آراء

المتغيرات في الشرق الأوسط تثبيت للإستبداد

أصبح من غير الممكن أن نعيد عقارب الساعة إلى الوراء مع تغيير الهيكلية السكانية في المنطقة و خاصة في سوريا و العراق و هذه الحالة تجعل أن تكون من أولويات الحكومات و الأنظمة في المنطقة هو التركيز على سياسة التضامن بينهم لكي يحافظوا على المتغيرات الجديدة و لتثبيت دعائم حكمهم و أنظمتهم الإستبدادية و متابعة سرقاتهم الوطنية باسم القومية و الوطنية تارة و الدين تارة أخرى و هذا التضامن يجب أن يكون مغايراً عن تضامن القرن الماضي أو حتى ما قبل ثورات الربيع العربي لتكون عبارة عن صفقات علنية و صريحة يضطلع عليها المواطنون أيضاً قبل كل شئ و خاصة من دول البترول لكي يحافظوا على استقرارهم في مشيخاتهم و ممالكهم و لمواجهة الشرخ الطائفي الحاصل في المنطقة و خاصة الطموحات الإيرانية في تصدير ثورتهم الدينية تحت عباءة فلسطينية و القدس و هذا ما يخلق خريطة مذهبية واضحة في المنطقة و التي كانت مغيبة بفعل ضغوطات الأنظمة القمعية الإستبدادية و لكن إيران بدأت استعادة زمام الأمور في المنطقة بدعمها للأنظمة في كل من سوريا و العراق و المنظمات الأخرى كالحوثيين في اليمن و حزب الله في لبنان حتى وصلت إلى حد عقد الصفقات النووية مع الدول الكبرى و الإفراج عن أرصدتها المالية التي كانت مجمدة في البنوك الغربية و هنا يتطلب من دول الخليج ترك التحالفات القديمة مع تلك الأنظمة التي كانت تمولها و تحويل أنظارها نحو دول أخرى في المنطقة و إنشاء علاقات طيبة مع كل الأنظمة التي تقف في وجه طموحات إيران بالقول و الفعل و ليس بمؤتمرات لا تجدي نفعاً (كمؤتمرات أصدقاء الشعب السوري) و خاصة بعد إن تم إهمال و بدرجة كبيرة العوامل المشتركة بين شعوب الدول العربية أو الواقعة تحت احتلالها.
الإيرانيون يتبعون اسلوب امبراطوريتهم بصنع أعداء وهميين أو صنع أعداء في الداخل الإيراني لضمان وحدة الشعوب الإيرانية  و يتم إشغال الشعوب الأخرى من خلال زرع بذور الإرهاب من خلال صب الزيت على النار لتأجيج العامل الطائفي بشكل أكبر في الدول المجاورة كما في اليمن و لبنان و العراق و سوريا و التي تقف في وجه أية محاولة للتغيير في تلك البلدان لأنها تهدد مصالح و مكتسبات إيران في المنطقة و يتم من خلال خبرة القادة إيران و الذين لهم باع طويل في الإرهاب يتم قيادة شعوب المنطقة نحو الهاوية لكي تتمسك بزمام الأمور لديها  وتصبح أنظمتها رهن الإتفاقات الإيرانية و تتبعها من ناحية الإقتصاد و العسكر و الحماية  العسكرية و خاصة بعد أن أصبحت منطقة الخليج مفتوحة على مصراعيها أمام التوجه الإيراني لو لا يقظتها الأخيرة في اليمن و إلى حد ما في سوريا.
و يبدو أن الوضع في تركيا يتجه نحو تشكيل الشبيحة و ميليشيات جديدة باسم حزب العدالة و التنمية و تحت رايتها و لكنها في حقيقة الأمر تكون تابعة مباشرة للسلطان الجديد و تأخذ أوامرها منه و ما إن بدأ الإنقلاب العسكري حتى تحركت تلك الجماعات التابعة لأردوغان لإخماد عملية الإنقلاب و استغلال الفرصة للتخلص من جميع المعارضين سواء العسكريين منهم أو المدنيين و هذا يظهر مدى تعطش السلطان لتثبيت دعائم حكمه بعد الديمقراطية بالحديد و النار و الترهيب و الوعيد.
أما بالنسبة إلى الدول العظمى فينقسم حلفائهم إلى أقسام عدة فهناك حلفاء استراتيجيون لا يمكن الإستغناء عنهم و أخرى لهم جذور في المنطقة و يمكن الإعتماد عليهم من خلال استخدام أراضيها كقواعد لهم و لكن تبقى بقية التحالفا ت بين الدول العظمى و الأنظمة الأخرى سواء أكانوا منظمات أو دول تبقى العلاقة هشة إلى حد ما و هي عبارة عن تفاصيل يمكن إعادة النظر فيها من خلال مصالح تلك الدول و تنظر إليها بعين التجارة و البيع و الشراء و الربح و الخسارة و يمكن في النهاية أن تراجع حساباتها و أولوياتها للتخلص من تلك التي تشكل عليها إعباءً ثقيلة أو تغضب حلفائها الإستراتيجيين.
مروان سليمان
21.07.2016

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى