في مئوية اتفاق لوزان
وليد حاج عبدالقادر/ دبي
بدايةً لابدّ من كلمة أن تقال وخاصةً وقد _ دفعني بالفعل مشكوراً الصديق فؤاد عليكو _ دفعاً للعودة إلى كتابة المقال بعد فترةٍ طالت كنت أحتمي وأتهرّب إن من إبداء تصريح أو خوض جدل و دائماً حجتي كانت هي كتاباتي الخاصة و.. كان أن أقنعني بالفعل وكتطابق عملي مع اهتمامي الكبير إن بالتراث أو التاريخ وبالتالي _ وكنتاج فعلي لشغفي منذ سنين الطفولة إلى هذا الزمن المعبّأ بالمراجع والمصادر ومن ثم خروج خاصة الوثائقيات منها لدول كانت لها اليد الطولى ان في الأرشفة أو التطبيق العملي ميداني ، هذا الحافز الذي مهّد وبالفعل _ كرغبة شخصية _ في العودة ورقياً إلى بعض من المراجع المهمة جداً من جهة أو الإستعانة بغوغل و.. من ثم صياغة لا المواضيع بقدر ماهي الوجوم حيناً والتأمل صمتاً ومن ثم العودة في الحقيقة إلى ذات التساؤل بعيداً عن منهجيات النظم التعليمية المؤدلجة بصيغ متفاوتة نوعاً ما سواءً منها إلى الصدقية الممارسة حيناً أو الفاقدة لها في غالبيتها ، وهنا علي التوكيد بأن أول مالفت نظري _ وكمقارن هنا _ هي ظاهرة الإجتزاء المعرفي المتقصد من ناحية وذلك بقصقصة المعلومة / الحقيقة التاريخية كمثال _ أو تزييف وتشويه المعلومة سواءً بطمس الإنتمائية إن جاز التعبير ، أو تمويهها.
هذه الأعمال التي تقوم بها مؤسسات عديدة تابعة للنظم الغاصبة لكُردستان والتي تديرها مؤسسات تتبع اليد العميقة فيها ويديرها أشخاص غارقون في حقدهم الفظيع وبالتالي يمارسون أشنع أنواع التدليس التاريخي وذلك على أرضية النفي المطلق لأية وجود لموروث إرثي للكُرد وكُردستان في إطار خارطتهم الخيالية ، وهنا لابدّ لي من أن أذكّر كثير من الأصدقاء بظاهرة جد هامة ! والذين لربما كانوا قد لاحظوا في حالات عديدة تداخل بعض من الحيثيات! ومن ثم تناقضها ( فيما كنت أستخلصه) مثبتاً بالمراجع وحتى الأسطر ورقم الصفحة واسم الكاتب ومؤلفه برقم وسنة طباعتها ، ناهيك _ وهذه من ناحية ثانية _ عن صدمتي المعرفية شخصياً كوني / كنت قد قضيت سنيناً وتشاركت علمياً إن في دراسة أو تدريس هذا الشكل من التزليف المعرفي!..
ولعلّ مطّ الخرائط وشدها طولاً وعرضاً وعلى حساب تقليصها _ مطها من جهة أخرى هي من أكبر الكبائر معرفياً ومهنياً إضافة إلى التزييف والتشويه، ولترتقي في حالات كثيرة إلى درجة التزوير المتعمد، وهنا وللتوكيد على هذه النمطية ومن جديد بمنهجية متقصدة وكإسقاط نظري للعودة إلى ذاتها البنية التكتونية التي تشكلت خرائطياً وبجغرافيا ظلت ركائزها هي ذاتها نظام الولايات العثمانية من جهة وتقاطعات ملوك الفرس شرقاً وهنا _ أحدّد كخيار شخصي لي ما احوطه جغرافياً بكُردستان _ ولأعود بها إلى ذاتها الولاية المصونة و : ثانية إلى عينها _ وسأتقصّد لا قفزاً على مصداقية او حقائقية التاريخ والذي يفترض بانني أستقي _ منها _ الغالبية العظمى من الأرشيف الذي وفرته بالتوثيق مكاتب دوائر الحكومات التي اعتنت وباهتمام كبير في مستقبل الإمبراطورية العثمانية وبضمنها أرشيفها هي والموثق من تاريخ تلك المرحلة سيما والدولة العثمانية كانت في انعطافتها القاسية نحو الزوال وسأركز كعناوين بارزة على مفاهيم وتفاهمات سبقت اتفاق سايكس وبيكو وأيضاً.
وهنا سأجزم في العودة إلى مراسلات حسين ومكماهون وبالتالي ما تمخّض عنها أيضاً تلك الاتفاقية المعروفة باسم موقّعيها الأمير فيصل بن الحسين شريف الحجاز وكليمنصو وزير خارجية فرنسا حينها والتي حدّدت إطار جغرافية أو حدود سوريا المعرفة كانت والتي ستنالها فرنسا لاحقاً وبعد ضغط فرنسي شديد ضمت لها ميناء اللاذقية، والأمر لم يتوقف عند هذا الحد بقدر ما أصبح الخيار مفتوحاً بين إنكلترا من خلال وزير مستعمراتها في الهند وفرنسا التي قدمت ذاتها كحامية لحقوق المسيحيين في لبنان، أما في خاصية العراق المتعارف عليها أصلاً والمشكلة أصلاً من ولايتي البصرة وبغداد وتمتدّ إلى شمال الشرقاط بحوال عشر كيلومترات، والخاضعة كانت بشكّل مباشر لسيطرة جيش دجلة التي كانت مقر قيادتها في الرمادي، أما من شمالي الشرقاط وحتى شهرزور ولتغطّي كامل المناطق التي أسميها بكُردستان والمعرفة خرائطياً حتى مناطق _ دشتا سروجي ومنها خليج اسكندرون وحتى إلى سلسلة ماكانت تسمى بجبل الأكراد والتي تمّ تغيير اسمها إلى جبال العلويين.
وهنا ولمن سيتساءل معرفياً وكتوثيق تاريخي ماعليه سوى العودة مجدداً إلى مخرجات مراسلات حسين ومكماهون وسبب رفض الأخير لضمّ هذه المنطقة إلى مملكته / دولته العربية حيث ردّ مكماهون على الشريف حسين وبكل بساطة لأنّ سكانها ليسوا عرباً ولايتكلّمون العربية، هذه العبارة المجتزأة من التاريخ العربي المدون ولكن المثبتة في أصل الوثائق ومراسلات تلك المرحلة، والتي تتمّ إخفائها عمداً وبشكل ممنهج في التشكل التاريخي المسيس وطبيعي أنني أعني بها قضية كُردستان وشعبها، هذا الأمر الذي تفاعل بشكل أكبر خاصة بعد ثورة البرزنجي وإعلانه لمملكة كُردستان ومازامل تلك الفترة إن من اتفاقية سيفر ومن ثم مخرجات نتاىج المفاوضات.
وذلك الحوار ومقصات التقسيم كانت نشطة رغم العبث في لوزان ومع اشتداد التأزم خاصةً بعد ترحيل فيصل بن الحسين إلى بغداد ملكاً على ولايتي بغداد والبصرة، وإبقاء ازمة كُردستان _ المعربة كتأريخ بمسمى أزمة الموصل والتي قررت عصبة الأمم أن تدعو شعبها إلى استفتاء تحدّد هي فيها مصيرها، وتختار أما الاستقلال أو البقاء ضمن العراق، والتي على الرغم من خيار الغالبية المصوتة على خيار حق بتقرير المصير إلا أنه تمّ التوافق على أن تبقى ضمن خارطة العراق، حيث كانت هناك خشية كبيرة من عوامل ثلاث ارتبطت بداهة من نقطة تحديد منطقة واختيارها كوطن قومي لليهود والتي ظلّت ولاية بغداد حتى فترة طويلة الخيار الأمثل وبالفعل بدأت حملة دعائية بالترافق مع إطلاق حملة لتوجيه موجات هجرة مكثفة لهذه الغاية إلى مدينة بغداد وبعد فترة وجيزة كان اليهود قد استحوذوا على أهم المناطق في أحياء بغداد وكذلك مناطق النفوذ الاقتصادي، ولكنها في ذات الوقت كادت أن تخلق مشكلة كبيرة لإنكلترة، لابل وفّرت فرصة كبيرة لإمكانية حدوث التصادم العنيف بين الشيعة واليهود من جهة ووسط وجود مشكلة تصادمية أصلاً بين السنة والشيعة.
وهنا يتحتّم العودة كُردياً إلى استفتاء عام 1925 والنجاح الناجز الذي حقّقه وبنسبة عالية جداً من الموافقين على حق تقرير المصير! إلا أن خيار البقاء ضمن دولة العراق هو الذي ركّزت عليه الحكومة البريطانية ومعها أيضاً حكومة بغداد واسبابها لم تكن غائبة بالمطلق وذلك على حساب كُردستان وشعبها ليصبحوا من خلال بقاء الكُرد ضمن العراق أكثرية و : لتمارس _ السنة _ أبشع أنواع الاستبداد ومساعي التحكم بكُردستان وشعبها.
حيث تمّ اجهاض نتائج الاستفتاء من جهة وتمّت إخضاع الإقليم إلى عمليات قصقصة عديدة فيما سمي بحدود الدول التي تشكّلت إن على انقاضها أو بقسم الحق بها وأعني بهما دولتا العراق وسوريا وناتج خارطتيهما اللتين خضعتا لعمليات تسويات متعددة اغفلتها وثائقيات الدول المحدثة على أنقاضها وأعني بها دول العراق وسوريا وتركيا..
…..
* ملاحظة هامة : كل الوثائق والدراسات كما الوقائع تصرخ بحقيقة الإقرار والإعتراف باستقلال كُردستان وبالفعل فقد كانت / كادت عصبة الأمم أن تقرّها لولا تدخلات اللحظات الأخيرة وعلى قاعدة ألا تقسم العراق على أساس مذهبي وكذلك موضوعة الطيف العلوي على ساحل المتوسط التي منحت تركيا وأيضاً في الجانب العراقي إيران فرص التحكم والإستئثار و… لتتوزع كُردستان أرضاً وشعباً على أربعة دول..
* يمكن بكل بساطة التوسع في مخرجات وتفاهمات الشريف حسين و ومكماهون وبالتالي ذهاب ابنه فيصل إلى فرنسا ومخرجاته مع وزير خارجية فرنسا حينها كليمنصو.
المقال منشور في جريدة يكيتي العدد “328“