إطلاق حركة يسارية في ألمانيا لمواجهة اليمين المتطرف
Yekiti Media
تطلق السياسية اليسارية المتشددة ساره فاغنكنيخت اليوم (الثلثاء) حركة جديدة في ألمانيا تدعى «انهضوا» (أوفشتيهن) متخذة من الحملات الشعبوية للسناتور الأميركي بيرني ساندرز وزعيم حزب العمال البريطاني جيريمي كوربن نموذجاً لها.
وهدفها المعلن هو مواجهة «السياسات الليبرالية الجديدة» التي تتبعها حكومة المستشارة الألمانية أنغيلا مركل الائتلافية الوسطية خصوصاً في ملف الهجرة، فيما يسجل اليمين المتطرف تقدماً على الخريطة السياسية في البلاد.
كما تهدف إلى الكفاح من أجل تأمين الوظائف والمعاشات التقاعدية وحماية البيئة والوصول إلى «ديموقراطية حقيقية لا تحكمها المصارف والشركات وجماعات الضغط».
ويأمل مؤسسوها بأن ينشطوا ويجمعوا في حركة شعبية واحدة أتباع أحزاب اليسار الثلاثة في ألمانيا واستعادة أصوات الناخبين من الطبقة العاملة الذين دفعتهم خيبة أملهم إلى دعم حزب «البديل لألمانيا» اليميني المتشدد.
والمشروع أطلقته فاغنكنيخت (49 عاماً) من حزب «دي لينكي» وزوجها أوسكار لافونتين (74 عاماً)، وهو وزير المال السابق الذي انشق عن الحزب الاشتراكي الديموقراطي (يسار وسط).
ونشأت فاغنكنيخت التي تكشف عن المشروع خلال مؤتمر صحافي في برلين في ألمانيا الشرقية الشيوعية سابقاً. وهي نجمة برنامج حواري تلفزيوني تثير الاستقطاب تعرف ببراعتها في الخطابة إلا أنها غير قادرة على كسب أصوات الناخبين بسهولة.
وأثارت الجدل مراراً عبر انتقادها الاتحاد الأوروبي ودفاعها عن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
وتخلت عن مواقف اليسار التقليدية حيال الهجرة، إذ اعتبرت أن «المهاجرين الاقتصاديين» يستولون على وظائف الألمان قليلي الدخل ويشكلون ضغطاً على الخدمات العامة، وهو موقف أقرب إلى مواقف اليمين المتشدد.
لكنها بخلاف حزب «البديل لألمانيا» المناهض للإسلام، لم تشن حملات ضد المهاجرين واللاجئين عموماً ودافعت عن قانون اللجوء الألماني خاصة بالنسبة إلى الأشخاص الفارين من الاضطهاد وانتهاكات حقوق الإنسان في بلدانهم.
وقالت في مقابلة أجريت معها أخيراً إن «فكرة فتح الحدود أمام الجميع غير واقعية».
وأوضحت أنه «إذا كان الهم الأساسي للسياسات اليسارية هو تمثيل الفئات المحرومة، فإن اتخاذ موقف معاد للحدود يعد أمراً مناقضاً لتبني سياسة يسارية».
وبما أن «انهضوا» لا تزال على الأقل في الوقت الحالي حركة بدلاً من حزب سياسي مسجل، يمكن لأي شخص الانضمام إليها بما في ذلك اليساريين من «الخضر» المدافعين عن البيئة.
وأطلق موقع الحركة الإلكتروني في منتصف آب (اغسطس) معلناً: «لن يتمكن أي سياسي أو حزب من حل مشكلاتنا إذا لم نقم نحن أنفسنا بذلك».
وفي موقف غير مستغرب، يرفض قادة الأحزاب اليسارية الثلاثة خطة فاغنكنيخت-لافونتين وسط انقسام الآراء في شأن أهدافها وفرص نجاحها.
ويرى بعض المراقبين أن الحركة ليست أكثر من تحالف متأخر كثيراً للقوى اليسارية التي خسرت الأصوات وثقتها بنفسها خلال حكم مركل التي وصلت إلى السلطة قبل 13 عاماً حتى أن البعض لقبها بـ«المستشارة الأبدية».
من جهتها، اعتبرت مجلة «دير شبيغل» الأسبوعية أنه بعدما أوصل الغضب الشعبي بشأن الهجرة «البديل لألمانيا إلى البرلمان العام الماضي، حان الوقت لإطلاق حركة تحشد اليسار».
لكن أشد معارضيها يرون أنها استعراض من قبل زوجين بارزين ومثيرين للشقاقات من اليسار لخدمة مصالحهما مشيرين إلى أن التحرك سيؤدي إلى تقسيم وإضعاف اليسار بشكل إضافي.
وفي إشارة إلى الاعتداءات التي شنها نازيون جدد على المهاجرين، قال رئيس حزب «دي لينكي» برند ريكسنغر إنه في الوقت الذي «يطارد» اليمينيون المتشددون «الناس في الشوارع، على اليسار التعبير عن وحدة الصف وتشكيل خط واضح ضد اليمين».
وكثيراً ما عُرضت فكرة تحالف يساري واسع قبل التراجع عنها لاحقاً، وهو ما يعود سببه بدرجة كبيرة إلى مواقف «دي لينكي» اليسارية المتشددة على غرار الرغبة في إلغاء حلف شمال الأطلسي.
ومنع ذلك تشكيل تحالف حكومي بمشاركة اليسار على المستوى الوطني حتى في السنوات التي كان لدى الأحزاب الثلاثة فيها غالبية في المقاعد البرلمانية.
وانخفض الدعم الإجمالي للأحزاب اليسارية إلى أقل من 40 في المئة في انتخابات العام الماضي التي شهدت دخول «البديل لألمانيا» المفاجئ إلى البرلمان.
وانضم الاشتراكيون الديموقراطيون الذين أحبطتهم النتيجة السيئة تاريخياً بتردد إلى المحافظين بقيادة مركل مجدداً شريكاً صغير في الائتلاف.
وسيحضر سيمون لانغ من «الحزب الاشتراكي الديموقراطي» الذي ترشح كشخصية غير معروفة نسبياً كأمين عام للحزب وحصل على نتيجة مفاجئة (27.6 في المئة من الأصوات) مراسم إطلاق حركة «انهضوا»، وهو ما يعبر عن حال عدم الرضا ضمن صفوف الحزب.
وشهد الحزب الاشتراكي الديموقراطي الذي أنشئ قبل 150 عاماً ويعد حزب الطبقة العاملة، انشقاقات واسعة بعد الإصلاحات المرتبطة بالجانبين العمالي والاجتماعي التي أقرها المستشار الأسبق غيرهارد شرودر حيث بلغت نسبة شعبيته حالياً أقل من 20 في المئة.
أ ف ب / الحياة