آراء

الجمهوريات العربية فقدت القائد

ليس هناك من البراهين ما تثبت على ان الانظمة العربية الجمهورية و التي دعت الى العديد من الشعارات مثل الديمقراطية و الثورية و الشعبية و الصمود و التصدي و البوابة العربية الشرقية و الغربية وغيرها من الشعارات البراقة على انها اسوء انظمة من تلك الانظمة الوراثية او الملكية الموجودة في ما يدعى بالوطن العربي .
و عن أي عربي نتكلم عن ذاك الكم الهائل من الجوعى او عن ذاك  الملايين من الشباب من دون عمل او عن تلك النسوة و التي ما زلن يغسلن شعرهن ببول الأبل و ذلك بسبب عدم توصيل الماء و الكهرباء و نحن نواكب القرن الواحد و العشرين .
الألاف من القرى الكئيبة و الأغوار و المزارع و شواطئ البؤس تنكف على فقرها و تتصارع مع مرض السل و الملاريا و تمجد القائد الواحد و ابنه البار في الانظمة الجمهورية و تعلن الولاء طوعا او قسرا و تسمي اسماء ابنائها و بناتها بأسماء الرئيس و ابنه و حتى بناته .
الأنظمة الجمهورية في الوطن العربي اعواد المشانق و غياهب السجون و نسمات من الأسلحة الكيماوية بحق شعوبها . و القتل و التنكيل و اساطير من المذابح و بحار يلتهم المنفيين و شوارع لا تضيئ .
منذ اكثر من خمسين عاما و ذاك القطار الذي يصفر فقط للولاء و التمجيد لقائد الأمة و من دونه اي صافرة اخرى او قطار اخر قد يكون مصيره الجنون او السجن المؤبد او في احسن الاحوال طلقة لتلدغ دماغه لانه خالف ايماءات القائد .
النظام الجمهوري بات لعنة على المواطنين و باتوا هؤلاء الضعفاء ضمن قوانينهم و دساتيرهم آلة في عداد المنفى و الضياع في سجنا كبير و قد ازداد اكثر من هذا لتراودهم احيانا حلما جميل ليحصلوا فقط على لقمة عيش و ان كان ينقصه سقف يأويه .
عن أي مستقبل نتحدث للوطن و الأب ورث ابنائه الفقر الأبدي و مستفدي النظام الجمهوري يكدسون الأموال في البنوك الغربية و يحصلون على عقارات في باريس او شيكاغو ..
و اكثر من هذا ابنائهم قد يتبرعون للراقصة الفلانية او الملعب الفلاني و زوجاتهم يشترون الموديلات من الأسواق الغربية لانهن لا يفتخرن بالصناعات الوطنية و ان لم تكن يومية فحتما ستكون شهرية .
تلك قصتنا منذ النيف من القرن او اكثر فكل المحاصيل و كل الثروات الباطنية و السطحية و الاسلاك الشائكة و الفتيات الجميلات و الملاهي و العبقرية تفدى لقائد الأمة و القصور و المسابح و السجون و العسكر و المخابرات و حتى المسكين المعلم و الاستاذ الجامعي و النقابات و الكل لا بد ان يصرخ و يقول عاش قائد الأمة .
و النتيجة ماذا حصلنا ؟
الم نحصل على اطفال يغرقون في عمق البحار . و كذلك تدمير المدن فوق تلك الرؤوس الذي لم يدعا التمجيد للأبد و كم هي ثقيلة كلمة السقوط و تلك الأنظمة قد خطرت ببالها كل المصطلحات ما عدا كلمة السقوط !!
السقوط لتلك الجمهوريات المصطنعة بالقوة كلفت الكثير و اريقت الدماء البريئة ثمنا لها و اما تلك الأنظمة العربية الاخرى الملكية منها او السلطنية و التي غرسوها في اذهاننا منذ غطرستهم على انها رجعية و كمبرادورية و اصحاب العكل و المسابح الذهبية قد اثبت انها اكثر استقرارا و اصحاب الناطحات و الترفيه و ذلك رغم الكثير من الانتقادات لإداراتهم و قد يسحق في بلدانها الكثير من حقوق الانسان و قد يوصل لحد منع المرأة من قيادة السيارة .
و الوطن العربي بجمهورياته و مملكاته لم يحسن التعاطي مع اغلبية شرائحه و تحقيق اهدافه في تأمين حياة حرة و كريمة و سقط عنه حتما مقولة الوطن العربي من المحيط إلى الخليج و اصبح شعارا مخجلا .
لذا لا بد و من خلال الصراع الدامي و القائم في عدد من الجمهوريات و الوفاء لما حصل من تدمير للحجر و البشر ترك ذاك الخطاب الأحادي للمعارضات و التنزيل من هيبتها السلطوي و الاكتراث لمطالب شعوبها و تحقيق اهدافها في الحرية و الكرامة و لتسقط مقولة الوطن للقائد الأوحد .
بهجت شيخو

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى