الرئيس بارزاني يــرد على رسالة الأمين العام لجامعة الدول العربية
Yekiti Media
أكد رئيس إقليم كوردستان، مسعود البارزاني، اليوم الخميس، 3 آب، 2017، أن الإقليم يعمل على تحويل الصراع المتوقع بين كوردستان والعراق إلى تعاون مثمر، مشيراً إلى أنه “لا يمكننا القبول بالتبعية والإقصاء.. ويجب العتب على أصدقائنا في العراق وليس علينا نحن؛ لأنهم هم من دفعونا إلى ذلك”؛ رداً على الرسالة التي وجهها الأمين العام لجامعة الدول العربية، أحمد أبو الغيط ودعا فيها إلى مراجعة قرار إجراء استفتاء استقلال إقليم كوردستان المقرر في 25 أيلول المقبل.
وقال البارزاني في رسالة وجهها إلى الأمين العام لجامعة الدول العربية: “تلقينا رسالتكم الكريمة، ونشكركم على تهانيكم بالانتصارات الأخيرة على منظمة داعش الإرهابية في الموصل، التي شاركت فيها قوات بيشمركة كوردستان وفتحت خطوط الصد الأولى للقوات العراقية التي دخلت عبر أراضي إقليم كوردستان لتستكمل عملية تحرير الموصل، بعد أن نجحت قبل ذلك بأشهر قوات البيشمركة من تحرير مناطق حوض شنكال زمار ومدينة شنكال وزمار وربيعة وسد الموصل والكثير من سهل نينوى في شرق وشمال وغرب الموصل”.
وبشأن الاستفتاء على حق تقرير المصير وأسبابه وموجباته أشار البارزاني إلى بيان بعض الحقائق حول هذا القرار بالقول: “إن تأسيس دولة العراق الحالية كان منقوصاً في الأساس، وجاء بموجب اتفاقية سميت حينها وحتى يومنا هذا في الأدبيات العربية جميعها بأنها اتفاقية استعمارية، فالموصل مثلاً كانت ولايةً عثمانيةً تضم المحافظات الحالية (نينوى وأربيل و دهوك وكركوك والسليمانية وقسم من صلاح الدين)”، موضحاً أنه “في استفتاء عام 1924م الكورد هم من منحوا هوية هذه الولاية عراقيتها عبر تصويتهم لصالح الانضمام إلى المملكة العراقية التي تكونت من ولايتي بغداد والبصرة فقط مطلع العشرينيات من القرن الماضي”.
وذكر رئيس إقليم كوردستان أن “هذا القرار معالي الأمين العام بني على أساس الشراكة الحقيقية بين الكورد والعرب في إدارة العراق وخيراته مع احترام حقوق باقي قومياته الأخرى”، مستدركاً: “لكن في أرض الواقع وللأسف الشديد كانت حصتنا من هذه الشراكة وعبر مرحلتين منذ تأسيس الدولة العراقية”.
ولفتت الرسالة إلى أن المرحلة الأولى امتدت حتى 2003 “حيث منحتنا هذه الدولة أقسى الحروب والقصف الكيماوي في حلبجة وغيرها من المناطق في كوردستان، وعمليات الأنفال سيئة الصيت التي أنتجت تهجير وتدمير 4500 قرية من مجموعة 5000 قرية وتغييب وإبادة 182 ألف مواطن من كوردستان بعد تهجيرهم إلى جنوب العراق وصحاريه، ومع كل هذه المآسي ولأجل العيش المشترك والمحافظة على وحدة العراق واستقراره ومحاولة إيجاد فرصة للسلام المشرف ذهبنا إلى بغداد وصافحنا من اقترف تلك الجرائم ضد شعبنا عام 1991م؛ إلا أنهم استمروا بذات النهج في إنكار قضيتنا ومأساة شعبنا واستمر ظلمهم”.
وحول المرحلة الثانية، شدد على أنها “بدأت مباشرة بعد سقوط نظام صدام حسين في نيسان 2003م حيث ذهبنا إلى بغداد مستبشرين خيراً بسقوط الدكتاتورية وأساليبها وسلوكياتها الطاغية والظالمة، إيماناً منا بالشراكة الحقيقة وحفاظاً على وحدة العراق وبناء دولة تسود فيها الديمقراطية والشراكة الحقيقية والمواطنة الحقة، وساهمنا بكل ما كنا نتمتع به من مؤسسات دولة حيث مارسنا استقلالنا الذاتي بعد انبثاق المجلس الوطني الكوردستاني والحكومة المحلية في 1992م، مساهمة كبيرة ومشهودة في استقرار أوضاع العراق بعد سقوط نظامه في 2003م”.
كما أوضح البارزاني: “لقد شاركنا في كتابة الدستور الحالي وإنجاح التصويت عليه في 2005م ، والمساهمة في الحكومات العراقية المتعاقبة بعد ذلك، كما شاركنا في وضع النواة الأولى للجيش العراقي، ولكن ومع الأسف الشديد أيضاً، كانت حصتنا من هذه المشاركات في تلك المرحلة (المرحلة الثانية) هي خرقهم لكل بنود الدستور التي تتعلق بإقليم كوردستان وعدم تطبيقها بل والتضييق على الإقليم من كل النواحي”.
