إردوغان يتسلم رئاسة تركيا.. وواشنطن تتمثل بالحد الأدنى
أدى الرئيس التركي الجديد رجب طيب إردوغان أمس اليمين الدستورية رئيسا جديدا للبلاد، معلنا في أول قراراته الرسمية، تكليف وزير خارجيته أحمد داود أوغلو رئاسة الحكومة التركية بالوكالة في انتظار تشكيل الحكومة الجديدة المتوقع صدور مراسيمها اليوم أو غدا، مكملا بذلك سيطرته على كامل السلطة في البلاد من خلال «انسجام كبير» بين إردوغان وداود أوغلو الذي قال إن البلاد «ستشهد لأول مرة في تاريخها مراسم تسليم السلطة في الحزب الحاكم، من دون خلافات أو وجهات نظر مختلفة، وفي ظل وحدة كاملة»، متجاهلا فترة حكم الرئيس السابق عبد الله غل خلال السنوات السبع الماضية.
وبينما كان لافتا، التمثيل المنخفض المستوى للولايات المتحدة، التي مثلها في حفل تنصيب إردوغان القائم بالأعمال في سفارتها بأنقرة، شارك نحو 19 رئيس دولة في الاحتفال، احتسب من ضمنهم رئيس الائتلاف السوري هادي البحرة، الذي حضر «ممثلا للشعب السوري».
وأدى الرئيس التركي المنتخب اليمين الدستورية أمام مجلس الأمة التركي (البرلمان)، ليصبح بذلك الرئيس الثاني عشر للجمهورية، بعد أن قام رئيس البرلمان بتسليمه وثيقة توليه منصب الرئاسة. وبعد أداء اليمين عزفت الفرقة الموسيقية النشيد الوطني التركي، فيما أطلقت المدفعية 101 طلقة بهذه المناسبة.
وقاطع حزب الشعب الجمهوري المعارض الجلسة المخصصة لأداء اليمين، بعد رفض رئيس البرلمان مناقشة اعتراض الحزب على أصول عقد الجلسة، ورمى على إثرها أحد نواب الحزب المعارض كتيب الدستور والنظام الداخلي للبرلمان، فيما حضر حزبا الحركة القومية والشعوب الديمقراطي الجلسة، لكن نوابهما لم يبادروا بالتصفيق بعد أداء إردوغان القسم الرئاسي، في أول دليل على طبيعة العلاقة بين الرئيس الجديد والمعارضة، خلافا لما كان يحصل من تواصل مع الرئيس السابق غل، باعتبار أن الدستور ينص على حياد الرئيس ويجرده من أي صفة حزبية أو نيابية أو وزارية بمجرد انتخابه.
وفي أول قراراته كلف الرئيس التركي الجديد وزير الخارجية أوغلو، تولي منصب رئاسة الوزراء بالوكالة إلى حين تشكيل الحكومة الجديدة، بسبب فراغ المنصب نظرًا لانتهاء عضوية إردوغان في البرلمان عقب توليه مهام رئاسة الجمهورية.
وكان أوغلو قال أمس إن الديمقراطية التركية ستشهد، لأول مرة في تاريخها، مراسم تسليم السلطة في الحزب الحاكم، من دون خلافات أو وجهات نظر مختلفة، وفي ظل وحدة كاملة، مقارنة بالأحزاب الحاكمة في السابق، التي شهدت صراعا على السلطة، مضيفا أن هذا يشير بشكل واضح إلى سياسة حزب العدالة والتنمية القائمة على الأخلاق والفضيلة. وتقدم أوغلو باسمه، وباسم أعضاء الحزب، بالشكر إلى إردوغان على مساهمته التاريخية في تحمل المسؤولية الأولى في تشكيل الحزب وترسيخ تقاليده، كما قدم شكره لأعضاء الحزب المشاركين في المؤتمر والناخبين الأتراك، الذين دعموا حزب العدالة والتنمية في الانتخابات البلدية.
وأشار أوغلو إلى أنهم سيدخلون البرلمان التركي بالأغلبية في انتخابات التشريعية، التي ستجري عام 2015 من أجل تعديل الدستور، معربا عن اعتقاده أنهم سينجحون في تحقيق ذلك، بواسطة الوحدة والتكاتف بين أعضاء الحزب، بغية إجراء إصلاحات سياسية واقتصادية وقانونية وفي قضايا الحريات، مؤكدا أن كل هذه الإصلاحات ستكون ما بين الأعوام 2015 و2019، ولفت إلى أهمية تلك الإصلاحات في إنشاء تركيا الحديثة.
من جهته، انتقد دولت بهتشه لي، رئيس حزب «الحركة القومية» ثاني أكبر أحزاب المعارضة التركية، مشاركة رئيس الوزراء التركي رجب طيب إردوغان في المؤتمر العام الطارئ لحزب «العدالة والتنمية الحاكم»، الذي انعقد الأربعاء، مشيرا إلى أن مشاركته وحديثه بالمؤتمر أمران يخالفان الدستور التركي، وقال إن «إردوغان بتصرفه هذا يكون قد شن حربا شعواء على روح الدستور وقواعده الأساسية». وقال «لقد ضرب بذلك مسألة الحياد التي يجب أن يلتزم بها كرئيس للبلاد، ومن ثم يكون قد نقض اليمين الذي من المفروض أن يؤديه غدا (في إشارة إلى أمس الخميس) ليصبح هذا اليمين لا معنى له».
وذكر أن «إردوغان لا يكتفي بمنصب رئيس الجمهورية، ويعمل ليل نهار من أجل إعادة هيكلة الحزب الحاكم وتصميمه بالشكل الذي يوافق آماله ونواياه ومصالحه هو»، مشيرا إلى أنه «جرى تعيين رئيس عام للحزب الحاكم مجرد واجهة، بينما ستكون سلطة إردوغان ونفوذه على الحزب مستمرة على كافة أرجائه». وأضاف «من الآن فصاعدا أي شخص سيتولى رئاسة الحزب سيكون رئيسا دمية يحركه إردوغان كيفما يشاء، يحجر عليه حق اتخاذ القرارات، والتصرف كرئيس مستقل للحزب».
وتزامن تنصيب إردوغان مع احتجاجات في إسطنبول ودياربكر. واستخدمت الشرطة التركية الغاز المسيل للدموع ومدافع المياه لتفريق محتجين وسط إسطنبول حاولوا القيام بمسيرة احتجاجا على أداء إردوغان اليمين رئيسا لتركيا أمس.
وقالت وسائل إعلام محلية إن نحو 200 محتج تجمعوا في منطقة تقسيم السياحية وكانوا يرددون شعارات ضد إردوغان ويحملون لافتات تقول «الرئاسة لا يمكن أن تمحو الفساد أو السرقة».
وعلى الرغم من أن إردوغان شدد على أن عملية السلام مع الأكراد ستظل من أولويات حكومته، تواصلت أمس المواجهات بين محتجين أكراد ورجال شرطة. وبعد أن شهدت محافظة دياربكر ذات الغالبية الكردية مواجهات خلال الأيام الثلاثة الماضية، انتقلت أمس إلى محافظة مارين جنوب شرقي البلاد. ورمى متظاهرون أكراد رجال الأمن بالحجارة احتجاجا على الأوضاع المعيشية وانقطاع الكهرباء.
الشرق الاوسط