أخبار - سوريا

الاستقرار في أحضان نيتشه

سيبان عيدي

ولد الفيلسوف الألماني فريدريك نيتشه عام 1844 وترعرع في ظل عائلة مسيحية متدينة .. الفيلسوف المتفوق على رفاقه في المدرسة .. صاحب الدهاء الخالص .
بدايته الثقافية : تأثر في شبابه بوحدة المانيا وزعيمها((بسمارك)) ورأى فيه كمالاً للشخصية الألمانية. توفي والده وهو في الخامسة من عمره .. فعاش انقلاب وجهه إلى التشاؤم ..
وتعرف على الفيلسوف الألماني((شوبنهاور)) وانغمس في قرأته وأعماله.. كما أنه عشق الموسيقى الكلاسيكية وقام بتأليفها.. درس نيتشه في الفيلولوجيا وتعلم اللغات القديمة واهتم في سنة التخرج بالمسرح والفلسفة الأغريقية القديمة.
نيتشه العالم اللغوي والشاعر .. العابد لإرادة القوة .. الفيلسوف الذي وضع عوضا عن الإله الإنسان المتفوق .. الملهم للمدارس الوجودية وما بعد الحداثة ..
سعى نيتشه إلى تبيان إخطار القيم السائدة عبر الكشف عن آليات عملها عبر التاريخ كالأخلاق السائدة .. دعا إلى تمييز العنصر الفعال ومعاداة السامية والأديان ولا سيما المسيحية .. ورفض أيضاً المساواة بشكلها الاشتراكي أو الليبرالي بصورة عامة ..
سعى إلى توحيد الفكر الأوروبي ضمن بوتقة واحدة ونبذ التشتت الذي حصل في أوروبا والذي كان أولى أسبابها الديانة المسيحية ..
وقد رأى في نفسه أنه (( عدو المسيح ))
إذ رأى في المسيحية انحطاطاً .. وسعى إلى تمجيد القوة والفن .. واستخف  بالرقة والنعومة وطيبة القلب التي رآها من صفات المسيحية ..
أصيب نيتشه بمرض شديد ، وشارف على الموت حيث أوصى لأخته وخاطبها قائلاً : (( إنما إذا متُّ يا أختاه لا تجعلي أحد القساوسة يتلوا علي بعض الترهات في لحظة لا أستطيع فيها الدفاع عن نفسي )) .
لكنه شفي بعد ذلك وذهب إلى جبال الألب ليتعافى وهناك كتب كتابه الشهير (( هكذا تكلم زرادشت ))
الذي مزج شعراً قوياً وحساساً مع مبادئ فلسفية مبتكرة وواقعية .. حيث أعاد النظر بالمبادئ الأخلاقية الفلسفية .. ولم تعد بعده الفلسفة الأخلاقية كما كانت ..
ومن أهم اعماله (( ما وراء الخير والشر )) حيث رأى أن الحب يتوسطهما .. و (( عدو المسيح )) التي لا قت رواجاً ومعارضة قاسية .. (( مولد التراجيديا )) ..
حيث سبق نيتشه عصره في طرح المشاكل الاخلاقية الفلسفية وعالجها بشكل ثوري متطرف ومعمق وكثف جهوده لإيجاد الحل عبر الانسان القوي أو (( سوبر مان )) كما سماه ..

المرأة عند نيتشه

يظهر نيتشه علاقة الرجل مع المرأة كعلاقة مركبة متناقضة ومعقدة لا يمكن تفسيرها بالثنائيات الجاهزة كـ (( الحب ، كراهية ، رغبة ، نغور ))
تتناقض المرأة عند نيتشه .. ففي بعض كتاباته نراه يطري عليها بشكل كبير ” النساء يمتلكن الذكاء ، والرجال يملكون الشخصية والمنصب ” وقال عن ذكائها ايضاً ” الغباء عند المرأة ليس من الانوثة ”
وفي نقطة أخرى يصفها بأنها نصف البشرية الضعيف والمضطرب ، وأنها بحاجة الى دين يقدس الضعفاء والمتواضعين ..
واعتبرها ايضاً بأنها ليست إلا أداة للترفيه عن الرجال في حالة الحرب ..
وما علينا نحن إلا أن نحب ونتابع المسيرة (( النيتشويه )) التي وصفها على انها طريق الخلاص نحو الاستقرار البشري ..
وانهار نيتشه في احدى شوارع تورينو سنة 1889 ، وتوفي سنة 1900 ودفن في مسقط راسه في ريكن .. ولم يتم تنفيذ وصيته حيث قرأ عليه أحد القساوسة تلقينة الموت المسيحية .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى