القرية الشامية.. أول مستوطنةٍ في عفرين الكُـردستانية
Yekiti Media
أصدر نازحون من الغوطة الشرقية في منطقة عفرين، الكُـردستانية، بياناً حول بناء مشروعٍ سكنيٍ في المنطقة، تحت مسمى “القرية الشامية”، بحجة تأمين السكن لعائلات “النازحين” والخروج من منازل أهالي المنطقة المهجَّرين قسراً.
وجاء الإعلان عن تأسيس الجمعية السكنية في منطقة جبلية – شرق عفرين، بحجة إنها “أملاك دولة”، وغير عائدة لأشخاص معينين، بهدف حل إشكالية السكن التي تواجه هؤلاء النازحين، ويندرج هذا المشروع في سياق المحاولات التي تقوم بها تركيا و “فصائل المعارضة المسلحة السورية” الموالية لها منذ عدوانها على منطقة عفرين واحتلالها في ١٨ آذار/مارس ٢٠١٨، لتغيير ديمغرافية المنطقة.
وجاء في الإعلان الذي أصدرته مجموعة وصفت نفسها بـ”النخب” التي اتفقت فيما بينها على “ضرورة بلورة مشروع يجمع شتات المهجرين ويرسم لهم طريق الاستقرار”، مرجعين ذلك إلى أنَّ “تأمين السكن المناسب تعتبر مشكلة المرحلة لكونها تسبّبت بخسارة عددٍ لا بأس به من الكفاءات والكوادر الثورية التي خرجت إلى تركيا”، وفق الإعلان.
ويظهر الإعلان أنَّ “الاختيار وقع على منطقة جبلية تقع غرب بلدة مريمين العربية وشرق مدينة عفرين”، مشيرا إلى أنَّ “أبرز العقبات التي تواجه المشروع هو الدعم المالي لتجهيز المرافق العامة في المشروع، لكونه مشروعاً تعاونياً يعتمد بشكل رئيسي على صاحب العلاقة والمستفيد من هذا المشروع”.
وأرجع الإعلان سبب اختيار هذه الأرض إلى مجموعة أسبابٍ منها أنَّ ” ملكية الأرض تعود لما يُسمَّى (الأملاك العامة) مما يوفر على المكتتبين ثمن الأرض الباهظ، و اتساع الأرض وامتدادها، حيث تمتد فوق جبل مترامي الأطراف يتَّسع لكلِّ أهلنا المهجّرين و قربها من مدينة عفرين مركز المنطقة، حيث تبعد عن المدينة ٣ كم خط نظر كما تبعد عن بلدة مريمين ٦ كم فقط”، وفق ما ورد.
وأكَّد الإعلان على أنَّ القرية الشامية ستقع “على أطراف المناطق الكردية، حيث تعتبر امتداداً للقرى العربية القريبة منها مثل كوبلا والخالدية، مما يخفٍف من ردة فعل بعض الكُرد الرافضين لسكن العرب بين قراهم، ويبعد تُهم التغيير الديمغرافي عن المشروع”، وفق وصفه.
وقال الكاتب والإعلامي الكُـردي وليد حاج عبد القادر في تصريح لـ <يكيتي ميديا> عن بناء المستوطنة في عفرين الكُـردستانية: في الواقع بتنا في زمن تُباح فيها كلّ القيم وتُنفّذ أجندات متعددة ومتراكبة بتداخلٍ فظيعٍ وكموشور متداول الألوان ولكنها عمرها ما كانت سوى ألوان خلّبية مخادعة، وفي حياة الشعوب الخاضعة لهيمنة قوة غاشمة مستبدة تسعى وبتلونات وتحت مسميات وعناوين كبيرة في منهجة امور تستهدف البنية المجتمعية دفعاً بها إن للتهجير أو المسّ بالواقع البشري والديموغرافي فيها.
وأضاف: كُردياً عانينا من هذا الأمر كثيراً، لا بل أصبحت واحدة من متلازمات المأساة الكُردية كتغريبة تبرز بوضوح وهذا ما جرى في عفرين بعد احتلالها من قبل الجيش التركي والفصائل المتعاملة معها وما بوشر فيها مؤخرا حول السعي لبناء تجمعات للقرى وبلدات الهدف منها إيجاد أرضية لتوطينٍ وهي بالضرورة هنا لا تقلُّ فظاعةً عن الإجراءات التعريبية التي نفَّذتها نظم البعث وزرعت مستوطنات حقيقية في المناطق الكردية، وليأتي الاحتلال التركي ليكمل الطوق المأمول كان للنظم الشوفينية السورية ولكنها عجزت أو ارتعبت في تنفيذها ، وهنا ، وباختصارٍ شديدٍ ، فقد دعا كثير من النشطاء ومنذ بدايات الثورة السورية إلى التركيز على هذا الجانب وضرورة إعادة أولئك الناس إلى مناطقهم لأنَّ كلَّ الوقائع واضحة في انَّ العامل السياسي هو المحفز الأكبر لها كانت و .. كانت شعارات الأمة ( الديمقراطية ! ) شعاراً مطاطياً استهدف إيجاد ألم سوف الإيديولوجي للجم كل الأصوات التي طالبت بضرورة التصدي العملي لهذه المسألة وإنصاف الكرد الذين تمّ تجريدهم حتى من بيادرهم ملّكوها للقادمين تحت يافطة الأمة ولكنها لا الديمقراطية كانت بل العربية ..
