آراء

الديمقراطية لكل شيئ و لا شيئ

كما يبدو إن الديمقراطية و ما تعنيه من مصطلح قد أصبح سلعة يتناولها اي فصيل او حركة او حتى أي سلطة ليبرر ما تسعى إليها و هذا ما يشاهد منذ أمد طويل في منطقة الشرق الأوسط و بعض المناطق من العالم و قد يتجاوز المئة العام الماضية و مع إطلاق تلك الشعارات حدثت العشرات بل المئات من المجازر و قضى الكثير الكثير من معتقلي الرأي حياتهم في سجونا أعتبرت الديمقراطية من أهم مقوماتها و تغنت بالشعبية و الأممية و حق الطفل و النساء و حتى حقوق حثالة المجتمع . و ما شاهدتها المأساة الستالينية في الاتحاد السوفياتي و كذلك مذابح بول بوت في منغوليا الشعبية و إيضا مجازر الأنظمة الديكتاتورية في العراق و سوريا و مصر و ليبيبا و غيرها و نعت تلك المجازر و التصفية الجسدية بأسم أمن الوطن و العمالة لدول أجنبية و التباهي أمام الشعب بتلك الخطابات الرنانة و إطلاق صفات الخيانة لكل معارض و وجوب محاكمته محاكمة شعبية علنية حسب أدعائهم ( بالرغم من المحاكمات الصورية و السرية في معظم الحالات ) و إطلاق رصاصة برأسه كونه خائنا و يستحق اللعنة إلى الأبد .
أثبت الأيام و السنين فشل تلك الرؤى المنغلقة على نفسها لتلك السلطات و الحركات أتجاه المعارضة و أتباعها و أنزلقت تلك السلطات او الحركات لحافة الهاوية و تهدمت البنى التحتية و الاخلاقية و النفسية لها و تفاقم النزاع بين الابناء الواحد للدولة أو دفن الحزب او الفصيل في مقابر جماعية لم يكتب للحياة لها مرة ثانية .
و هنا لا بد للتنويه لتلك الحزب الذي ينعت نفسه و لكل مؤسساته بالديمقراطية و حتى نعت فصائله المسلحة و الصحة بها و اقصد بها حزب الأتحاد الديمقراطي في سوريا و الملقب بأل ب ي د و الذي يحاول جاهدا تقليد اسلافه من تلك القوى الشمولية المذكورة اعلاه و فرض سلطته على الشعب الكردي و بقية مكونات المنطقة بالقوة و استغلال تأزم الوضع السوري عامة و الكردي خاصة و الإقدام على سياسة أما ان تكون معي أو أنت ضدي و محاولة أفقار و نفي الحياة السياسة و إلزام الناس بالتصفيق لمعاركها المنتصرة و إلزامها الحزن في أوقات نكباتها و الفرض كما تشتهي من الرسومات و الأتاوات و تخوين الرموز و القيادات دون مراعاة المطلب الأستراتيجي لأبناء قومه لإقامة كيان ذاتي يتلذذ به بالحرية المفقودة و الذي قد ينسيه ظلم و استباد سنين طوال مرت عليه .
إن ما يقدم عليه حزب ال ب ي د و تحريك أنصاره و تلقينهم شعارت غوغائية و عدائية بحق الحركة الكوردية في سوريا و بحق رموز كوردستان برمتها و استهدافهم العلم القومي الكردي و إنزاله من سطح مكاتب الأحزاب الكوردية و بمباركة الأساييش لهي فاجعة أخرى في التخبط السياسي و الأنصياع لأوامر الجهات التي تستهدف المشروع القومي الكوردي في المنطقة .
كما ان نفي المناضلين السياسيين و أحتجازهم بتلك الطرق الملتوية و العصابتية كما حدث لرئيس المجلس الوطني الكردي في سوريا و سكرتير حزب يكيتي الكردي في سوريا الاستاذ ابراهيم برو و من قبله و ربما ليأتي تسلسلا آخر من بعده لهو دليلا اخر على ان تلك الأدارة الذاتية المعلنة او سلطة فدرالية الشمال هي مجرد مساحيق لتجميل الوجه الاستبدادي لتلك السلطات المتخفية و التي تدار من وراء الكواليس .
إن ما ينبغي عمله من حزب ال ب. ي .د هو تدارك الوضع و التراجع عن تلك القرارات المهجنة بالاستعلاء و التحفظ بنوع من الاستقلالية و ذلك تخطيا مع طموحات الشعب و الكف عن التنظيرات الطوباوية و إعادة تلحيم الشريان الكردي النازف اصلا في هذه المرحلة و تحفيز الانتصارات المتتالية ضد القوى الارهابية و في مقدمتها داعش في إشاعة الديمقراطية و الحقوق الدستورية المشروعة لشعبنا الكردي .
بهجت شيخو
15.08.2016

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى