آراء

تركيا بين كارثتين

هوشنك أوسي

تلوم قيادة حزب العمال الكردستاني وأنصاره حزب العدالة والتنمية وزعيمه أردوغان على التحالف مع حزب الحركة القومية المتطرّف وزعيمه دولت باخشلي. في حين لا يسألون أنفسهم لماذا لم يتحالفوا هم مع اردوغان في انتخابات 2015، حين كان لديهم 80 مقعد في البرلمان التركي، (وكان أردوغان بحاجتهم)، بحيث يمكنهم تشكيل حكومة ائتلافية، ربما يحصل فيها حزب الشعوب الديمقراطي على وزارة سيادية ايضاً، ويكون بذلك دفعاً للعملية السلمية بين العمال الكردستاني والدولة التركية. بمعنى آخر، الفراغ الذي تركه العمال الكردستاني (حزب الشعوب الديمقراطي) ملأه حزب الحركة القومية المتطرّف! فلِمَ اللومُ والغضب والانتقاد!؟

بعض التسريبات من داخل حزب الشعوب الديمقراطي أفادت أن أوجلان كان مع تشكيل ائتلاف حكومة مع أردوغان وقتذاك، لكن قيادة قنديل، وبعض الشخصيات اليسارية التركية العفنة، ضمن حزب الشعوب الديمقراطي، رفضت التحالف مع العدالة والتنمية، بحجة؛ كيف لحزب تقدّمي علماني، يساري كحزب الشعوب الديمقراطي، أن يتحالف مع حزب اسلامي يميني محافظ ويدعم الحركات الاسلامية المتطرّفة كحزب العدالة والتنمية”!. زد على ذلك، الحكومة التركية حاولت الانفتاح حتى على حزب الاتحاد الديمقراطي، وتم استدعاء صالح مسلم مرتين إلى تركيا، واجتمع مع داوود أوغلو ومسؤوليين في المخابرات التركية!

وهكذا، بدلاً من يستثمر العمال الكردستاني الانتصار الانتخابي وقتذاك، في تشكيل ائتلاف حكومي مع العدالة والتنمية، انزلق نحو المهاترات الدوغمائية التي لا تنتمي في شيء لعالم السياسة القائم على المصالح! واعتقد كان بالإمكان تجنّب كارثة كوباني وثم كارثة عفرين، لو جنح العمال الكردستاني إلى الحكمة والحنكة السياسية، وفكّ ارتباطه مع نظام الاسد وايران، وابتعد قليلاً عن اليسار العفن الموالي للنظم الاستبدادية!

من جانبٍ آخر، حزب العدالة والتنمية، أيضاً يتعامل مع الأكراد، ومع العالم أيضاً، تعامل “الاعور الدجال” الذي يتحدّث كثيراً عن السلام ومناصرة المظلومين، وبل يزعم المظلومية وأن حزب العمال الكردستاني هو السبب في فشل العلمية التفاوضية، وأن الحكومة التركية تريد حل القضية الكردية، لكن الاكراد والعمال الكردستاني يرفضون ذلك!؟

دائماً مع نسمع هكذا كلام من قيادات العدالة والتنمية، ورهط الصحافيين والكتّاب العرب الحاصلين على الجنسية التركية مؤخراً، ودأبهم تلميع وتنصيع صورة وصفحة أردوغان، وغسل يديه من دماء الأكراد والسوريين أيضاً، وتبرئته من دعم الحركات الإسلامية المتطرّفة! ولا أحد من هؤلاء يسأل نفسه: كيف لأردوغان أن يحلّ القضيّة الكرديّة، وهو المتحالف مع حزب الحركة القومية الفاشي؟! لقد فضّل أردوغان التحالف مع باخشلي على حلّ القضيّة الكرديّة، بالرعم أن كل مفتاح واقفال تركيا، صارت في جيب أردوغان، وكان بإمكان الأخير المضي نحو الحلّ، حل هذه المشكلة المزمنة، بنفس القدر الذي حاول فيه أردوغان أسلمة الدولة، وبل أردوغنتها أيضاً! لكنه لم يفعل، وآثر المصلحة الحزبيّة على المصلحة الوطنيّة والتاريخيّة لتركيا.

الوضع الكارثي الذي تعيشه القضية الكردية في تركيا، ويعبّر عن نفسه بنقل طرفي الصراع، حربهم إلى داخل الاراضي السوريّة، وتحديداً في المناطق الكرديّة، هذا الوضع الكارثي، يتحمّل مسؤوليّته الطرفان؛ العمال الكردستاني، والعدالة والتنمية. وبكل تأكيد، مسؤوليّة العدالة والتنمية أكبر، لأنه حزب ممسك بخناق الدولة، بينما الجميع ممسك بخناق العمال الكردستاني، والاخير ممسك بخناق الكرد في سوريا وتركيا، وايران، وحتى في العراق أيضاً.

جميع المقالات المنشورة تُعبر عن رأي كتابها ولاتعبر بالضرورة عن رأي Yekiti Media

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى