المقامة الإدعائية
حدثنا العطال البطال قال : لما انسدت من امامنا الافق، واسدل الليل بسواده على الشفق، وخلت المدينة من الاهل والرُفق، هرباً من تحكّم العسكر والحمق، ومن شبح جوعٍ تبدّى في الواقع قبل الحلم، يتبادل معه في الرعب شبح الحرب، بشخوص تدّعي تمثيل الرب، واحزابٍ فاشلة تُزيد على الكرب كرب، ونظامٍ مافيوي يمتهن قتل الشعب، ويؤلّب الاقوام على بعضها بالفتن، ويُفلت للطائفية المقيتة الرسن، ويشتري من بعض الزعماء الذمم،ولا يبالي بمناشدات هيئة الامم .
فقررنا الرحيل، عسى أن نجد لهذا الوضع بديل، و زاد في القرار التصميم، مَن كان بامور استعار الحرب عليم، واعني به ( بعثيكو قربانو )، الذي كان يمتدح النظام بالاقوال، و يُمارس الربا بالافعال، ويفتدي بشاركو الاهبل في المسيرات، و يحلف برأسه أن نصره على ( المؤامرة الكونية ) آت .
ولما أخذ منه التشائم كلّ حدّ، ولم القى منه عن أفق السلام ردّ، ومع نقه عن محاسن أوربا في أُذني، وطيبها في العيش والسكنٍ، واليوروات المنثورة في شوارعها، وجمال مُحيّا نسائها، عاهدته على الصحبة في الطريق، ودفعنا للمهرّب اجرة الطريق، وكذا ضريبة الخروج للمسؤول ( الرفيق ) .
وبعد ليلة من الكرّ و الفرّ مع الجندرمة التركية، ومصائد الاسلاك الشائكة الجهنمية، ومسلك ضيّق بين الالغام المخفية، كانما نمشي على الصراط، في عتمة ليل شباط، حابسين من الفوق حكيٍ ومن تحتٍ الضراط .
ولله الحمد على كل حال، في ادباره عنّا وفي الاقبال، سبحانه الذي منّ علينا ببيوته الكثيرة في تركيا كي نغتسل من الاوحال، ونشدّ من جديد الرِكاب على الترحال .
ولما طابت لنا ريح السفر، لم نرى فيه شمسٌ ولا قمر، وحطّت بنا في اوربا الرحال، الكلاب فيها اعلى مرتبة من الرجال، سألنا المُحقق عن سبب اللجوء، فتقمّص ( بعثيكو قربانو ) دور قطة تموء، واخذ يحلف بأغلظ الايمان، وباسم ربٍ به لا يُستهان، أنه مطلوب للمخابرات السورية، كونه كان مشاركاً فعّال في المظاهرات من اجل الحرية، واردف بالقول : وشاهدي على ما اقول هذا العطال البطال. فصدّقه المحقق المسكين، ومنحه حق اللجوء في البلد الامين، و في غفلة من المحقق و الكاتب، سأل ( بعثيكو قربانو ) المترجم : والان كم سيعطوني من اليوروات في الشهر راتب ؟.
Ghassan.can@gmail.com