الدستور يضمن للكرد الانفصال عن العراق
محمد واني
لم يكد “مسعود بارزاني” يلقي بقنبلة ” الاستفتاء” لاستطلاع آراء الشعب الكردي في “البقاء” او “الانفصال” عن العراق في الساحة العراقية والاقليمية حتى اجتاحت عاصفة من الاحتجاج والاستنكار الواسعة ضده لم تهدأ لحد الان، رغم ان عملية الاستفتاء لم تجر بعد والشعب لم يصوت لحد الان بـ “لا” او “نعم” ولم يعبر عن رأيه تجاه هذا الامر، ولكن الدول الاقليمية التي تخضع الشعب الكردي لسطوتها الاستعمارية تدرك جيدا ان الكرد يتوقون للحرية وسيصوتون للانفصال في اول فرصة تسنح لهم وبنسبة عالية، كما حدث في عام 2005 على هامش الانتخابات العراقية اذ صوتوا على الاستقلال والانفصال عن العراق بنسبة تفوق %95، وهي لا تريد ان تتكرر تجربة نتائجها معروفة سلفا، وستعمل المستحيل لاحباطها وافشالها مستعينة بحلفائها و اعوانها من القوى والاحزاب الشيعية المنضوية في التحالف الوطني الحاكم في بغداد، و بعض الاحزاب الكردية والشخصيات والحركات السنية الموالية لها، وعلى رأس هذه الدول ” ايران” التي لها اذرع طويلة في مفاصل الدولة العراقية، وفي النهاية شكلت هذه الدول والقوى المؤثرة المعادية للتوجه الاستقلالي للكرد بمجموعها جبهة معارضة قوية اعتمدت استراتيجية “احباطية” لثني القادة الكرد عن مواصلة استعداداتهم لاقامة انتخابات تحت اشراف المنظمات الدولية لاتمام عملية الاستفتاء، فهي لم تعترض على حق الشعب الكردي في اختيار نوع العلاقة مع العراق وحريته في تقرير مصيره واتخاذ قراره بنفسه كحق من حقوق الانسان التي كفلتها اللوائح والمواثيق الدولية ولكنها اعترضت على التوقيت فقط حيث زعمت ان الكرد اختاروا الوقت الخطأ في تحديد موعد الاستفتاء بسبب المشاكل الداخلية السياسية والاقتصادية وانشغال الدولة بمحاربة تنظيم “داعش”( ومتى كان العراق غير منشغلا بحرب داخلية او الخارجية منذ ان وجد !)رغم ان انسب وقت وفق المعايير السياسية الذي يمكن ان يعلن فيه الكرد استقلالهم وانفصالهم عن العراق هو الوقت الحالي واي تلكؤ او تأجيل في موعد الانتخابات يعني تفويت فرصة كبيرة للشعب الكردي لايمكن حصولها في حالة السلم والاستقرار، فاذا كان بعض اقطاب “الحشد الشعبي” لاينفكون عن اطلاق تهديدات يومية للشعب الكردي وقوات “البيشمركة” ويتوعدونها بالويل والثبور وعظائم الامور وهم في حالة حرب مستعرة مع قوى الارهاب، فما بالك ان استقر بهم الحال وصفى لهم الجو وتربعوا على السلطة المطلقة، فماذا عساهم ان يفعلوا؟ هل يسمحون للكرد باجراء استفتاء لتقرير مصيرهم ؟ الجواب قطعا لا..
اضافة الى تحجج الدول الاقليمية المعادية لتطلعات الشعب الكردية وزعماء التحالف الوطني بالوقت لرفض المشروع الكردي، فانهم تحججوا بالدستور لذات السبب وحاولوا اظهار ما يطرحه “بارزاني” على انه مخالف للدستور ومواده التي تقضي بوحدة العراق وترفض كل ما يؤدي الى تفتيته وتقسيمه، وبما ان الكرد قد صوتوا لصالح الدستور بملأ ارادتهم عام 2005، فانهم ملزمون بالانصياع له وتنفيذ ماجاء فيه بالحرف ! وبالتالي لايحق لهم اجراء استفتاء لتقرير مصيرهم ! هذا ما قالته ايران وتركيا وردده من بعدهما حيدر العبادي وكل اقطاب التحالف الوطني، وبهذا الصدد يقول المالكي ؛”..الدستور ليس فيه كلمة واحدة عن تقرير المصير ولا فيه كلمة واحدة عن حق الانفصال”. ربما نسي المالكي والمتحججون بالدستور ان ديباجة الدستور يصرح بشكل واضح وصريح لالبس فيه على ان نظام الحكم في العراق اتحادي اختياري مشروط بتنفيذ الدستور باعتباره عقدا اجتماعيا بين مكونات العراق وبخلافه فان هذه المكونات في حل من عقدهم ( نحنُ شَعْب العراقِ الذي آلى على نَفْسهِ بكلِ مُكَونِاتهِ وأطْياَفهِ أنْ يُقَررَ بحريتهِ واختيارهِ الاتحادَ بنفسهِ.. إنَّ الالتزامَ بهذا الدُسْتورِ يَحفَظُ للعراقِ اتحادَهُ الحُرَ شَعْبَاً وأرْضَاً وسَيادةً.) فهل يوجد كلام اوضح من ذلك؟ العراق واحد موحد والعلاقة قائمة بين ابناءه على اكمل وجه مادام القائمون بالحكم ملتزمون بالدستور و ينفذونه دون تلكؤ او خداع وبدونه كل مكون له الحق في اختيار الطريق الذي يحقق له مصلحته ! فهل نفذ حكومات الجعفري والمالكي والعبادي بند واحد من بنود المادة 140 الدستورية ليكون لهم الحق في رفض المشروع الكردي؟!