مخاوف كردية ما بعد ’’ داعش ’’
محمد رمضان
منذ أن تمكّن إقليم كردستان العراق في بدايات التسعينات من القرن الماضي في إدارة شؤون مناطقها بمعزلٍ عن حكومة ’’ بغداد ’’ وخاض طوراً ملحوظاً في مجال الصحة والتعليم وغيرها من المجالات الأخرى بوضع حجر الزاوية نحو بناء الدولة بعدما كانت مهمّشة من قبل الحكومات العراقية المتعاقبة وذلك رغم التهديدات المستمرة من الدول الإقليمية في تدخّلها بشكل مباشر بشؤون المناطق الكردية إلا أنّ القائمين على إدارة الإقليم تعاملوا مع المخاطر المحدّقة بكلّ دبلوماسية مع المفردات السياسية وتجنّبوا أيّ صدام مباشر مع التهديدات الخارجية.
وبعد تدخّل الولايات المتحدة الأمريكية في العراق 2003على إثره سقط النظام الرئيس العراقي السابق المتمثل ’’ بصدام حسين ’’ ورافق ذلك تغيير لنظام الحكم في العراق بموجب دستور جديد وضع للبلاد وهنا حصل الإقليم الكردي على ضمانات أكثر في ظل النظام الفيدرالي الذي أخذ منحى أخر نحو مصاف الدولة شبه المستقلة وحظيت بالدعم والاعتراف الدولي.
وبالتالي تمّ استقطاب رؤوس الأموال لكبرى الشركات الاستثمارية للعمل في الإقليم ويعود هذاالأمر إلى سببين هما إنشاء البنية التحتية لدولة قيد الإنشاء والأمن والاستقرار الذي يحظى به إقليم كردستان بعكس الأقاليم الأخرى في العراق ممّا جعله محط أنظار المستثمرين.
ومع ظهور تنظيم الدولة الإسلامية ’’ داعش’’ وبسط سيطرته على مدنية الموصل ثاني أكبر المدن العراقية بعد العاصمة ’’ بغداد ’’ ممّا زاد من قوة تنظيم الدولة لحصوله على الأسلحة من ترسانة الجيش العراقي ودخوله إلى قضاء سنجار’’ شنكال ’’ وبات أمن الإقليم في الخطر مرة أخرى.
وسرعان ما جاء الدعم الأمريكي في الوقت المناسب لردع مخاطر تنظيم الدولة عن الإقليم بعدما شنّت مقاتلات السلاح الجوي الأمريكي عدة غارات على معاقل لتنظيم الدولة في سبيل وقف الزحف نحو المدن الكردية الأخرى على سبيل المثال لا الحصر مدينة ’’هولير’’ عاصمة إقليم كردستان وخاض مقاتلو البيشمركة معارك شرسة ضد مقاتلي تنظيم الدولة وحرّروا عدة مناطق من قبضة مقاتلي تنظيم الدولة أهمها ’’سد الموصل ’’ وخازر’’ وأخيراً في مدنية الموصل.
وبحسب أقوال قادة عسكريين في القوات الكردية ’’ بيشمركة ’’ أنّ قواتهم سيطروا على 98% من الأراضي إقليم كردستان بإشارة إلى إسقاط مادة 140من الدستور العراقي المتعلقة بالمناطق المتنازع عليها مع الحكومة المركزية بما فيها مدينة ’’ كركوك ’’ النفطية.
كلّ ما سبق أعلاه من النجاحات والامتيازات التي حققها إقليم كردستان على كافة الصعد في ظل المتغيرات الدولية والإقليمية المتسارعة وتمكين الجبهة الدفاعية في حربها ضد تنظيم الدولة بفضل قوات البيشمركة ليس مهماً ولا يصون الأمن والاستقرار للإقليم.
وهناك نقطتان أساسيتان تحاول الدول الإقليمية من خلالها زعزعة أمن واستقرار الإقليم بعدما فشلت في الوقت السابق في القضاء على الحلم الكردي , والخطر القادم ما بعد داعش وهو الحشد الشعبي ’’ الشيعي ’’ المدعوم إيرانياً الذي لا يقلّ خطورة عن تنظيم الدولة إلا أنّ الخطر الثاني أكثر خطورة من الأول ألا وهو من داخل البيت الكردي وهنا تكمن الخطورة ربمّا تكون نتائجها وخيمة على الكرد بشكل عام وتلعب هذا الدور الأحزاب الكردية المدفوعة من النظام الإيراني وهما حركة التغير ’’ كوران ’’ بقيادة نشروان مصطفى وجناح من حزب الاتحاد الوطني الكردستاني الذي يقود هذا الخط ملا بختيار وجماعات إسلامية كردية فهل نحن أمام زوال الإقليم الكردي مرة أخرى أم أنّ هناك كلمة الفصل للحزب الديمقراطي الكردستاني بقيادة ’’ مسعود البرزاني ’’ قبل فوات الآوان ونترك الصورة للأيام القادمة هي من تقرّر مصير الإقليم الكردي بعيداً عن خيمة الأجندات الإقليمية.