هل تحقيق الدولة الكوردية في سوريا ممكن؟
بهية مارديني GMT 2:00:00 2015 الثلائاء 10 مارس
يتواتر الحديث عن مشروع دولة كوردية في سوريا برعاية دولية، ولكن هل هناك امكانية فعلية لتحقيق هذا المشروع؟ وكيف ينظر العرب والكورد اليه؟
————————————————
الكاتب السياسي السوري المعارض، محمد خليفة، رأى خلال حديث لـ “إيلاف “، أن “مشروع الدولة الكوردية يجري العمل على نقله من صعيد الفكرة إلى الواقع والتطبيق برعاية وحضانة دولية مستترة اسوة بالنموذج العراقي “. فيما اعتبر شلال كدو، سكرتير حزب اليسار الديمقراطي الكردي في سوريا، استحالة ذلك حاليًا نظرًا للظروف الداخلية، وقال في تصريح لـ”إيلاف” أنه “لاشك أن للكرد كغيرهم من شعوب العالم الحق في تقرير مصيرهم بأنفسهم، لكن الظروف الحالية المحيطة بهم في مختلف اجزاء وطنهم الممزق لا تسمح لهم السعي من اجل تحقيق هذا الهدف”. وأوضح أن “المعطيات بمجملها تشير إلى استحالة تحقيق هذا الأمر في الظرف الراهن مع العلم أن الكرد لا يسعون إلى تقسيم البلدان التي يتعايشون فيها مع الشعوب الأخرى العربية والتركية والفارسية، بل يسعون كما نرى الى ارساء قيم المساواة والعدالة واحقاق حقوق الشعب الكردي في كل جزء من كردستان حسب ظروفه الخاصة”.
المسألة قد تكون اكثر تعقيداً
ولكن الدكتور زارا صالح، عضو اللجنة السياسية لحزب يكيتي الكردي في سوريا، اعتبر أنه “من حيث المبدأ وحسب المواثيق الدولية يحق للكورد إقامة دولة مستقلة، ولكن نظرًا لتداخل الأوضاع في الدول التي تقتسم كردستان، فإن المسألة تصبح أكثر تعقيداً من جهة انشاء كردستان موحدة على كامل أراضيها”. ولكنه أشار الى أنه “هنا يبرز إمكانية حل جزئي في كل قسم على حدة.” وطرح مثلاً كردستان العراق أو إقليم كردستان اليوم الذي “يمتلك ظروفًا ذاتية وموضوعية لإقامة دولته المستقلة، وهو عمليًا قائم بحكم الفيدرالية والاعتماد الذاتي والظرف الدولي السياسي المساعد خاصة بعد فشل الدولة المركزية في احتواء المكونات التي دفعت الكورد وغيرهم للبحث عن حلول أخرى، علماً أن العامل الكوردي ورئاسة إقليم كردستان يشكلان السبب الرئيسي لبقاء العراق موحدأ بعد أن احتلت إيران القسم الشيعي وداعش غزت القسم السني مع رحابة صدر للطرفين،، إذا ماذا بقي للكورد مع هكذا دولة مركزية؟ “.
تنامي القوة الكردية
الا أن شلال كدو أشار في هذا الصدد إلى “أن تنامي قوة القضية الكردية العادلة في سوريا لا تعني بأي شكل من الأشكال بأنها تشكل خطرًا على وحدة الأراضي السورية.”. فيما رأى صالح انه “أن الآوان للوقوف بجدية حول إقامة الدولة الكوردية إن لم يكن (الكبرى) على الأقل في كل جزء على حدة وعلى الدول التي تغتصب كردستان أن تبادر أولاً، والا فإن هناك مصلحة دولية ملحة اليوم في إقامة كردستان خاصة بعد تجربة إقليم كردستان الناجحة، حرية وديمقراطية، وكذلك الدور الكوردي الهام للتوازن في المنطقة ومحاربة كافة أشكال وتنظيمات التطرف ودور البيشمركة والقوات الكوردية مع التحالف الدولي في هزيمة داعش. اعتقد أن فشل الدول الإقليمية في ذلك سوف يدفع بدول القرار قريباً إقامة الدولة الكوردية مع العلم أن ذلك من حق الكورد الذين ظلموا على مر التاريخ، وقد حانت اللحظة التاريخية لانصافهم أخيراً، وهذا عامل خير واستقرار لكل المنطقة، فليس من المعقول أن يبقى حوالي 50 مليوناً دون دولة في حين هناك دول تعدادها ليست أكثر من مدينة كوردية”. وشدد أن “كل الظروف سواء السياسية أو الاقتصادية مهيئة لتحقيق الحلم الكوردي، وهذا هو نبض الشارع الكوردي عامة، رغم أن طروحات الأحزاب الكوردية لا تدعو إلى ذلك بسبب عوامل عدة أو أجندات سياسية إلا أن إقامة دولة كوردستان، هو شعور ومطلب في صميم القلب الكوردي المفعم بشجاعة كاوا وسلالة أبناء الجن”.
