الدور الإقليمي الجديد لـ غاصبي كوردستان
قهرمان مرعان آغا
تمثل الدور الإقليمي للدول الغاصبة لـ كوردستان ( تركيا , إيران , عراق , سوريا ) بالتعاون والمساندة وفق اتفاقات وتفاهمات على مدى قرن كامل , بهدف منع أي تطلع قومي كوردي نحو الحرية والاستقلال , بدءاً من مؤتمر طهران 1943 ومؤتمر يالطا 1945 بين رؤساء امريكا وبريطانيا و الإتحاد السوفييتي ـ روزفلت وتشرشل وستالين ) والتي على إثر إنتصار الحلفاء في الحرب العالمية الثانية , تم تقسيم مناطق النفوذ وانهيار جمهورية كوردستان في مهاباد ومن بعده حلف الـ(سنتو , حلف بغداد ـ 1955) الذي ضم كل من تركيا والعراق مع بريطانيا وباكستان , واتفاقية الجزائر في 6 / آذار/1975 بين العراق وإيران وانتكاسة ثورة أيلول واتفاق أضنة 1998 بين تركيا وسوريا وما تلاها من تفاهمات أمنية سميت بـ ( تفاهمات أنقرة) 1999 والتي بموجبها رضخت سوريا الأسد ( حافظ أسد) لتهديدات تركيا بطرد حزب العمال الكوردستاني وزعيمه عبد الله أوجلان , بعد دعم مباشر أستمر عقد من الزمن تم فيه تجنيد أبناء وبنات الشعب الكوردي في سوريا في صفوف هذا الحزب والتضحية بهم لتنفيذ أجندات سياسية لصالح الدولة السورية و كذلك الاتفاق الإيراني التركي العراقي حول حصار كوردستان واجتياح كركوك بعد استفتاء استقلال إقليم كوردستان في 25/أيلول/2017 , وأخيراً وليس آخراً الاتفاقات الروسية الإيرانية التركية التي تمثلت في مؤتمرات مشتركة ولجان أمنية متعددة تبلورت في شكل سياسي لجر المعارضة السورية المسلحة للاستسلام والتفكك ضمن مناطق خفض التصعيد واستبعاد منطقة عفرين منها بقصد تمكين تركيا من احتلالها , من خلال لقاءات ( أستانة ) في كازاخستان . منذ كانون الثاني /2017 وهي في انتظار جولتها التاسعة.
لا شك يختلف الكفاح المسلح الثوري عن النضال السياسي السلمي لأسباب كثيرة , يستلزم إمكانيات مادية كبيرة وتواصل مع حدود الجوار ودعم لوجستي من الأصدقاء والحلفاء سواء كانوا دولاً أم منظمات وبسبب جغرافية كوردستان اضطرت الحركة الكوردية في ظروف كثيرة إلى الاعتماد الكلي على غاصبي كوردستان واستغلال التناقضات بينهم , دون توفير عوامل ذاتيه لتفادي الانتكاسة أو الوصول إلى حلول سياسية باستثناء بيان /آذار/1970 للحكم الذاتي بين الثورة الكوردية ودولة العراق , وخلال ثلاث عقود كانت الحركة الكوردية في كفاحها الثوري المسلح في كوردستان العراق وإيران تتناوبان التعاون مع غاصبي كوردستان على طرفي الحدود , بعد تنكرت كلاً من دولة العراق لاتفاقية الحكم الذاتي وجمهورية إيران الإسلامية لحقوق الشعب الكوردي القومية , لكن لم يحدث أن تصرفت الأحزاب الكوردستانية بإقامة سلطة حزبية وفق ايدولوجيتها في الجزء الآخر من كوردستان وبدعم من مغتصبي ذاك الجزء , إلا إنه وبسبب سياسيات حافظ أسد الخبيثة ومنذ توظيف حزب (ب.ك.ك) للشطب على الوجود الكوردي في سوريا وتوفير المناخات الأمنية لتجنيد الشباب الكوردي بجنسيه في صفوف هذا الحزب تحت شعارات كبرى ( إستقلال كوردستان) وما تلاه من تدمير وتهجير في كوردستان الشمالية ( تركيا) , ومع إستعداد هذا الحزب التعاون دائماً مع غاصبي كوردستان ليس في مواجهة الطرف الآخر فحسب بل للتسلط على الشعب الكوردي , حيث بقي الجزء الكوردستاني الملحق بـ سوريا رهينة تجاربه وسياساته العبثية التي يرسمها له دائماً الجهات الإستخبارية بسبب العلاقة السرية التي يخفيها حتى عن أنصاره المغفلين , وكان لدخوله المسلح إلى كوردستان الغربية (سوريا) في أوائل عام 2012 نقطة الصفر بالنسبة لنضال الحركة الكوردية السلمية على مدى نصف قرن وتشتيت لجهودها في المشاركة السلمية في الثورة السورية , والتسبب في توتير الأمن في المناطق الكوردية من خلال استحداث كانتونات وإدارات ذاتية وفق مفاهيم خيالية لا تمت إلى الواقع في الشرق الأوسط حيث يسود الصراع القومي والديني والمذهبي , بعكس إدعاءات منظريه وماكينته الإعلاميه المصاحبة للصخب وتشويه الصورة والتجييش العاطفي , والأكثر غرابة في الأمر إنه لا يكترث بمصلحة شعب كوردستان في أجزائه الأربعة بمجرد إن يدفعه مصالحه الحزبية في التدخل في شؤونه الداخلية وفرض سلطته بالقوة المسلحة ولا يتوانى في الوقت ذاته التعاون والاتفاق مع مغتصبي ذاك الجزء ولا يلتفت لسياسات غاصبي كوردستان العدائية ولا بتعاونها فيما بينها , فيما يخص معاداة القضية القومية الكوردستانية , فمنذ اتفاقه المشؤوم مع النظام الأسدي بالتواطئ مع النظام الإيراني جعل من كوردستان سوريا مجرد تضاريس يابسة جرداء من أهلها وناسها , يغطيها سحابات الدخان الأسود , لحساب باقي المكونات بداعي العيش المشترك وإخوة الشعوب , والأغرب إنه لا يعادي الدولة التركية باعتبارها دولة فاشية غاصبة لكوردستان , بل يعادي الحزب الحاكم والشخص الأول في الحكم , فهو يتعامل مع الجزئية لاعتبارات سياسية بعيدة المنال.
