آراء

المسـيحية مـن بـوابـة كــوباني

محمـد رمضـان
ظهرت في الآونة الأخير ظاهرة اعتناق المسيحية والتحوّل العقائدي بين أبناء مدينة ’’ كوباني ’’ الكردية المعرّبة إلى ’’ عين العرب ’’ في كردستان سوريا ، بلا شكّ تلك الظاهرة تندرج ضمن إطار التحوّل الاجتماعي والسعي الجماعي أو الفردي إلى تحسين الظروف الحياتية أو التمرّس مع معطيات القوة تخوّفاً وتوجّساً من المستقبل، فالظاهرة ليست عابرة أو مؤقّتة باعتقادي نظراً لتداخل الدوافع والمحرّضات.
لذا فالموضوع يحتاج إلى دراسة مستفيضة تبعاً لتعريفات علم الاجتماع بمعزل عن المؤثرات السياسية التي اجتاحت المنطقة ، وحتى لا يضيق بنا المجال في هذا السياق، سوف نذكر باختصار الأسباب والدوافع المحتملة والمباشرة، لعلّ تعرض المدينة وريفها لهجمة شرسة من قبل مقاتلي تنظيم الدولة الإسلامية ’’ داعش ’’ يأتي في مقدّمة الدوافع كما لو أنها نوع من التمرّد والانتقام الفكري والأيدولوجي، وبلا ريب تلك الهجمة الهمجية أجبرت الضمير الجمعي للمجتمع إلى إعادة النظر في قناعاته الفكرية والعقائدية ممّا سوّغ التحوّل العقائدي أسهل الحلول في ظلّ انعدام الوسائل وسبل المقاومة.
وبما لا شك فيه أن البؤساء والعامة هم المتضررون المباشرون من النزاعات الفكرية والأيدولوجية ولا تمتلك التريّث والحلم المطلوب بغية إطلاق الأحكام على الظواهر غير المتوقّعة والطارئة كالنزاع على خلفية المبادىء الدينية المقدّسة ، فالنظرة الظاهرية والسطحية من منظور البسطاء أن الدين الإسلامي يحثّ على التكافل والتراحم ويحرّم القتل والتشريد والترويع، بينما تنظيم الدولة انتهج سياسة الصدمة وإثارة الرعب والرهبة والتنكيل والتدمير ولا يخفى على أحد انتهجوا التحشيد القومي حيال التجييش ضد المجتمع الكردي.
فالإسلام بات في نظرة العامة الكردية أيدويلوجية تخدم الأهداف العربية ، ولو أننا نعلم الحقيقة ولكنّ العامة الكردية رأت عكس ذلك،وخاصة حينما أطلق تنظيم الدولة يد المكوّن العربي المحيط بالمجتمع الكردي للنهب والسلب وتدمير القرى الكردية ممّا أثقلت الذاكرة الكردية بالتحامل على كلّ ما يمتّ ؟ إلى الإسلام بصلة، والانكى من ذلك العبث بالمزارات الدينية وقبور المشايخ والأولياء الصالحين مثل ’’ كورك – كوجه بوبه – شيخ ابرام ’’ وغيرها، والتي تحمل طابعاّ قداسياً خاصاً لدى العامة الكرد، فالاستنتاج الظاهري كان مروعاً لدى البسطاء لدرجة إيجاد الإسلام كذباً وعبثاً فكرياً نفعياً ، إذ لم يستوعب تدمير المزارات دون أن يخسف الله بهم الأرض، هكذا هو إيمان البسطاء، و الذاكرة الجمعية للمجتمع تحمل ما هو أدنى والأمر إلى ذلك ، لعل في المقدمة التدمير الممنهج للمساجد ودور العبادة بمشاركة من أبناء المكوّنات المجاورة لحدود المنطقة الكردية ، ومن الجانب السياسي الإسلامي الرسمي ،لم يصدر أي تنديد مباشر من قبل المنظمات والدول الإسلامية أو حتى الشخصيات الدينية المعروفة على الساحة الإسلامية بهذه الجرائم التي ارتكبها تنظيم الدولة بحق أبناء المدينة ، ومن مفارقات القدر صادفت مجزرة في شهر رمضان الكريم والتي راح ضحيتها مئات من الأبرياء جلّهم من النساء والأطفال ، ولمكانة هذا الشهر في الضمير الجمعي الكردي أصبحت تلك المجزرة بمثابة الصدمة من مصداقية الإسلام ومبادئه، بكل تأكيد موضوع التحوّل الديني ليس بهذه البساطة والسطحية الذي تطرّقنا إليه ولكن حاولنا تبسيط الظاهرة ودوافعها ، وفي الحقيقة الموضوع يحتاج إلى دراسة أعمق وأدقّ كما أسلفنا.
وهنا سؤال يطرح نفسه على الواقع الكردي فهل يمكن القول أن مدينة كوباني أصبحت البوابة للمسيحية إلى المدن والبلدات الكردية الأخرى في كردستان سوريا.

جميع المقالات المنشورة تعبر عــن رأي كتابهـا ولا تعبــر بالضــرورة عــن رأي يكيتي ميديا

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى