“مفوضية اللاجئين” توقف تسجيل السوريين كلاجئين بطلب من الحكومة اللبنانية
قالت ممثلة المفوضية العليا للاجئين التابعة للأمم المتحدة (UNHCR) ، في لبنان، “ميراي جيرار” إن لبنان توقف عن استقبال سوريين بصفة لاجئين منذ مطلع 2015، مشيرة أن عددهم انخفض أكثر من 100 ألف منذ يوليو/ تموز الماضي، نتيجة توقف المفوضية عن تسجيل لاجئين جدد بطلب من الحكومة اللبنانية.
وشددت “جيرار”، أن “معظم المهاجرين السوريين إلى أوروبا يأتون من داخل سورية وليس من دول الجوار”، وأوضحت أن “ليس هناك لاجئين جدد يدخلون لبنان.. توقف تسجيل اللاجئين (لدى المفوضية) لأن الحكومة اللبنانية طلبت وقف التسجيل، ما جعل الرقم ثابتاً”.
وأضافت أن “الدخول إلى لبنان من سورية منذ يناير/ كانون الثاني الماضي صار خاضعاً للتأشيرة، وهذا أمر لم يكن معمولاً به من قبل، لذا فدخول الناس إلى لبنان كلاجئين أمراً محدوداً جداً باستثناء بعض الحالات الإنسانية وهذا أمر نادر جداً”.
ولفتت إلى أن “هذا لا يعني انخفاض أعداد اللاجئين السوريين في لبنان لأن السياسة المتبعة لا تؤدي إلى خفض عددهم، لكن ما يحصل أن هناك انخفاضاً طبيعياً في عدد اللاجئين لأسباب مختلفة”.
وأوضحت ذلك بقولها: “بعض اللاجئين يغادرون من أجل إعادة توطينهم في بلدان أخرى، بعضهم يحصلون على فيزا للم الشمل مع عائلاتهم ويغادرون، هناك الوفاة الطبيعية وهذا يعني شطبهم من قوائمنا، وهناك أشخاص لم يعودوا موجودين أبداً”.
ولفتت إلى أنه على كل لاجئ أن يزور المفوضية كل مدة لتجديد أوراقه، فإذا لم يحصل ذلك “نزورهم في منازلهم أو أماكن إقامتهم نسأل عنهم جيرانهم طوال أسابيع وحين نتأكد بأنهم لم يعودوا هنا نقوم بشطبهم”.
وأضافت جيرار “قمنا العام الحالي بشطب أكثر من 100 ألف لاجئ، وهو عدد يفوق عدد الذين شطبناهم السنة الماضية، لكن الفرق أن التسجيل لم يتوقف العام الماضي على عكس السنة الحالية، ما أدى في النهاية إلى انخفاض العدد الكلي”.
وبيّنت أنه حين استلمت مهامها في لبنان أواخريوليو/ تموز الماضي “كان هناك 1.2 مليون لاجئ سوري مسجلين (لدى المفوضية) والآن أصبح العدد 1.078 مليونًا”، وقالت إنه “بعد عدة أشهر على وجودي هنا أدركت حجم المشكلة بالنسبة للبنان، الذي استقبل أكثر من مليون من اللاجئين، بينما عدد سكانه 4 ملايين، وهذه أعلى نسبة كثافة من اللاجئين نسبة إلى عدد السكان في أي بلد في العالم”.
وحذرت من أن قدرة اللاجئين على الصمود تقل “ومن كانت لديهم مدخرات فقدوها بعد 3-4 سنوات في المنفى”، وأشارت إلى أن المفوضية تبذل جهوداً مضنية لتلبية الحاجات، مشيرة إلى أن “المساعدات الإنسانية لا تتلاءم مع تزايد حاجات اللاجئين”، بالإضافة إلى فصل الشتاء المقبل، ورأت أنه نتيجة كل هذه الضغوطات “يمكنك أن تفهم لماذا يتخذ اللاجئون قرارات يائسة بالتوجه نحو المتوسط ويحاولون ترك لبنان والأردن” إلى أوروبا.
وتابعت أن “شتاء السنة الماضية كان قاسياً بشكل استثنائي واستمر لخمسة أشهر على عكس المعتاد في لبنان”، حيث توفي عدد من اللاجئين السوريين نتيجة موجات البرد القارس، وشددت على “أننا نحرص هذا الشتاء على أن نكون مستعدين جيداً لنوفر الأمان الأقصى الممكن(…) سيكون الشتاء كارثياً إذا لم نكن مستعدين”.
