بوتين و أردوغان وجهان لعملة واحدة
نوزاد المهندس
ان منطقة شرق الاوسط بسبب موقعها الجغرافى و الجيوسياسى لها دور مهم و حيوى هذا من جانب و من جانب اخر بسبب وجود كميات كبيرة من الاحتياطى النفط و الغاز الطبيعى كمصدرين رئيسيين للطاقة اصبحت اهميتها اكبر و جلى للعيان لللاعداء و الاصدقاء على السواء.والمنطقة بشكل عام دائما تعيش فى الصراعات الداخلية و الخارجية معا منذ الازل و لحد الان بسبب تدخل الدول العظمى فى شؤونها الداخلية من جانب و من جانب اخر بسبب التخلف و الفقر و الجهل للحكام و الشعوب دائما يرضخون للسياسات الخارجية و يصبحون مستعمرات دائمية للقوات العسكرية للدول الكبيرة تارة للدول الغربية و تارة للدول الشرقية، وهكذا تستمر السنوات و العقود تحت نير الظلم و الاستعمار و نهب الثروات و الخيرات و التخلف.
من المعلوم ان الدول العظمى يحاولون بشتى الوسائل و الدسائس و المكر و الخداع ان يحتلوا الاراضى و الدول و عقول الشعوب و المجتمعات فى المنطقة للحصول على ثرواتها الوفيرة من النفط و الغاز الطبيعى و العمالة الرخيصة و السوق الكبيرة و الواسعة لبيع منتوجاتهم و الحفاظ على مصالحهم الانية و المستقبلية معا لادامة ماكنة تطورهم، هم يستفيدون من المواد الاولية الرخيصة لمصانعهم و صناعاتهم من جانب و من جانب اخر يستفيدون من المنطقة كسوق دائم و واسع لاستهلاك منتوجاتهم المتنوعة الباهضة الثمن.
روسيا اليوم و منذ انتصار الثورة البلشفية و سقوط نظام القيصرية فيها و تاسيس الاتحاد السوفيتى و خلال 74 سنة من عمر الاتحاد السوفيتى السابق قادة الحزب الشيوعى السوفيتى حاولوا و يحاولون الان ان تكون لها موطىء قدم فى المنطقة الشرق الاوسطية صاحبة المياه الحارة و الغنية بمصادر الوقود و الطاقة الضرورية لماكناتهم الحربية و الصناعية،ولكن مقبال قوة و جبروت امريكا و الغرب معا لم تستطيع فى اى زمن ان تكون قوة جبارا و كبيرا فى المنطقة، ولكن دائما ومن خلال وجود الاحزاب الشيوعية فى الدول العربية و الاسلامية فى المنطقة حاولت بان تكون لها يد فى قرارات حكومات المنطقة و الحفاظ على مصالحها السياسية و الاقتصادية و الامنية فيها،ولكن الروس منذ ثورة اكتوبر 1917 و لحد الان ومنذ حقبة لينين و ستالين و غيرهم حتى هذا الزمن، زمن فلاديمير بوتين الرئيس القوى و الدكتاتور الاوحد فى روسيا،فان سياسة الروسيا عبارة عن تحالفات وقتية مع الدول او حكام و ليسوا شعوبا،فقط لمصلحتها و ليس لمصلحة الدول و الشعوب المنطقة، و للشعوب و الحكام و حتى الاحزاب الشيوعية الذين يدورون فى فلك روسيا و قيادتها و الحزب الشيوعى السوفيتى سابقا لهم تجارب مريرة و انتكاسات سياسية، بسبب تركهم فى النصف الطريق مثل تجارب مع عبدالناصر و انور السادات و القذافى و اليمن الجنوبى و حتى العراق و سوريا و لبنان والكرد و غيرهم من الدول و الشعوب اخرى فى العالم باسره هم عندهم سياسة لاصديق و لا اعداء دائميين ولكن يوجد مصالح دائمة و فى كثير من الاحيان يعملون ضد هذا المقولة و يتركون اصداقائهم فى نصف الطريق.
اليوم بوتين هو السبب الرئيسى فى استمرار الحرب و الاقتتال الداخلى مابين الجماعات المسلحة فى سوريا بسبب تعنتها و مساندتها لنظام االاسد الابن و من قبلها الاسد الاب فى السبعينات و الثمانينات من القرن الماضى،وهو يتحكم و يقرر على وقف النار و مصير سوريا و شعبها الذى مرت بسنوات جفاف من 2011 و لحد الان،ملايين من الشعوب السورية المنكوبة قتلوا و جرحوا و شردوا داخل و خارج وطنهم وهو يدافعوا عن مصالحها وليس الغير وليس من اجل حكم و استمرا بشار الاسد لا بل فقط من اجل المحافظة على مصالحها السياسية و الاقتصادية و الامنية.ولايهمها مصير شعب منكوب اكثر من 25 مليون نسمة لانه يحارب على حساب ارض و شعب سوريا و ليس الروسيا و باموال سورية و عربية و اسلامية معا.
بوتين اليوم اصبح دكتاتورا فى بلاده و فى المنطقة وهو يريد ان تصبح بطلا على حساب تدمير و موت دول و شعوبا فى المنطقة وهو يدور و يجول و يحارب من اجل ان تصبح قيصرا جديدا فى روسيا و المطنقة و هو يحلم بايام القياصرة الروسية البائدة و يحلم بان يجدد مجد اجداده و اصلافه من القياصرة الروس القديمة،ضانا منه انه ينتصر فى ما يدور ورائه، روسيا و المجتمع الروسى دولة ومجتمعا مغلقا و ليسوا من محبى الديمقراطية و الحريات بسبب بعدهم عن العالم المتطور و الغربى و بسبب قسوة طبيعة بلدهم البارد و الشتوى دائما وبسبب الايدولوجية الشيوعية الماركسية المتعجرفة و المغلقة اصبحوا اناسا حاقدين و شرانيين و محبى الحروب و القتال و التسلط و الديكتاتورية،وهم ايضا يحبون اناس مثلهم من الحكام و الشعوب فى المنطقة و العالم، هو الان صديقا لحكام ايران و تركيا و سوريا وكل الديكتاتوريين فى المنطقة والعالم(( الطيور على اشكالها تقع )).
بوتين رغم صرامته و جديته فى القرارات و الخطوات السياسية و الاقتصادية ولكن يتعامل مع اناس مثله مثل اردوغان الحاكم المطلق و الديكتاتور تركيا و الرجل القوى فى بلده،اردوغان و حزبه الحاكم مثل بوتين وحزبه ليسوا من محبى السلام و الامان بل يحبون الحروب و الاقتتال و الاحتلال لاراضى الغير و يحبون التسلط و الديكتاتورية على حساب الدول و الشعوب المنطقة. لهذا تكون بوتين و اردوغان وجهان لعملة واحدة الا وهو عملة القتل و التشريد و الحروب و الديكتاتورية و حب العظمة و انبعاث الروح القومية و المتعصبة لتاريخهم الاسود و للامبراطورية الروسية و العثمانية البائدين، وهما يحاولون بكل انواع الوسائل ان يصبحوا حاكما مطلقا فى المنطقة و بلدانهم و يحاولون بان يظهروا بمظهر القوة و العظمة كاجداهم المقبورين من الروس و الترك.
بوتين و اردوغان السبب الرئيسى فى استمرار القتل و التشريد و التهجير و تدمير سوريا و شعوبها و استمرارا للارهاب و الارهابيين بدعمهم لجماعات المسلحة الارهابية المتنوعة لكى تكونوا لهم اليد فى ما تجرى فى المنطقة كند لامريكا و الدول الغربية.
