الكوردي الناجح .. أحبُ عند الله من العربي الفاشل
أنور الحمداني
رحم الله معين بسيسو القائل : انتصر صلاح الدين فكان بطلا عربيا ً.. ماذا لو هزم صلاح الدين ؟ لكان جاسوساً كردياً .. انها الحقيقة التي اتسمت بها العلاقة العربية تجاه الكورد على مر العصور بل ومع الاقوام الاخرى.. وفات (( العربي )) فيها الكثير ، برغم ان الله عز وجل اراد له عكس ذلك ، وانزل القرأن بين ظهراني العرب ليحملوا بأسمه سبحانه لواء مكارم الاخلاق التي اتمها النبي الاكرم (( محمد )) صلى الله عليه وسلم ، بنزوله اليهم من غار حراء حاملاً شعلة الاسلام بالله ، نحن العرب نتميز بنظرتنا الفوقية للاقوام الاخرى ، وهذه السمة لم تغادرنا اطلاقاً لاسباب بنوية في شخصيتنا ، ولربما اخذناها من ابناء عمنا اليهود ، انا لاامزح بل احاول استشعار المكارم الاخلاقية التي اراد الله لنا ان نكملها كعرب في انفسنا قبل غيرنا ، ولماذا عز وجل جعل (( التكبر )) من العيوب التي لاتتم الاخلاق بدون مغادرتها ولايدخل الجنة من كان في قلبه ذرة منها ، ولماذا حملنا نحن العرب مسؤولية رسالته الاخلاقية للبشرية ككل دون غيرنا وطلب من نحن بالذات نشرها بين الامم ، السبب واضح وبسيط ، لاننا لو صلحت اخلاقنا وحكمنا عقلنا ، استطعنا اقناع الاخرين بالايمان بالله ، ولو فسدت اخلاقنا ، وتغابت عقولنا، لن تنفعنا او تقنعنا كل الاديان ، فبدأ الله بنا ، وانتهينا بضياع انفسنا .!!
الله عز وجل لم يميزنا بالعقل (( كعرب )) على غيرنا اطلاقاً كما اعتقد اليهود عن انفسهم قبلنا ، بل جعل العقل مفتاحاً لحياة اي انسان ليميزه عن النبات والجماد والحيوان ، ولذلك كم من عاقل فاهم ذكي ليس بعربي ، وكم من متشدد طائفي فاشل كان بالاصل عربي ؟!! ، الكثير اليس كذلك .. فلهذا من يحاول ان يقلل من شأن الكورد وتجاربهم السياسية مثلاً ، عليه ان يراجع نفسه بميزان النجاح والفشل ، فمن ظهر وكتب ونشر وانتقد ، الاتفاقية الامنية التي وقعتها حكومة اقليم كوردستان مع الولايات المتحدة يوم 12 تموز الحالي بحضور السيد مسعود بارزاني رئيس اقليم كوردستان ومساعدة وزير الدفاع الاميركي ايليزا سلوتكين ، عليه هذا السياسي العربي المحنك او تلكم النائبة العربية المحنكة ، ان تخبر جمهورها العربي بشكل صريح وهي تجمع الحطب لاشعال فتنة قومية وطائفية جديدة ، ماالعيب في توقيع الاتفاقات الامنية مع امريكا او غيرها ، ماالمشكلة في ان يحمي الكورد اقليمهم ، الذي لجأ اليه مليونا عربي سني وشيعي ..!! ولماذا لم ينجح سياسيونا بحماية امننا نحن العراقيون العرب لكي لانلجأ عند غيرنا !!
ولماذا تنتقصون من نجاح الاخرين لتبرير فشلكم ، وكأنكم بذلك الى الله تتقربون ، وحاشا لله لكم في ذلك قربى .
واعلموا ايها السياسيون العرب ، من مواطن عراقي عربي ، ان نظرتنا الفوقية على مر العصور دفعنا من اجلها ثمن كبير وباهظ ، وان الكويت الصغيرة جمعت امم الارض لتخرجنا من ارضها (( بحكمة وفلوس حكامها )) وبقلة حيلتنا، وان ايران سيطرت على مفاصل قرارنا السياسي عبر الاحتواء والالتواء في الاعوام الاخيرة ، مع اننا دفعنا عن استقلالية ذالكم القرار الوطني مليون شهيد على مدى ثماني سنوات سبقتها ، وان داعش بدأ بلملوم صغير واحتل نصف العراق ، والسبب .. هو ان التكبر الذي قادنا دوماً للتغابي عن الوقائع على الارض و لاننا عشنا في اجترار الاكاذيب يومياً نروي فيها لصغارنا بطولت زائفة ، لم تكن سوى احلام مخملية في ليالينا البائسة .
واخيراً .. اعلموا يرحمكم الله .. لن يعود بيننا عنترة ، ولن ينفعنا الشاطر حسن ولا ابو زيد الهلالي ، تنفعنا تقوى الله فقط بأنفسنا، وان نعمل بالعقل الذي وضعه سبحانه فوق هاماتنا ، وان لايقودنا ويتحكم بنا الجهلة مجدداً ، بحجة انهم يصلون بأسمنا ، ويخمسون لاجلنا ، ويتدروشون حولنا ، ويلطمون نحونا، اتقوا الله ياعرب . وادرسوا منهجية العقل عند غيرنا من الاقوام الاخرى ، عند ذلك سننتصر على انفسنا كعرب ، وسننصر الاخرين بنا وينصرونا ، وان من لايعمل بعقله ليس بعربي ، ومن لايجاري الزمان ليس بعربي ، ومن لم يختر مكارم الاخلاق بديلاً عن السباب والشتائم واستصغار الاخرين ليس بعربي ايضاً .. لكي تكون عربياً يجب ان تكون ناجحاً لافاشلاً ، وان تكون واعياً لما خصك الله به من مسؤولية ، فاحمل مشروعك على ظهرك ، واصنع غدك بنفسك ، ولاتتكبر بل فكر وقرر، واعلم ان كوردي ناجح أحبُ عند الله من عربي فاشل ، وعند الله توزن الامور بميزان الحق ..
RUDAW