أجندة المعارضة.. أجهضت الثورة
سقوط حلب في مدةٍ زمنيةٍ قياسيةِ ، إثر سنتين من المواجهات وأعوامٌ خمسةٌ تمضي على الثورة وعسكرتها ممّا أدّى إلى استنزافٍ كبيرٍ لقوى النظام عسكرياً ونفسياً مع الخسارات الجسيمة التي طالت مليشيات حزب الله والفارسيين … لها دلالات سياسية عدة ، لا سيما بعد التغيير السياسي المعلن والتدخّل التركي المباشر في أراض سوريّةٍ محدّدةٍ ، قد يتبادر إلى الذهن سريعاً.أنّ أردوغان سهّل كثيراً المهمّة أمام القوات الروسية والنظام لسقوط حلب …
وهذا تفكير سليم يؤكّده الفشل وتراجع ما يُسمّى بالجيش الحرّ وانقسامه على نفسه ، إضافةً إلى الصمت الإعلامي ..كلّ ذلك وفق التغافل الدولي وغيابه التام عن المشهد السياسي الظاهري أو هكذا يُفهَم… بينما يتراقص أمام أعيننا تسلسل المواقف الدولية خلال االسنوات والأشهرالماضية وعبر تصريحات المسوؤلين واللقاءات الجانبية للمعارضة وائتلافهم الخاوي من كلّ ائتلاف أو انسجام وبالذات محاولات الحركة الأخوانية المذهبية التي تتحكّم بمفاصل هيكلية المعارضة والمتمثّلة بتبييض صورة أردوغان حامي المصالح الاستراتيجية التركية التي تقايض الأمريكان والروس وتساوم إسرائيل درءاً لانعكاس التأثيرات وتحفيزات الربيع العربي مخترقاً حدودها الطويلة مع سوريا وعلاقاتها القوية مع العرب والحركات الإسلامية …
أمّا حقيقة المشهد الأبعد عن تصوّراتهم وهي الرغبة الدولية ومساعي القطبين المتصارعين على النفوذ في الشرق الأوسط تمهيداً لتجديد سايكس بيكو ومحو ملامح الاستعمارالقديم وحلفائهم الإقليميين إذ تنامَت الضغوط الأيرانية على المنطقة العربية وازدادت تدخّلاتها في شوؤنهم الداخلية تنافساً مع الدولة العميقة لتركية … هذه الرغبة لاحت في اتّفاق ابتدائي بضرورة الحلّ السياسي في أروقة جنيف . . وتشكيل حكومة انتقالية من الطرفين ، على صيغة لا غالب ولا مغلوب .. بعد يأسهم من ظهور معارضة جادة واعية لإدارة البلاد والضامنة لحماية مصالحهم في المنطقة !!! حكومة توافقية تضع دستوراً جديداً يحقّق جزءاً من المصالحة الوطنية … ومشاركة كلّ المكوّنات القومية والطائفية لتأمين التوازن السياسي للقوى الفاعلة ولحلفاء كلٍّ من القطبين … وهذا ما لا تستوعبه المعارضة وتسندها الحركة الأخوانية والإسلامية المدعومة خليجياً وتركياً ….من جهةٍ هو امتداد لصراعهم المذهبي مع أيران الشيعية !!! ومن حهةٍ أخرى تبقى للقضية الكردية الأولوية في الخلافات الاقليمية …فالمسألة الكردية تتوزّع بحسب جغرافيتها بين تركيا وأيران والعرب….
وكلٌّ منهم يحاول الاستفادة من الورقة الكردية .. والتهرّب من إمكانية إيجاد الحلول … والمعارضة العروبية مع تركيا تخشى من تشكيل كيان كردي ويشاركهم الروس الذين تقلقهم وجود الحقول النفطية في المنطقة الكردية وتكون امتداداً وممرّاً لكردستان العراق في محاولة للوصول إلى البحر الأبيض المتوسّط وتقوية إمكانيات الكرد وطموحهم بتشكيل الدولة الكردية الكبرى …. حيث بانت وتوضّحت التوجّهات السياسية الكردية العامة في التحالف مع أمريكا …هذه القراءة المستقبلية الأكثر قرباً للواقع السياسي جعلت من المعارضة مطية للدول الإقليمية وأطماعهم … وورقة مستثمرة لهم في محاولة تبديد المخاوف والمساومة مع الدول الكبرى.. وخدمت النظام باستعادة السيطرة على حلب ومساحات واسعة من الأراضي السورية ..
ريزان ادم