المواجهة أو المفاوضات بين إيران وترامب؟
جـويس كـرم
خلال أسبوع ونصف من اليوم تعود العقوبات النفطية بأقصى درجاتها على إيران مع سحب واشنطن الإعفاءات لثماني دول تستورد حاليا النفط من طهران وستواجه العقوبات في حال استمرت في تعاملاتها بعد 2 أيار/مايو المقبل.
إدارة ترامب بصقورها، أي جون بولتون ومايك بومبيو ومايك بنس، اختارت طريق المواجهة الاقتصادية المشروطة التي تؤدي إلى مفاوضات مع طهران في العام الأخير من الولاية الأولى. أما إيران فرهانها الأول هو على عامل الوقت وتخطي الولاية الأولى لترامب بالتعويل على خسارته في انتخابات تشرين الثاني/نوفمبر 2019، إنما هي بدأت أيضا بالحديث عن المفاوضات.
تضييق الخناق النفطي يتماشى مع استراتيجية واشنطن الحالية في إيران وعلى المستوى الدولي. فهو يزيد الضغوط على النظام، وعلى دول مثل الصين وتركيا، التي تمر علاقتها اليوم بنوع من التشنج مع واشنطن. بالمقابل تنتظر الإدارة الأميركية من السعودية والإمارات العربية المتحدة وباقي حلفائها في الخليج رفع الإنتاج لتعويض نقص النفط الإيراني في السوق مع ارتفاع سعر النفط 3 في المئة عالميا منذ القرار الأميركي.
إنما في رسم أي سياسة أميركية، يبرز السؤال الاستراتيجي الأول، ماذا تريد واشنطن من طهران؟
الهدف العلني لإدارة ترامب في إيران هو إجبار النظام على تغيير نهجه الداخلي والإقليمي والعسكري والدولي من خلال أقصى الضغوط، بينها إدراج الحرس الثوري منظمة إرهابية ومضاعفة العقوبات في أقل من أسبوعين. لكن من الخطأ الاعتقاد بأن ترامب 2019 في إيران هو تكرار لجورج بوش 2003 في العراق وأن واشنطن مقبلة على مواجهة عسكرية أو قلب للنظام الإيراني.
بومبيو في إعلانه العقوبات النفطية، قال بشفافية إن الهدف من ذلك هو أن “تعود إيران إلى طاولة المفاوضات” وتغير تصرفها الإقليمي وتحترم حقوق شعبها وتطلق سراح الأسرى الأميركيين الخمسة. وبعد 48 ساعة، رد الرئيس الإيراني حسن روحاني بالقول إن المفاوضات مع الولايات المتحدة ممكنة، ولكن بشرط “رفع الضغوط التي تفرضها واشنطن، وإبداء الاحترام”.
ترامب لا يقرأ الشرق الأوسط من باب أيديولوجي أو عداءات مزمنة مع أنظمة وقيادات. هناك طبعا صيغة أمنية وجيوسياسية تسير بها واشنطن في المنطقة وترى أن إيران ودورها يعرقل ذلك. لكن ترامب هو أيضا الرئيس الذي عقد قمتين مع زعيم كوريا الشمالية كيم جونغ أون، وعارض حرب العراق والتدخل العسكري في ليبيا. إشكالية الإدارة مع إيران ليست بسبب نهج غير ديمقراطي في الداخل، بل بسبب توسع إقليمي وعسكري وميليشياوي يهدد مصالح واشنطن في المنطقة.
في الوقت نفسه هناك إدراك أميركي وإيراني لحدود التصعيد. فرغم تهويل قاسم سليماني وأدواته في العراق، لم نر مواجهة أميركية ـ إيرانية هناك. ورغم تهديدات بولتون لإيران في سوريا، لم نر مواجهة بينهما في الحلبة السورية أيضا.
المتوقع اليوم هو مرحلة شد للحبال وضغط من واشنطن على طهران، لإقناعها بمفاوضات قد تشمل دولا عربية وتنظر بالاتفاق النووي وشعبة الخلافات الإقليمية. هكذا مفاوضات لاحت في الأفق قبل اجتماعات الجمعية العامة في الأمم المتحدة في أيلول/سبتمبر الماضي وكان اللقاء بين روحاني وترامب محتملا. إنما هكذا مفاوضات ليست مضمونة اليوم، مع دخول أميركا في موسم الانتخابات فعليا هذا الصيف وبدء التصويت في شباط/فبراير 2019.
إيران يمكنها الانتظار، إنما النهج قد لا يتبدل بالمستوى الذي قد يتمناه جواد ظريف في حال فوز الديمقراطيين، وبسبب أزمة أعمق لإيران مع الرأي العام الأميركي والكونغرس. أما في حال فوز ترامب في ولاية ثانية فلا مهرب لإيران من المفاوضات، لتخفيف الأعباء الاقتصادية وفتح النقاش حول أدواتها الإقليمية.
ALhurra
جميع المقالات المنشورة تُعبر عن رأي كتابها ولاتعبر بالضرورة عن رأي Yekiti Media