ترامب و الانقلاب الأمريكي على الحرس الثوري الإيراني
يكيتي ميديا- Yekiti Media
جاءت الزيارة التاريخية للرئيس الأمريكي دونالد ترامب للسعودية و اختيارها المحطة الخارجية الأولى له ليعلن للعالم أجمع عن تحالف جديد بدأ يتشكل بين أمريكا و العالم الإسلامي , و قد أكد ذلك من خلال اجتماع أكثر من خمسين من قادة الدول العربية والإسلامية للقاء الرئيس الأمريكي و التأكيد على زعامة و ضمانة المملكة العربية السعودية للعالم الإسلامي من خلال ما تضمنته الزيارة من عقد قمم سعودية أمريكية أولا ً وخليجية أمريكية ثانياً وإسلامية أمريكية ثالثاً .
ويأتي هذا التحالف الجديد ليعلن في خطوطه العريضة لجم التدخل الإيراني السافر في المنطقة و دعمها للإرهاب الذي أصبح يمتد هنا وهناك بفعل الفوضى الخلاقة التي أحدثتها النزاعات المنتشرة في الشرق الأوسط والحرب الطائفية التي يقودها الحرس الثوري الإيراني و الميليشيات الشيعية التابعة لها في سوريا ولبنان والعراق واليمن وما تحدثه من قلاقل في البحرين و الكويت و السعودية و مصر . و بلا شك تأتي السياسية الأمريكية الجديدة بمثابة انقلاب على التمدد الإيراني بعد عقود من إطلاق يدها في المنطقة لتشكيل الهلال الشيعي الذي تطمح إليه إيران , وحان الوقت للبدء بمرحلة جديدة و هو دعم العالم الإسلامي السني في وجه التوسع الإيراني و تقويض نفوذها لتغدو العملية أشبه بكر وفر بين الطوائف الإسلامية المتحاربة متمثلة بالشيعة و السنة .
ولا شك أن كل دعم سياسي لا بد أن تسبقه مصالح اقتصادية ضخمة بدءاً من حجم التبادلات التجارية و مروراً بإقامة المشاريع المستقبلية في مجالات الطاقة و التكنولوجيا و بناء القدرات العسكرية واستخراج الثروات الباطنية على المدى الطويل , وقد أعلنت السعودية وأمريكا أن الاتفاقيات الاقتصادية الموقعة بينهما بلغت حوالي 400 مليار دولار , ما عدا المشاريع التي ستعقد بين أمريكا وباقي دول العالم الإسلامي , إضافة إلى الهدف الأساسي وهو محاربة الإرهاب ومصاريف المراكز الدولية والتحالف الدولي في حملاته على الإرهاب المتمثل بتنظيم داعش وغيرها .
وتحاول الإدارة الأمريكية الجديدة بقيادة دونالد ترامب أن تعيد الدور الأمريكي المتأمل منه في الشرق الأوسط بضبط التوازنات السياسية و العسكرية بعد فترة من الركود و التخبط انتابت الدور الأمريكي في عهد باراك أوباما , مما أدى إلى تنامي النفوذ الإيراني الروسي و زعزعة الاستقرار في المنطقة مع ظهور تيارات متطرفة استطاعت عبور الحدود المحلية لتحدث الكثير من المشاكل والعنف في أوربا , فضلاً عن الانتهاكات الخطيرة للمواثيق الدولية وحقوق الإنسان التي مارستها كل من روسيا و الميليشيات الإيرانية و النظام السوري بحق المدنيين والتي تدعي أمريكا بحمايتها و تنصب نفسها راعية لحقوق الإنسان .
وكما استطاعت السعودية أن تقنع أمريكا بزعامتها للعالم الإسلامي و تأثيرها الكبير في توحيد خطابهم المعتدل ضد الإرهاب و الوقوف في وجهه , في ظل التنافس الذي تتلقاه من تركيا و مصر في تقديمهما لثقلهما الإقليمي و الإسلامي , وبالمستوى نفسه يمكن للكرد أن يقنعوا العالم بأحقيتهم بإقامة دولتهم المستقلة لتصبح سداً و حاجزاً يحد مفاصل الصراع الطائفي الشيعي و السني أولاً والصراع التنافسي على قيادة العالم الإسلامي بين تركيا و السعودية ثانياً , حيث الامتداد الجغرافي لأراضي كردستان على مشارف كل من إيران وتركيا والعالم العربي , في ظل تناغم مصالحهم مع المصالح السعودية الخليجية والعالم الإسلامي السني , مع الاعتدال الذي يتصف به الكرد دينياً وفكرياً والتضحيات الكبيرة التي قدموها في وجه الإرهاب والقضاء عليه , الأمر الذي يرفع من شأنهم الدولي ويكسب الرضا الأمريكي .
وأخيراً يمكننا القول أن الصراع في الشرق الأوسط مكتوب له أن يستمر طويلاً في تنازع القطبين الأمريكي و الروسي على سيادة العالم والتلاعب به لتمكين السيطرة السياسية و الاقتصادية , مع إذكائهما التنافس الإقليمي الطائفي و الزعامة الدينية بين دول المنطقة ناهيك عن الصراع القومي , فضلاً عن الجهل و الاستبداد المستشري الذي يسهل من مهمة تزامن الصراع وسرمديته ويجعله مؤهلاً لكل التحولات الجذرية في المنطقة .
عماد يوسف