ومن عجب العجائب ان بوتين و اردوغان يجتمعون فى اوصاف متشابهة و لكن يوجد بينهما فروق كثيرة لايجتمعوا مع البعض الا فى وجود اله واحد لكليهما.. ان بوتين هو مسيحى ارثودكسى و شيوعى ماركسى و هو يرى نفسه وريثا شرعيا للقياصرة و امبراطورية الروسية القديمة و اردوغان هو مسلم سنى و اخوانى وهو يرى نفسه بانه الوريث الشرعى للامبراطورية العثمانية القديمة و مابينهاما اعظم من الاختلافات السياسية و الاقتصادية و العسكرية معا ولان الاسلام و الشيوعية والماركسية عدوان لدودان لبعضهم البعض، ومن جانب اخر بوتين و روسيا متحالفين ايضا مع حكام اسلاميين شيعيين فى ايران و هما ايضا من الناحية الفكرية و الايدولوجية عدوان لدودان لبعضهم ولكن المصلحة السياسية و الاقتصادية يجمعهم على طاولة وسفرة واحدة،ضد مصالح شعوبهم و شعوب المنطقة.وهم فقط يريدون ان يستمروا فى الحكم و السلطة باى ثمن ممكن و يرديون ان يشتركوا فى تقسيم الجديد و التغيرات الجديدة فى المنطقة لكى يحصلوا على حصتهم من النفط و الغاز الطبيعى و احتلال قسم من الاراضى لكى يبقى عندهم موطىء قدم دائم فى المنطقة لكى يتدخلوا فى شؤونهم الداخلية كيفما شائوا و متى يريدون.ولهذ السبب تحالفوا معا كحلف شرانى لانهم فقط يريدون الشر و التدمير و الهلاك للمنطقة و ليسوا من اصحاب الخير و البركة و السلام و الامان للمنطقة.
والكرد لديهم تجارب مريرة مع السلطات الروسية و التركية معا، كلاهما ليسوا باصدقاء للكرد و مسالته الشرعية لا فى المنطقة و لا على مستوى العالم،انهم اعدائون حقيقين و معلنين للكرد و حقوقه المشروعة،انهم على مر التاريخ القديم و الجديد ليسوا من اصحاب و مساندة الكرد بل بالعكس دائما يحاولون عرقلة جهود و كفاح و ثورات الكرد ضد الدول الحاكمة فيها، الروس منذ زمن شيخ محمود الحفيد فى العشرينات من القرن الماضى و مرورا بايام حكم قاضى محمد فى جمهورية مهاباد فى اربعينات القرن الماضى و وصولا الى ايام ثورة ايلول فى ستينات القرن الماضى و اخيرا ايام ثورة الكرد فى كردستان الجنوبية بقيادة الاتحاد الوطنى الكردستانى منذ عام 1975 و الشمالية بقيادة حزب العمال الكردستانى منذ 1978 و 1984 و الان فى الغربية بقيادة حزب الاتحاد الديمقراطى الكردى فى سوريا منذ 2011 ليسوا باصداقاء الكرد بل هم واقفين فى الجبهة المضادة للكرد و تحرير كردستان الكبيرة و هم واقفين معا فى جبهة الارهاب و الارهابيين.
و معاملة الترك منذ ايام كمال اتاتورك المؤسس الجمهورية التركية الحديثة فى عام 1923 و لحد الان بقيادة الاردوغان دائما و ابدا واقفين ضد طموحات و امال وحقوق الكرد و موقفهم هذا واضحة وضوح الشمس فى السماء ولا يحتاج الى دلائل و قرائن تاريخية وهو الان يريد التدخل فى كردستان الغربية و الجنوبية و الشمالية محتلة منذ الازل من قبلهم واليوم 4/11/2016 و فى موقف عدوانى و غير انسانى و بعيدا عن روح الانسانية واحتراما للحقوق و الشرعية و الديمقراطية و الحريات اعتقلوا رئيسى الحزب الشعوب الديمقراطية الكردية فى تركيا مع 9 من نواب البرلمانيين وهو يحالف مع حكام ايران ضد الكرد فى كردستان الشرقية وهو يريد استرجاع ولاية الموصل و مدن اربيل و كركوك الى خارطة اجدادها و يحاولوا بشتى الوسائل فى المشاركة فى عملية تحرير مدينة الموصل فقط للوقوف ضد طموحات الكرد الشرعية.
واخيرا الروس و الترك كقوميتين و بوتين و اردوغان كزعيمين متعصبين بنسبة الكرد هما من نفس طينة وهما وجهان لعملة واحدة وهى عملة الشر و الحقد و المكر و الخداع و القتل و التشريد و الدكتاتورية الظالمة وهما متساويين و فى كفة واحدة فى ميزان الخير و الشر الا وهى كفة الشر وليس الخير.
إيلاف