أيها الكرد لا تتركوا وطنكم… اصمدوا واصبروا فالفرج قادم
كلمة هيئة تحرير جريدة يكيتي – العدد 206
كل كردي شريف ومخلص وحريص على أرض آبائه وأجداده، لا بد أن يدرك أن هناك خطراً حقيقياً على الوجود القومي للشعب الكردي في كردستان سوريا، فالنزيف البشري مستمر وبوتيرة متصاعدة، عائلات وأفراد تبيع مساكنها وممتلكاتها، وتغامر باجتياز الحدود، والهروب إلى ديار الغربة والتشرد.
شوارع المدن الكبيرة، تكتظ بوافدين سوريين قدموا من مناطق أخرى، هرباً من جحيم الحرب المدمرة التي يشنها النظام دون رحمة على شعبه، وبدلاً من ان يتشبث الكرد بوطنهم، نجدهم يتركونه دون أسباب مقنعة، فطالما السوريون الوافدون باقون وحياتهم آمنة، إذاً الواجب الإنساني والقومي يدعو الكرد إلى البقاء والصمود أمام أهوال العواصف المحيطة لأنّهم السكان الأصلاء وحفاظهم على مدنهم وقراهم يعني الحفاظ على ديمغرافية المناطق الكردية التي حاول النظام منذ نحو نصف قرن تغييرها تمهيداً لإلغاء الوجود القومي الكردي وبالتالي ضياع كردستان سوريا.
قصة التهجير بدأت بمشروع محمد طلب هلال ومشاريع نظام البعث، من تجريد من الجنسية وإنشاء الحزام الاستيطاني العربي في الجزيرة، وتعريب اسماء المراكز البشرية والطبيعية، وحظر اللغة والنشاط السياسي والاقتصادي والإقصاء المتعمد عن الحكومة والبرلمان والجيش والتضييق المقصود في جميع مجالات الحياة، ودفع الكرد للهجرة والتشرد، ونجح النظام إلى حدٍ كبير في تشريد أعداد كبيرة في المحافظات السورية لا سيما دمشق وبعضهم اتجه نجو الخارج وخاصة أوربا.
النظام لم يقم بالإبادة الجماعية مثل صدام لكنه بالوسائل التي ذكرناها، عمل على تفريغ المناطق الكردية وتغيير التركيبة السكانية، لينهي القضية الكردية مع مرور الزمن، ورغم صمود شعبنا وحركته السياسية، إلا أنّ سياسة النظام حققت بعض أهدافها بشكل جزئي.
واليوم نحن نعيش زمن الثورة السورية، ثورة الحرية والكرامة، حيث لجأ النظام إلى تحويلها إلى ثورة مسلحة وضرب المكونات ببعضها وجلب التنظيمات الاسلامية المتشددة، بغية ارغام السكان المدنيين إلى الهجرة والنزوح، وفي البداية كان طابع الثورة في المناطق الكردية سلمياً، لكن النظام تدريجياً جرها إلى العسكرة ووجه بعض التنظيمات المتطرفة والموالية أن تفتعل معارك مع الكرد، فأصبحت المناطق الكردية الآمنة محاصرة من عدة جهات: النظام – داعش وأخواتها من جهة ومضايقات قوات PYD من جهة أخرى وفي ظل إطالة أمد الأزمة السورية، وتقصير المجتمع الدولي عن رفع الحصار عن سوريا عموماً والمناطق الكردية بشكل خاص، شهدت هذه المناطق نزوحاً إلى كل من كردستان العراق وتركيا، وهجرة إلى أوربا وغيرها ورغم المحاولات المتكررة من المجلس الوطني الكردي، والكتاب والسياسيين، من أجل وضع حدٍ لنزيف الهجرة لكنها استمرت دون انقطاع، ولا شك أن ظهور ما تسمى بالإدارة الذاتية واصدارها لفرمانات خطيرة مثل قانون ترخيص الاحزاب والتجنيد الإلزامي، كان لها الأثر الملحوظ في بدء مرحلة جديدة من هروب المزيد من الشباب، خوفاً على مصيرهم ومستقبلهم لا سيما وأنهم لا يؤمنون بجدوى الاستجابة لطروحات PYD لأنها بعيدة عن الأهداف القومية. مع كل هذا فإنّ العيش على الخبز والملح والماء في وطننا كردستان، افضل من التشرد والضياع حتى لو توفرت في الخارج وسائل العيش الرغيد.
أيها الوطنيون الكرد لا تعبثوا بمستقبلكم، اصمدوا واصبروا فالفرج قادم وإنّ بعد العسر يأتي اليسر، وإذا كنتم تقولون بأن الأزمة السورية ستطول لعشرات السنين، فأنتم مخطؤون لأن الايام الأخيرة في منطقتنا شهدت تحولاً نوعياً في السياسة الامريكية والغرب عموماً بعد هجوم داعش على الموصل ثم على شنكال وزمار ومناطق كردية أخرى، وبات العالم يدرك خطر التنظيمات الإرهابية على البشرية جمعاء.
لقد هب العالم لنجدة اقليم كردستان العراق وبات للكرد أصدقاء، ومساندون وحماة وقرر مجلس الأمن ملاحقة الإرهابيين وتجفيف منابع امدادهم وشن الحرب عليهم بالتعاون مع مكونات المنطقة في سوريا والعراق، إذاً يجب أن لا نيأس بل علينا أن نتفاءل لان داعش والنظام السوري وكل أدواته باتوا في مرمى نيران المجتمع الدولي وبذلك علينا وضع حد للهجرة، والاصرار على البقاء لا سيما وأن تباشير الخلاص تلوح في الافق.