العرب وفوبيا الانفصال الكوردي
فرحان مرعي
إن البنية الثقافية والفكرية عند العرب والرغبة في السلطة والاستبداد نابعة من الموروث الثقافي الديني القائم على الإله الواحد – الذي حل محل الآلهة المتعددة – والذي يعني عندهم الحكم باسم الله الذي لا يتجزأ – الم يقل الخليفة الراشدي عثمان بن عفان رداً على الثوار المطالبين بعزله : ما كنت لأخلع سربالاً سربلنيه الله – الذي يعني – السلطان الواحد، والخليفة الواحد ، والدولة الواحدة التي لا تقبل القسمة، ولا تتجزأ ، والرغبة في السلطة الاستبدادية، لذلك دائماً هناك خوف وفزع عربي من التشظي الذي يعني عندهم إضعاف هيبة السلطان وسحب السلطة المطلقة من يده، ليس خوفاً على السيادة الوطنية إنما حرصاً على سلطته المطلقة ونزواته الشخصية ومكتسباته وامتيازاته .
هل العرب امة واحدة ، وهل من دون قيام الدولة الكردية ، العرب امة واحدة، ومستقرة، وخالية من الاضطرابات ، هل هناك دولة قطرية عربية واحدة منسجمة ومستقرة؟ إن معظم الدول العربية مقسمة أو تتجه نحو التقسيم، بسبب الديكتاتورية والاستبداد والتخلف مثل : العراق ، لبنان ، سوريا ، السودان ، ليبيا ، فلسطين ، اليمن وغيرها ، والسلطة في جميع الدول العربية استبدادية، قمعية، وعندما يطالب أي شعب ضمن هذه الدول بالحرية والديمقراطية ، يتهم بزعزعة امن البلاد وإضعاف هيبتها ووحدتها الوطنية أو اقتطاع جزء من أراضيها ، ويتعرض للإبادة والقتل والتهجير ، كما حصل للكورد في العراق ويحصل لهم الآن في سوريا . في جميع الأدبيات ومناهج التعليم العربية ولمدة مائة سنة اعتبر العرب اتفاقيات سايكس – بيكو مؤامرة دولية ولا بد من إلغائها، هكذا تم شحن وتلقين الناس في هذه البلاد ،ولكن عندما يلامس الأمر القضية الكردية يريدون الحفاظ على سايكس – بيكو ؟! الملاحظ إن هناك خوف وفزع عربي دائم من التشظي والانفصال الكوردي ليتحول إلى مرض إلى فوبيا نفسية .
الكورد وعبر معظم مراحل تاريخه كانوا هم الطرف المعتدى عليه والمظلوم ، لم يختار بحريته وإرادته الدولة والنظام الذي حكمه، بالعكس فرض عليه شكل ونموذج الدولة والحكم الذي يريده الطرف الآخر المعادي لطموحاته، بل أكثر من هذا تشتت وطنه والحق قسراً بالآخرين ، وعليه دائماً وحتى يحظى بقبول العدو أن ينكر ذاته، فإما أن يقول أنا عربي أو تركي أو فارسي أو يتعرض للإبادة والقمع والإقصاء والإنكار ، واليوم عندما يطالب الكوردي بأبسط حقوقه يواجه برفض مطلق، ويتهم بالخيانة والانفصال والخروج عن الخط الوطني ، انه مرض عربي بامتياز اسمه الخوف من الانفصال الكردي.