القضية الكردية بين مطرقة (داعش) وسندان خلافات الأحزاب الكردية والكردستانية
مقال عن هيئة تحرير جريدةحزب يكيتي في عددها 206
المتداول بين الأمم والشعوب، عبر التاريخ أن المصاعب والأخطار توحدها، من أجل الحفاظ على كيانها والبقاء وفق مبدأ « غريزة القطيع » وما يحدث راهناً في كردستان سوريا، يعكس حالة مخالفة لما يجب وما هو متعارف عليه، فما تستوجبه المرحلة من ترفع على الخلافات، ولملمة الصفوف، والطاقات، والاتفاق على برنامج سياسي، وميداني، يخدم القضية الكردية (قضية شعب يعيش على أرضه التاريخية) ونحن نعيش مرحلة الاستحقاقات القومية، وعلى أعتاب إعادة النظر في الخرائط السياسية التي أوجدها الاستعمار وفق مصالحه من ناحية ومن ناحية أخرى نواجه خطر الإرهاب الذي يستهدف وجودنا.
إزاء هذه اللحظة التاريخية التي طالما انتظرها شعبنا الكردي طويلاً، لمَا تزل حركته السياسية الكردية تعيش حالة من التمزق، والانقسام، والاختلاف الذي يصل إلى حد التصادم أحياناً، وإن استمر الوضع على ما هو عليه، فسوف تكون النتائج كارثية على مستقبل القضية الكردية، والتي هي سبب ومبرر وجودنا في كردستان سوريا.
وترجع أسباب هذه الحالة السلبية المستدامة، والتي نشهد تداعياتها على ارض الواقع، دون الخوض في تفاصيلها المعروفة، والتي تطرقنا لها مراراً، إلى غياب استراتيجية قومية تخص القضية الكردية في كردستان سوريا، قبل الانتقال إلى الحديث عن استراتيجية قومية كردستانية، لأن الأولى مسؤوليتنا أولاً، ولم ننجح في تحقيق معالم الخصوصية القومية لكردستان سوريا من الداخل السوري، رغم المحاولات المتواضعة التي انتهجها حزبنا مراراً في هذا المجال لرسم ذلك الخط، وخلق تلك الكاريزما والخصوصية الكردية، بعيداً عن سياسة المحاور الحزبية في كردستان سوريا، إلا أن تلك المحاولات اصطدمت أولاً بمواقف بعض أطراف الحركة الكردية في سوريا، والتي ارتهنت « مشاريعها » تماشياً مع محاورها الحزبية مع القوى الكردستانية تبعية عمياء وليس كعمق استراتيجي قومي كردستاني، بل تهرباً من مسؤولياتها، واستصغاراً لطاقات وإمكانات شعبها، وثانياً: ارتياح ورضى القوى الكردستانية لحالة التبعية هذه، ودعم هذه التوجهات والمصالح، وعدم الاكتراث بالخط والنهج الآخر، بل ومحاربته، ومحاولة إضعافه أحياناً، من خلال هؤلاء « الحلفاء » رغم نقدهم لسياسات حلفائهم، وغيابهم عن الساحة أحياناً.
إن ما نشهده الآن من صراع على الساحة السورية كردياً، هو جزء من هذا الصراع الكردستاني الخاضع بدوره لضغوطات خارجية وفق أجندات اقليمية ودولية، إضافة إلى خلافات حزبية داخلية، ومصالح آنية لا تخدم القضية الكردية، مهما كانت المبررات، وتأسيساً على ما سبق فهذه أصعب مرحلة تمر بها الحركة الكردية في كردستان سوريا، وخاصة بعد أن احتكم /PYD / إلى قوة السلاح للتفرد وتمرير أجنداته.
من هنا لا بد من دق ناقوس الخطر، ومن خلال المجلس الوطني الكردي، والإسراع في دعوة الأطراف الكردستانية للوقوف عند مسؤولياتها التاريخية والكف عن تأليب طرف على أخر، لعقد مؤتمر قومي كردستاني بخصوص كردستان سوريا، من أجل التوافق على استراتيجية قومية ووحدة الصف الكردي بعيداً عن سياسة المحاور، لأن جزءاً مما يدفعه الشعب الكردي وحركته السياسية في سوريا الآن، هو فاتورة الخلافات الكردستانية على أرضه إلى جانب الخلافات والمخاطر الأخرى المحدقة به، والتي أدت إلى تفريغ المناطق الكردية من طاقاتها وشبابها، بل هي الآن قاب قوسين من التصادم والتناحر، الذي لا غالب فيه، بل الخاسر هو القضية الكردية، هذا بدل التكاتف والاتحاد في وجه المؤامرات التي تستهدف كيانه، فالقضية الكردية في كردستان سوريا هي الآن على المحك، ولم تعد الحسابات الحزبية الضيقة قادرة على انقاذ ما تبقى بذات الأساليب والحسابات التي عفا عليها الزمن ؟!