وأشارت إلى أن المفوضية تساعد عبر مد اللاجئين بعوازل للخيم من المطر والبرد كما تزودهم بالمازوت للتدفئة، بالإضافة إلى بطانيات وألبسة شتوية إضافية، كاشفة أن “شبكة الأمان ستغطي هذه السنة 900 ألف لاجئ وهذا الرقم تقريباً يشمل كل اللاجئين في لبنان مقارنة ب 600 ألف لاجئ فقط تلقوا مساعدات لمواجهة الشتاء العام الماضي”.
وقالت جيرار إن “النية الطيبة” متوافرة في التعاون مع الحكومة اللبنانية “المحبطة من استقبالها عدداً كبيراً من اللاجئين، من دون أن يكون مستوى المساعدات مطابقاً للحاجات، التي يجب تغطيتها وضمنها تنمية لبنان ودعم بناه التحتية كالخدمات الصحية والتعليمية لتكون قادرة على امتصاص هذا العدد الإضافي من الناس”.
وشددت على أن حاجات لبنان في هذا الإطار متنوعة، مع ضرورة وجود “برامج دعم مستدامة تستمر سنوات لتدعم البنى التحتية وذلك بانتظار حلول السلام في سورية يستطيع الناس العودة الى ديارهم”، ورأت أن “الطريقة الوحيدة” لحل مشكلة هذا العدد الكبير من اللاجئين في لبنان هو “حصول هؤلاء اللاجئين على قبول رسمي بإعادة توطينهم في بلد ثالث لأنه من غير الآمن لهم أن يعودوا إلى سورية”.
ونوهت أن “هناك العديد من البلدان التي عرضت إعادة توطين لكن حتى الآن فإن عدد من جرى توطينهم لا يتعدى بضعة آلاف. وبالنسبة للبنان فهذا الرقم لا يشكل أي فرق”، وكشفت أن المفوضية بدأت “تلقي عروض لإعادة التوطين من بلدان جديدة وبعضها بلدان ليست بالعادة بلداناً لإعادة التوطين، مثل دول في أميركا اللاتينية بالإضافة إلى بلدان أوروبية، لم تكن تعتمد سياسة إعادة التوطين والآن تعيد دراسة الوضع. وهذا ما يجعل الناس يغادرون من هنا بأمان بدلاً من الهجرة من دون أمان عن طريق المهربين في البحر”.
وأكدت في هذا الإطار أن “سياسة المفوضية في برنامج لإعادة التوطين تقوم على رفض أي نوع من التمييز…إعادة التوطين هو برنامج إنساني لا يأخذ بالاعتبار الدين أو قدرات الناس المهنية.. هذا ليس برنامجاً للهجرة، وهو لمساعدة اللاجئين الأكثر هشاشة وتأمين مأوى آمن لهم، على هذا الأساس نقوم بإعادة توطين اللاجئين”.
وأوضحت أن “غالبية السوريين الذي يهاجرون إلى أوروبا اليوم يأتون مباشرة من داخل سورية، عبر لبنان لكن ترانزيت لمدة 24 ساعة فقط ولا يمكثون هنا، بالإضافة لأعداد كبيرة ممن يسكنون لبنان”، ولفتت أن “هؤلاء الذي يأتون من سورية، يخرجون بعدما حاولوا البقاء في بلادهم أكبر فترة ممكنة، لكنهم الآن قلقون من الوضع غير المستقر ولا يريدون المخاطرة بحياتهم سنة أخرى”.
وشددت جيرار على أنه لا يمكن وضع حد لمعاناة اللاجئين من دون حل سياسي في سورية، وأضافت “الأمر واضح جداً: لا يمكن حل الصراعات إلا بالوسائل السياسية، يمكن للعاملين في الإغاثة الإنسانية أن يعالجوا تداعيات النزاع لكننا لسنا في وضع يسمح لنا بحل الازمة السياسية”.
وأشارت أنه “يجب أن تحل القضية السورية مع كل الأطراف المعنية ودعم المجتمع الدولي لإيجاد الحل السياسي وعندها يمكن للمنظمات الإنسانية أن تساعد في مسائل مثل تأمين عودة اللاجئين في البلدان المجاورة حين يكون هناك وضع آمن يسمح بعودة هؤلاء”، وحذرت إلى “أننا لسنا في نهاية النفق، ينتظرنا الكثير من التحديات، ولا نعرف ماذا سيجري في سورية، ربما سيكون هناك المزيد من التهجير”.
الأناضول