وقال: وهنا وباختصار شديد : إنّ الشامية الجديدة التي ستُبنى في عفرين لا تقلُّ مطلقاً عن تلك التي بُنيت على طول خط الحدود من – بأنه قسر – إلى جل آغا وأم الفرسان والحاتمية والأسدية وجرّ بها خيط المسبحة ! ومن جديد وإن أدرناها تفكيراً كُردياً ! أو ليست تركيا دولة غاصبة شأنها كما سوريا ؟ .. من سكت عن التعريب في المناطق الكُردية وشرعنها ايديولوجياً ؟ لا أدري بأيّ منطقٍ يبرر هنا ويدين هناك مع أن الحالتين هما خرق واضح للقانون الدولي وحقوق المجتمعات والشعوب وستكون من أولى النقاط التي ستحسم في ايّ منعطفٍ تصالحيٍ.
الباحث والإعلامي الكُـردي جيان الحصري أوضح في تصريحٍ لموقعنا أنَّ ما أُعلِن هو تأسيس جمعية ومستوطنات وليس مجرَّد بيانٍ باسم التجمعات النازحة من الغوطتين والقلمون وحمص، مضيفاً أنه وبموجب الأعراف والقوانين الدولية والمحلية لا يجوز الاعتداء على الأملاك العامة هذا إذا كان فعلاً أملاك عامة وليست أملاك السكان المدنيين من كُرد عفرين كما يدَّعي أصحاب المشروع وعند غياب مؤسسات الدولة كما هو الحال فهناك المجالس المحلية والأطر الاجتماعية والدينية ووجهاء المنطقة إضافةً إلى الحركة السياسية التي يمكن أن تكون بديلاً عن مؤسسات الدولة في مثل هكذا مراحل انتقالية وأيّ مشروعٍ يجب أن يمرَّ من خلالهم ولا يتمُّ فرضه كأمر واقع..
وتابع: هكذا مشاريع وبغضِّ النظر عن العناوين الإنسانية لها يعتبر تغييراً في جغرافية وديموغرافية المنطقة لصالح مكوّن على حساب مكوّن آخر وهو بكلِّ المعاني يُعتبَر تعريباً لمنطقة كُردية وهو ما يُعدُّ جريمة من جرائم الحرب.
ولفت الباحث الكُـردي إلى أنَّ المعارضة تنتقد النظام السوري على إصدار قوانين ومراسيم تهدف إلى السيطرة على أملاك المدنيين المعارضين مثل المرسوم رقم 10 بينما تقوم المعارضة بنفس ممارسات النظام في مناطق سيطرتها ولا سيما منطقة عفرين.
وقال: نعتبر أنَّ جميع المهجَّرين قسراً والنازحين أخوة لنا ولكن لم يسبق أن قامت جهة أو دولة بتوطين النازحين في مناطق أخرى وحرمانهم من حقِّ العودة إلى مناطقهم الأصلية لذلك نعتبر أنَّ مخططات توطين النازحين في عفرين من خلال بناء مدن وقرى لهم يستهدف المكوّن العربي كما يستهدف المكوّن الكُردي وذلك من خلال مشاريع مشبوهة تهدف إلى توطينهم في عفرين وإسقاط حقِّ عودتهم إلى مناطقهم التي هُجِّروا منها في الغوطتين والقلمون وحمص وغيرها وهو بذلك يكمل ويلتقي من حيث النتيجة مع مخططات النظام والقانون رقم 10.
وشدَّد الحصري على ضرورة التزام تركيا كدولةٍ محتلةٍ بالمواثيق الدولية قائلاً: “كان الأولى ب (المعارضة) كونها تدَّعي قيم الثورة والتغيير وتركيا كونها دولة محتلة لمنطقة عفرين أن تلتزم بالمواثيق والقوانين الدولية المعنية بالمحافظة على المنطقة المحتلة وتمنع أيّ تغييرٍ أو تبديلٍ وتنفِّذ واجباتها بتقديم الخدمات للسكان وليس العمل على تنفيذ مخططات تهجير السكان الأصليين و تعريب المنطقة” .
وصرَّح القيادي في منظمة عامودا لحزب يكيتي الكُـردي مروان عيدي معلقاً على خطة بناء المستوطنة قائلاً: “لايخفى على أحدٍ من متابعي الأزمة السورية الدور الذي يلعبه الأتراك وهو استهداف طموح ووجود الشعب الكُردي في سوريا وما الضغوط التي يمارسها على التحالف الدولي والتهديد باجتياح المناطق الكُردية إلا لتأكيد هذا المنحى وساعدهم في ذلك وجود حزب العمال الكردستاني المبرِّر الوحيد لدى الأتراك لاجتياح مناطقنا ليس في غرب الفرات فقط وإنما في شرقه أيضاً وماسعي أردوغان وحكومته لبناء القرية الشامية إلا جزء من مخططهم بتعريب كُردستان سوريا واستكمالاً لمشروع محمد طلب هلال الذي يبدأ من ديريك وينتهي في عفرين وتصريح أردوغان بهذا الخصوص ليس بخافٍ على أحد عقب احتلالهم لعفرين يبقى أنَّ على المجلس الوطني الكُردي القيام بواجبه والطلب من التحالف الدولي التمييز بين الشعب الكردي كمكوّن رئيسي يتعرَّض للانقراض وبين من نصبوا أنفسهم كسلطة أمر واقع ولايمتُّون إلى الشعب الكردي وقضيته بِصلة”.
الجديرُ بالذكر أنّّ الفصائل الموالية للجيش التركي، والتي شاركت في احتلال مدينة عفرين، خلال شهر آذار 2018 ارتكبت عشرات الجرائم بحقّ أهالي المدينة وريفها، مــن قتلٍ وخطفٍ وتعذيبٍ إلى جانب أعمال النهب والسرقة، وحرق المحاصيل الزراعية، والاستيلاء على ممتلكات المواطنين، وتخريب المعالم الأثرية، والدينية، هادفة إفراغ المدينة من أهلها الأصليين، وتغيير ديمغرافية المدينة الكُـردستانية.