الدولة الكردية مصلحة دولية
أما حول آلية المشروع، فقد لفت محمد خليفة الى أنه “سيبدأ بمرحلة اولى بالحكم الذاتي، ومع الوقت يتحول هذا الى دولة تنفصل عن سوريا وقد تلتحم بالدولة الكوردية في العراق، لأن هذه اصبحت نقطة جذب، والاقليم المركزي لمشروع الدولة – الامة الكوردية تدريجيًا، وعبر مراحل تعمل على بلورة الهوية اولاً والانفصال التدريجي”. وقال خليفة إن “اميركا ترعى المشروع ضمن رؤيتها للشرق الاوسط الجديد، وفرنسا وبريطانيا تحاولان التكفير عن ذنبهما في حرمان الأكراد من دولة قبل مائة سنة، اسرائيل ضالعة في دعم المشروع منذ خمسينيات القرن الماضي, وروسيا ايضًا تسانده بناء على تعهد سابق صدر عن الاتحاد السوفياتي منذ اربعينيات القرن المنصرم. اما تركيا فتقاوم بقوة، لكنها لا تستطيع الحيلولة، والدول العربية غائبة عن الوعي وفي حالة يتمٍ وتفتتٍ وتشرذم، إيران يمكن أن تقبل وتدعم بشرط ألا يقترب المشروع من حدودها، الاكراد في سوريا مختلفون ومنقسمون ومتصارعون ولكنهم جميعًا موحدون على حلم الاستقلال، ولذلك قد يتحدون في اي لحظة برعاية برزاني واقليمه”. واضاف: “أهم نقطة الآن في المشروع وضمن الدائرة السورية، هي أن اللاعبين المحليين والدوليين ربطوا بين مشروعي الكيان الكوردي والكيان العلوي، وعهد النظام الى صالح مسلم وحزبه أن يبدأ بفرض الامر الواقع ليكون مدخلاً للإعلان عن الكيان العلوي إذا فشلت محاولات ابقاء النظام حاكمًا ومسيطرًا على سوريا كاملة، ولذلك فالمشروع الكوردي ونظيره العلوي توأمان سيريان النور معًا. هذا اذا جرى التقسيم وفق الخطة المرسومة ووفق الإرادة الراعية, ولكن اذا انهارت سوريا بشكل عشوائي فقد يتصرف الأكراد من طرف واحد مدعومين من الدول الكبرى”. واختتم حديثه قائلا: “اذن مشروع الدولة أو الكيان الكوردي قائم ويستند إلى مرتكزات قوية جرى الاعداد لها وتهيئة الظروف لها منذ وقت طويل”. أما شلال كدو فشدد أن” الكرد يعتبرون وحدة الاراضي السورية خطاً أحمر لا يجوز المساس به البتة، لذلك لا داعي من طرح هذه المخاوف بين الفينة والاخرى”. فيما انتهى زارا صالح الى اعتبار أن “هناك سيناريوهات عدة للمستقبل الكوردي، عدا عن إقامة كوردستان مستقلة في العراق، فهناك طرح يتم تداوله أيضا وهو إمكانية دمج إقليم كردستان مع الجزء الموجود في سوريا لإقامة الدولة الكوردية خاصة بعد ظهور الخلافة البغدادية -الداعشية بين سوريا والعراق، والذي فرض ظروفاً جديدة، والتي تفرض أيضاً إمكانية الدولة الكوردية كعامل جيوسياسي وتوازن وستكون مصلحة دولية أولاً رغم معاداة دول مثل تركيا وإيران”.
نقلاً عن موقع صحيفة إيلاف