وذكرت الرسالة أن “من أهم خروقاتهم:
– عملوا على عدم تطبيق المادة 140 من الدستور وعدم حل مشاكل تلك المناطق.
– تقليص دور الكورد وكوردستان في المؤسسات العسكرية (الجيش والمؤسسات الأمنية والمدنية إلى درجة العدم تقريبا).
– خرق كل الاتفاقيات السياسية مع الإقليم.
– محاربة قوات البيشمركة بعدم تدريبها وإهمالها وحرمانها من التجهيزات العسكرية والتسليح كونها جزءاً من المنظومة العسكرية العراقية.
– قطع حصة الإقليم البالغة 17% من الميزانية العراقية منذ عام 2014 دون أي مستند دستوري، فالخلافات بين الإقليم وبينهم لا تعطي مسوغاً شرعياً لتجويع شعب بأكمله وحرمان أطفاله من الحليب وحتى بقية المواد الأخرى بما فيها حصة الإقليم من الأدوية بجرة قلم من شخص لا يملك صلاحية دستورية تؤهله تنفيذ هكذا إجراء ظالم وطاغي لا يقل في تأثيراته عن جرائم القصف الكيماوي والحرب الاقتصادية على شعبنا، مع ذلك لم نر أي اعتراض لا من الأحزاب العراقية السياسية ولا من المراجع الدينية هناك وكأنما ما يجري هو أمر اعتيادي”.
وتابع رئيس إقليم كوردستان أنه “في حربنا مع منظمة داعش الإرهابية لم نتلقَ أي مساعدة عراقية عسكرية أو اقتصادية خاصة وأن الإقليم آوى أكثر من مليون وثمانمائة عراقي نازح من المحافظات التي سقطت بيد داعش (الموصل والأنبار وصلاح الدين)، حيث قاتلت البيشمركة قتالاً أسطورياً وحطمت أسطورة الخوف لهذه المنظمة الإرهابية وساندت الجيش العراقي بكل ما تمثله من قوة معهودة وخبرة كبيرة في معركة تحرير الموصل”.
وفي معرض رده على الأمين العام لجامعة الدول العربية، قال البارزاني إنه “بعد هاتين المرحلتين من البقاء ضمن كيان هذه الدولة وصلنا إلى قناعة تامة بأننا غير مرغوب فينا وغير مقبولين كمواطنين وشركاء حقيقيين، وعليه وإزاء كل هذه التضحيات والدماء الغالية التي بذلت أساساً من أجل عراق ديمقراطي يحفظ كرامة أبنائه جميعاً، لا يمكن القبول بالتبعية والإقصاء، ولذلك يجب العتب على أصدقائنا في العراق وليس علينا نحن، لأنهم هم من دفعونا إلى ذلك”.
وأردف بالقول: “لقد فشل كل من حكم العراق منذ تأسيسه وبكل تجارب أنظمته القانونية والدستورية معنا في اللامركزية والحكم الذاتي والفيدرالية، في بناء الدولة الديمقراطية والشراكة الحقيقية”، مبيناً: “عليه فان البقاء على هذا الحال وضمن الإطار الحالي للعلاقة بين كوردستان والعراق أصبح يشكل خطراً كبيراً، لأننا سوف نتجه إلى صراعات لن تريح شعبينا في كوردستان والعراق، ولأجل قطع الطريق أمام أي احتمال لوقوع صراع جديد ولكي يعيش شعبينا بسلام فإننا نعمل من أجل تحويل ذلك الصراع المتوقع إلى تعاون مثمر ونكون جيراناً وحلفاءً وعمقاً استراتيجياً لبعضنا البعض”.
وشدد على أنه “مع تأكيدنا على نهجنا هذا فإننا نؤكد إن طريق الحوار مع الإخوة في بغداد هو خيارنا الوحيد لإيماننا بالتعايش السلمي واستخدام كل الأساليب الحضارية في ممارسة حق تقرير المصير”.
واختتم رئيس إقليم كوردستان رسالته بالقول: “إننا نحييكم معالي الأمين العام للجامعة العربية المحترم، متمنين دعمكم الكبير لحوارنا مع إخوتنا في بغداد للوصول إلى أنجع النتائج حفاظاً على مصالح شعبينا وعلاقاتنا التاريخية مع الأمة العربية الشقيقة”.
يشار إلى أن مصادر دبلوماسية عربية أفادت بأن الأمين العام لجامعة الدول العربية وجه “رسالة خاصة” إلى البارزاني، جاء فيها إن “الاستفتاء المزمع إجراؤه سيحمل رسالة سلبية لأبناء الشعب العراقي من غير الأكراد، ويفتح الباب أمام رياح الشرذمة والتفتيت، ويزيد من تعقيد الأوضاع الإقليمية، بل قد يسهم في تعقيد المشهد الكُردي ذاته بصورة لا يرغب فيها أحد. ففضلاً عن دقة التوقيت الحالي وخطورة الظرف الذي يستلزم تكاتفاً أكبر وتوافقاً أوسع، فإن التحرك بغير إجماع وطني ومن دون تنسيق وتوافق مع الحكومة في بغداد قد يكون من شأنه تأزم الموقف ودفع الأطراف جميعاً إلى اتخاذ مواقف مُتصلبة لا تخدم مستقبل العراقيين، بمن فيهم الأكراد”.