد فقه اللغة و التاريخ الشرقي و السلافي, القسم الإسلامي .
المقال منشور في جريدة يكيتي العدد “326”