لم تحتاج تركيا كدولة عدوَّة , لخلق الحجج لغزو عفرين الكوردستانية بالرغم أن المبرر قد أستكمل صورته من حيث الشكل من خلال الملصقات والشعارات والاستعراضات و كذلك من خلال الإدارة والتبجح بالتجربة الفاشلة مع الاستفراد بالقوة في حكم المنطقة واستبعاد باقي الأطراف الكوردية من المشاركة , لمنع الحياة السياسية خارج منظومتها , ولم يفلح صرخات الاستغاثة بالنظام المجرم ولا إدعاءات السيادة السورية المستباحة بفعل سياسيات النظام الطائفية و العنصرية بعد أن استنفذ الاتفاقات الإقليمية ( إيران ـ تركيا) مع الدول النافذة روسيا وأمريكا شروطها التنفيذية في أكثر من منطقة في سوريا بدءاً من سقوط حلب والاستيلاء على جرابلس وإعزاز وانتهاءً بسقوط الغوطة الشرقية مقابل عفرين بالرغم من صدور قرار مجلس الأمن الدولي رقم/2401/ بشأن الهدنة في سوريا و الخوف والحذر يتجددان دائماً فيما يتعلق بالتسويات في المرحلة المقبلة فيما يتعلق ب شرق الفرات (مناطق النفوذ الأمريكية) بوجود إداراة ب. ي. د وقوات سوريا الديمقراطية والنظام ومؤسساته وأمنه وقواته مجتمعةً في رقعة جغرافية واحدة , في ظل التهديد التركي المستمر كعضو في الحلف الأطلسي وحليف لروسيا وشريك لإيران كدولتين غاصبتين لـ كوردستان ومن خلالهما مع النظام الأسدي , فالوضع أكثر من معقد وقابل للتبدل في ظل سياسيات الرئيس الأمريكي فيما يخص بالاتفاق مع كوريا الشمالية في مايو المقبل والتفرغ للملف الإيراني النووي مع وجود تهديدات للوجود الأمريكي في العراق من قبل التحالف الشيعي الحاكم في العراق , المتمثل بالأحزاب الشيعية التقليدية المرتبطة بنيوياً بولاية الفقيه ومرجعياتها وعصابات الحشد الشعبي المجرمة.
يجب التيقن بما لا يقبل الشك بأن عدو كوردستان كوطن ( أرضاً وشعبا) واحد , مهما تعددت أسمائهم ودولهم الغاصبة وأشكال حكمهم وتحالفاتهم وانقساماتهم , وهو في العرف القومي الكوردستاني يعتبر عدو خارجي والمثال الأقرب زمنياً التهديد باجتياح إقليم كوردستان والمناورات بين الجيش التركي والعراقي واحتلال كركوك من قبل الحشد الشيعي والحرس الثوري الإيراني والجيش العراقي الطائفي وما يتكرر في عفرين من تعاون بين ما يسمى بالجيش الوطني التابع للائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة مع الجيش التركي الغازي لاحتلال عفرين ليس سوى مشهد دراماتيكي , قد يتكرر في مناطق أخرى وبصور أخرى ويجب الإقرار بأن التماثل في العدوان تمظهر في التسهيل و إرتكاب الخيانة في كركوك في 16/ آب 2017 وما يتمثل الآن باستفراد منظومة ب.ك.ك بقرار الحرب والسلم والإدارة والاستحواذ في كوردستان الغربية ( سوريا) وخلق المبرر للأعداء لا يختلفان في التناسب.
على الشعب الكوردي في عموم كوردستان أن يعلم بأن العالم قد تغير بعد سبع سنوات من الثورة السورية التي أصبحت قضية دولية وإقليمية , وأن احتلال تركيا لـ منطقة عفرين الكوردستانية تعتبر سابقة لدولة غاصبة لكوردستان تطال احتلالها لجزء آخر منذ اتفاق سايكس بيكو وتقسيم كوردستان وإلحاقها بالدول الأخرى , والدافع المعلن هو منع إقامة كيان قومي كوردي , وإن ما يجري من انتهاكات بحق الأهالي الآمنين من قتل وتمثيل ونهب وتدمير يتم تحت ظل العلم الدموي التركي مهما تعددت أدوات هذا الفعل ومظاهره وأشكاله التي تعتبر جرائم حرب في العرف والقانون الدوليين , وجرائم ضد الإنسانية تقوم بها دولة عضو في الأمم المتحدة وانتهاك فاضح لميثاقها وللقانون الدولي الإنساني.
في 19/آذار/2018