إنتحار الوحدة الكوردية
مروان سليمان
إنتحرت الوحدة الكوردية، و مأساة الإنتحار أخذت مساحة ما بين الضحك لدى البعض و البكاء لدى آخر، فعندما غزت الجماعات الإرهابية التكفيرية المنطقة الكردية قرر منطق الوحدة الكوردية أن يعود إلى الحياة مباشرة قبل أن ينتحر مرة أخرى في كركوك بعد أن كشف النقاب عن إن نوايا البعض من الأطراف الكوردية نفسها غير صادقة مع المشروع القومي الكوردي الذي يحمل رايته الرئيس مسعود البارزاني.
بعد السادس عشر من أوكتوبر 2017 و ما حصل فيه من غدر أصبحت الصورة واضحة و جلية فيجب على الذين غدروا أن يوفروا على أنفسهم مزايداتهم و يوفروا علينا ضلالهم لأننا لم نعد نصدقهم و لم نعد نعتبر أي أحد منهم بمثابة رمز للكورد و لم يعد مقبولاً أن يقارن وجوده بوجود الكرد و نفيه بإنتفاء الشعب الكوردي. فمثلما أتى غيركم و ذهب فإنكم زائلون أيضاً و ستبقى الركائز ما دام الشعب موجوداً و حياً.
فمن يوم ما غزا العرب و الترك و الفرس بلاد الآخرين بدأت ملامح جديدة تتبلور كالعنصرية التي بلغت ذروتها في العقود الماضية سواء من الناحية القومية أو المذهبية و الطائفية و اليوم لا ندري إن كان ينبغي أن نفرح أو نحزن على أنفسنا و قد تجاوزت المهارات و الحنكة في الرؤية الإسترتيجية و الحسابات السياسية خاصة لدى العواصم العنصرية و الفاشية في المنطقة المحاطة ببلاد الكورد و من هنا لا بد أن ينحي فقط الوطنيين و المخلصين من الشعب الكوردي خلافاتهم جانباً و يظهروا تماسكهم و عراقتهم و تقدمهم التاريخي بغض النظر عن مدى الإختلاف أو الإتفاق مع تلك الرؤى و الحسابات و لا بد من من إعادة النظر في رسم سياساتنا تجاهنا أولاً كشعب كوردي يعيش على أرضه و تجاه محيطنا العربي و التركي و الفارسي ثانياً على أنهم أعداء للأمة الكوردية إلى الأبد.
خاصة بعد تدخل الحشد الشيعي و المجموعات الإرهابية المدعومة من قبل دول الجوار إلى كركوك و المناطق المتنازعة عليها بالتنسيق مع البعض و فتح ثغرات في صفوف المدافعين الكورد عن المدينة الكوردستانية فإزداد الخلل في موازين القوى و أصبحت تلوح في الأفق شبه تقسيم في الصف الكوردي و من هنا لا بد من دراسة خياراتنا المتاحة لنا في إطار حساباتنا و بغض النظر عن تعقيدات المشهد فإن الخوف و الرعب من حرب أهلية مستمر في المنطقة و من يساند الأعداء فهو عدو آخر أو عدو خبيث.
لم تقتصر تلك الرؤى و الحسابات لدى قاصري النظر على تقدير المواقف و إختيار الإنحيازات و إتخاذ القرارات في منطقة مضطربة و التي أصبحت مثل ملعب مفتوح ليعيد التاريخ نفسه و تكتمل مشاهد و فصول الطائفية و العنصرية و بالرغم من الحصار الخانق الذي فرضه الأعداء و تضييق الخناق على حاملي المشروع الوطني الكوردستاني و بالرغم من إلتقاء مصالح الأنظمة الكبرى حول الأهداف الإسترتيجية في المنطقة و لكنهم يفضلون مصالح بلدانهم على مصالح شعوب المنطقة و ينظرون بعمق أكثر من خلال طريقة تعاملهم مع الأحداث و الوقائع على الأرض و يظهر في مدى توريط المنطقة بحروب أخرى بعد الإنتهاء من داعش.
يبدو إننا بعد ليلة الخامس عشر وصلنا إلى طريقة توزيع الغنائم بين الأنظمة الغاصبة لكوردستان و معهم بعض طوابيرهم و يخشى فيه موزعوا الغنائم من تقسيم الكعكة و حصة كل منهم أكثر من خشيتهم على وطنهم بعد إن أصبح جزءاً غالياً من الوطن تحت إحتلال الحشد الشيعي العنصري الذي يقوده مجموعة من المجرمين و يتم التصفيات بدم بارد على أرضنا .
لا ندري هل نفرح لهم أم نحزن على أنفسنا ؟
لا ننسى بأنه حينما تملك الشعوب الإرادة بغض النظر عمن يساندها أو يقدم لها العون المادي فإنها تنتصر في النهاية و قد تنتصر الشعوب الضعيفة أحياناً على من هم أقوى منها بإيمانها بقضاياها الوطنية.
مروان سليمان
مدرس في المدارس المهنية بالمانيا- سالتزغيتر
18.10.2017
جميع المقالات المنشورة تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عــن رأي Yekiti Media