البُعد الكوردستاني … لاستقلال إقليم كوردستان العراق الفيدرالي
قهرمان مرعي
منذ ثورة ايلول العظيمة1961 , يعتبر اقليم كوردستان العراق نواة كوردستان الكبرى التي تدور في فلكها الأجزاء الأخرى كنترونات موجبة وسالبة , بمقدار قربها وبعدها في التأثير و التأثر في مجريات الأحداث الكبرى من الإنتكاسات والإنتصارات خلال مسيرة بلغت ستة عقود من عمرالزمن الذي نعتبره كوردستانياً بإمتياز , كحالة جذب وشد تخطى حالة العاطفة إلى عنصر التفاعل الإرادي الذي لا ينفك في تجدده وتطوره الركون نحو المصير المشترك الذي لا انفصام فيه .
الجغرافية الطبيعية والبشرية الكوردستانية التي تحيط بالنواة ( الدولة المرتقبة ), كعمق حيوي إذا أحسن استثماره شعبياً وسياسياً يعتبر جدار أمان (عازل ) من تآمر الدول الغاصبة ( ايران ,تركيا , سوريا , العراق ) في الوقت الذي ندرك جيداً بأنه ومنذ العمليات العسكرية لـ ب.ك.ك في صيف 1984 تم عزل كوردستان الشمالية لوجستياً , كساحة كبرى من التأثير الإيجابي , بل على العكس اصبح يستهلك طاقة الأجزاء الأخرى بشرياً وإقتصادياً دون أدنى نتيجة , بفعل السياسات الكارثية لـ ب.ك.ك ومثابرته لخلق مزيد من المبررات على جعل ريف كوردستان ومدنه ساحة لعمليات الجيش التركي الفاشي والدولة العنصرية العميقة , بحيث أصبح هذا الجزء المهم من وطننا يعيش حالة العطالة القومية شعبياً وسياسياً , فيما تعيش كوردستان الشرقية حالة التخبط والتفكك بين قواها السياسية المسلحة منذ إنقلاب الخميني على الشعوب الإيرانية , لأسباب كثيرة معروفة من جملتها تأثيرات الحرب العراقية الايرانية وكذلك تدخلات الأطراف الكوردستانية المتنفذة في شؤنها الداخلية ومدى علاقتها مع جمهورية الغدرفي ايران والتي تتحكم في بعض جوانبها مصالح الجغرافية السياسية بالنسبة لبعض القوى في إقليم كوردستان العراق , فيما يساهم تواجد مقرات ب.ك.ك مزيداً من التأزيم في الوضع , بسبب العلاقة المشبوهة مع الجمهورية الطائفية , حيث أنعكست تلك العلاقة وتقاطعت مع مصالح نظام الإجرام الأسدي في سوريا , بشكلها السافر دون أي إعتبار لمساهمة أبناء وبنات هذا الجزء في الثورة السورية ولا لتضحياتهم , كقرابين لمذبح فكرة استقلال (باكور)الموهومة سابقاً ولا لديماغوجيا الإستعارات الفلسفية والايديولوجية الخائبة لاحقاً , بحيث أصبح اقليم كوردستان سوريا غرباً , خارج النطاق , لاحاجة لذكر الأسباب والأوضاع التي باتت تشكل أزمة على الصعيد الوطني الكوردستاني , حيث يعيش حالة العزلة التامة عن محيطه القومي لصالح ماكينة الحرب الدولية لما يسمى بالإرهاب , في حين إن الإرهاب المضاد الممارس في مواجهة تطلعات الشعب الكوردي وحركته السياسية أشد وطئة من الإرهاب التقليدي الأعمى .
نحن بإختصارأمام واقع يساهم في التجزئة أكثر من الحدود السياسية للدول الغاصبة , لا شك أنَ العدو يراهن على مفاعيل التشتت الداخلي أكثر من المواجهة المباشرة , و بالتأكيد دولة كوردستان ستكون بحاجة إلى إعتراف خارجي , كما إن الاعتراف الداخلي لإبنائها المتمثل في نتيجة الاستفتاء , يعتبرهوالأهم مع وجود مخلفات لصراع القوى والأحزاب والبيئات التقليدية لم تظل محفوظة في سلة المهملات والحرص كل الحرص أن لا يعاد تدويرها .
في حين إن اتفاق الاطراف السياسية في إقليم كوردستان العراق الفيدرالي على إجراء ريفراندوم 25ايلول 2017 حول الاستقلال وتفعيل المؤسسات التشريعية وإعادة ترتيب الأولويات , قد يدفعها إلى تقييم علاقاتها مع الاطراف الكوردستانية وخاصة ب.ك.ك لإسباب منها تخفيض حدة الصراع وشدة التوتر بينها بسبب الوضع الجديد , الإلتفات الى العلاقات الخارجية لدولة كوردستان مع العالم والمحيط الاقليمي وتجديد وتطوير آلية الحكم الرشيد , إعادة رسم الخطط الخاصة بالتنمية البشرية والاقتصادية وعلى رأس ذلك كله ممارسة الديمقراطية ونزعها من لبوس المفاهيم النظرية من خلال إجراء إنتخابات رئاسية وبرلمانية وترسيخ فكرة تداول السلطة واحترام حقوق الإنسان الفرد وتضمين فكرة المواطنة حقوقها الكاملة العادلة لتوحيد موقف الشعب في إطاره المدني بدلاً من البنى التقليدية العشائرية ….إلى آخره .
فهل سيكون اعلان الدولة مثقلة بتركة الدولة العراقية المتراكمة لمدى قرن كامل , أم سيكون هناك قطع مع ذلك الماضي المؤلم , فيما يتعلق باسم الدولة على سبيل المثال ( دولة كوردستان العراق ) على غرار اسم ( دولة جنوب السودان ) أم سيتم تجاوزذلك التوجس من الجوار الاقليمي بتسميتها ( دولة كوردستان ) لما يتضمنه من معنى ومغزى للإنتماء لـ كوردستان الكبرى كحقيقة تاريخية وواقع معاش ومستقبل ينشده الشعب الكوردي في إتجاهاته المكانية الأربعة , ونحن مقبلون على إنقلاب جذري لمعظم المفاهيم السائدة لقرن مضى , بدأ يرسم المعالم الحقيقية لشرق اوسط جديد , مع إشراقة شمس الحرية , منطلقاً من كوردستان الوطن , حيث الخضرة والماء والوجه الحسن.
جميــع المقــالات المنشــورة تعبــر عــن رأي كتـابهــا ولا تعبــر بالضـــرورة عــن رأي Yekiti Media