الأسد وسياسة مناساة المأساة السورية
عبدالملك علي
منذ انطلاقة الثورة السورية اعتمد الأسد سياسة الضرب بالحديد والمحاسبة بتكميد الأفواه والقتل لطالبي الحرية والديمقراطية والأعتقال والتعذيب للموت وذلك لترهيب الشعب والمواطن وبزرع الفتنة بين أطياف الشعب السوري وتنمية جماعات لا علاقة لها بالوضع السوري وتسميتها بأسماء يوهم العالم بعدائها للإنسانية والحضارات.
فالجميع يعلم أن الأسد هو الذي أشرف شخصياً على تنشئة الجماعات الإرهابية بدءاً بالغزو الأمريكي على العراق حين كان يبعث بالجماعات الإرهابية من سوريا مدعوماً بالسلاح والمال لمقارعة الأمريكان في العراق والنيل من نجاح العملية الأمريكية في العراق حتى لا ينتقل هذا النجاح إلى سوريا وإيران وكان يوهم دائماً تلك الجماعات بأنه معهم في طرد المستعمر الأمريكي وسميت آنذاك “بمستنقع الموت” من النظام السوري حصرياً.
كما الوضع في بداية الثورة في سوريا فهو الذي أطلق كل سجين معادي للإنسانية والحضارات العالمية والعصابات التهريبية وبدعم مخابراتي ضخم فالجماعات المتمثّلة بداعش وغيرها يقيناً أنها مخترقة من المخابرات السورية والإيرانية ويسيرونها كما يريدون لديمومة سياساتهم واستمراريتهم في الحكم.
فالأسد نجح إلى حد ما من الإستفادة من الجماعات الإرهابية فمن خلالهم تقلص دور الجيش الحر وسيطرته على الكثير من المناطق في سوريا ومن جهة آخرى أشغل العالم بالعدو المفترض دائماً المتمثل في داعش والقاعدة وبذلك استفاد في هذه الفترة العصيبة من عمر الثورة في توجيه أنظار العالم نحو داعش والجماعات الأخرى بدلاً من التركيز على مأساة الشعب السوري وتحقيق مطالبه ومن خلال هذه المسرحية التي قام بها الأسد وأشرف عليها إيران لم يقنع العالم تماماً بأنه ضحية الجماعات الإرهابية وبأن الثورة السورية ليست بثورة وإن سوريا كدولة وحكومة مستهدفة من الجماعات الإرهابية وأختلفت المواقف الدولية حياز ذلك فمأساة السوريين أصبحت في الدرجة الثانية من الأولويات العالمية رغم فجاعتها ولكن لم ينسي العالم الثورة السورية ومعاناة شعب في مقاومة الديكتاتورية الأسدية….
وكانت فرنسا من الدول الأولى التي كانت مواقفها دائماً لصالح الشعب السوري والوقوف بجانب الشعب المظلوم المقهور الغالب على أمره في اتخاذ مواقف متقدمة بالمقارنة مع السياسات العالمية ففرنسا أبدت دائماً استعدادها للتدخل في سوريا لو كانت هناك دول أخرى دعمت تلك المواقف وفرنسا كانت تدرك دائماً أكثر من غيرها من الدول بالمشكلة السورية ويعلمون حق اليقين بخباثة السياسة الأسدية ….
ولاننسى بأن الأسد في خطابه الأخير هدد أوروبا وبشكل غير مباشر ولم ينتبه إليه الكثير من السياسيين والمحلليين عندما قال سأجعل أوروبا وأمريكا تنشغل بنفسها وتنسى ما هي دولة تسمى سوريا وقد فعل فالعملية الإرهابية التي وقعت في ” شارلي إيبدو” ماهي إلا جزء من المخطط السوري الإيراني لتجعل من أوروبا وأمريكا هدفاً للجماعات الإرهابية المخترقة سلفاً من المخابرات السورية و الإيرانية فزمام الأمور وتسيير سياسة داعش وجميع مخططاتها العسكرية والأرهابية مرسومة بخطة إيرانية اسدية وقد تكون “شارلي إيبدو” هي الحلقة الصغيرة الأولى من المخطط الإيراني السوري لإشعال العالم بهجمات إرهابية تستهدف أوروبا وأمريكا يتم من خلالها خلق المزيد من الحقد ضد الجماعات الإرهابية المتمثّلة في داعش والقاعدة وبذلك تخفف العالم من سياساتها تجاه الديكتاتورية الأسدية والتوسع الخامينئي في المنطقة العربية فهل ينجح الأسد في ذلك؟؟!!
وينسى العالم مأساة السوريين أكبر مأساة عالمية في القرن الحادي والعشرين التي راح ضحيتها مئات الألاف السوريين والملايين من المشردين والنازحين فأن كان ذلك ؟؟فلا خير في عالم يرسم سياسته بأيدي أسدية ويقنع العالم بها على أنها حضارية في مواجهة المخططات الإرهابية الذي هو يترأسها وراح ضحيتها نصف الشعب السوري إن لم يكن كله.