النتائج المترتبة على قيام الفيدرالية
أكرم شمو
هناك عدة نتائج تترتب على قيام اتحاد فيدرالي بين الدول او الاقاليم سواء في المجال الداخلي او الخارجي ففي المجال الخارجي فإن الاتحاد الفيدرالي يتميز بـ :
1- عند حدوث الاتحاد فإنه تظهر دولة تتمتع بشخصية دولية واحدة تمثل الدول والولايات الداخلة فيه. ولا تكون للأقاليم شخصية دولية في المجال الدولي، لذلك فإن الدفاع واقامة العلاقات الدبلوماسية وتبادل التمثيل الدبلوماسي وابرام الاتفاقيات و المعاهدات مع الدول الاخرى يكون محصوراً بالحكومة الفيدرالية، وهناك بعض الدساتير الفيدرالية تعطي الولايات او الاقاليم حق عقد المعاهدات وتبادل التمثيل الدبلوماسي مثل دستور المانيا لسنة 1949، و البعض الاخر اعطى للولايات حق عقد المعاهدات والاتفاقيات الاقتصادية و التجارية مثل دستور الاتحاد السوفيتي السابق لسنة 1977.
2- يعتبر اقليم الدولة الفيدرالية اقليماً واحداً يتكون من مجموع اقاليم الولايات الداخلة في الاتحاد، وتعتبر حدود هذا الاقليم الموحد حدوداً للدولة الاتحادية .
3- يكون لمواطني الدولة الفيدرالية جنسية مشتركة واحدة هي جنسية الدولة الفيدرالية.
4-في حالة نشوب حرب بين الاقاليم فإنها تكون حربا أهلية و ليست حربا بين دولتين.
أما في المجال الداخلي تتميز الدولة الفيدرالية بـ :
1- وجود دستور موحد للدولة الفيدرالية، بالاضافة إلى وجود دستور خاص بكل اقليم من الاقاليم على أن لا يتعارض مع الدستور الفيدرالي .
2- وجود السلطات الثلاث ( التشريعية، التنفيذية، القضائية ) على مستوى الاتحاد الفيدرالي تكون مختصة بشؤون الاتحاد وتمارس اختصاصاتها بالاستناد إلى الدستور الفيدرالي بالإضافة إلى وجود سلطات ثلاث مثلها في كل اقليم من الاقاليم المكونة للاتحاد وتمارس اختصاصاتها استناداً إلى دستور الاقليم ، وتعتبر هيئات الاقاليم هيئات حاكمة مستقلة في ممارسة اختصاصاتها في حدود دستور الاقليم .
– هيكلية الدولة الاتحادية ( طرق توزيع السلطات )
تقوم هيكلية الدول الفيدرالية على كل من سلطات فيدرالية وسلطات الاقاليم ، اما توزيع الصلاحيات والاختصاصات في السلطة الاتحادية و سلطة الاقاليم أي تشكيل الدولة الفيدرالية فإنه يتخذ طرقا ثلاث :
1- يقوم الدستور الاتحادي بتحديد صلاحيات كل من السلطة الفيدرالية وسلطة الاقاليم على سبيل الحصر، ولعل هذه الطريقة هي صعبة التحقيق فلا يمكن للدستور أن يحيط بجميع اختصاصات وصلاحيات كل جهة من الجهتين .
2- يقوم الدستور الاتحادي بتحديد صلاحيات السلطة الفيدرالية على سبيل الحصر و يترك ما عدا ذلك إلى الاقاليم، وبذلك تكون الاقاليم هي صاحبة الاختصاص العام و السلطة الفيدرالية صاحبة الاختصاص الاستثنائي ، فيقع على عاتق الحكومة الفيدرالية القيام بالأمور التي تتعلق بالدولة ككل مثل التمثيل الدبلوماسي وعقد المعاهدات مع الدول الأخرى والإشراف على الجيش وشق الطرق الرئيسة بين الاقاليم. ويلاحظ إن معظم الدساتير الاتحادية تأخذ بهذه الطريقة ، ومن هذه الدساتير دستور الولايات المتحدة الاميركية و دستور سويسرا و دستور المانيا.
3- يقوم الدستور الاتحادي بتحديد صلاحيات الاقاليم على سبيل الحصر ويترك ما عداها إلى السلطة الفيدرالية ، بذلك فإن السلطة الفيدرالية تكون صاحبة الاختصاص العام بينما تكون الاقاليم صاحبة الاختصاص الاستثنائي ,ومن الدساتير التي أخذت بهذه الطريقة هو دستور الهند لسنة 1949 و دستور فنزويلا لسنة 1953.
– الاسس القانونية للدولة الفيدرالية
وتختلف الأنظمة القانونية للدول الفيدرالية، فمنها ما تكتفي بمنح الحكم الذاتي بمفهوم واسع للأقاليم الأعضاء، بينما يذهب البعض الآخر إلى حد الاعتراف للشعوب التي تعيش ضمن إطار الدولة الفيدرالية بحق تقرير المصير بما فيه حق الانفصال عن الدولة الفيدرالية.
– لقد حاول الخبراء تحديد الأسس القانونية للنظام الفيدرالي، وظهرت في هذا السبيل نظريات عديدة يطلق عليها عادة اسم النظريات التقليدية (الكلاسيكية)، ولكي تحدد هذه النظريات مفهوم الدولة الفيدرالية، وتميزها عن الدول الأخرى، قسمت الأنظمة القانونية للدول بوجه عام إلى ثلاثة أنواع :
1- الدولة الكونفدرالية.
2- الدولة الفيدرالية.
3- الدولة المتحدة.
– فالدولة الكونفدرالية (حسب هذه النظريات) تتكون بموجب معاهدة أو ميثاق يُبرم بين دولتين أو أكثر، تتنازل كل منها عن بعض اختصاصاتها لصالح هيئة عليا مشتركة، وتتعلق هذه الاختصاصات عادة بالمسائل الدفاعية وقيادة الحروب وبالعلاقات الدولية وكيفية حسم المنازعات بين الدول الأعضاء.
وتتألف الهيئة المشتركة من ممثلي الدول الأعضاء على أن تتمتع كل دولة بصوت واحد فقط ومن الأمثلة الحديثة للدولة الكونفدرالية الاتحاد الاوربي والاتحاد الذي أُعلن في بداية السبعينات بين كل من مصر وسوريا وليبيا، وبقيَّ مشروعاً دون أن يدخل حيز التنفيذ، وكذلك المشروع المتداول بين حين وآخر بين الأردن والدولة الفلسطينية المرتقبة.
أما الدولة الفيدرالية فإنها لا تؤسس بموجب معاهدة أو ميثاق، بل بموجب الدستور، ويترتب على ذلك جواز تعديل الأساس القانوني للدولة الفيدرالية، دون حاجة لموافقة جميع الدول الأعضاء، بل تكفي لذلك أغلبية الآراء، مطلقة كانت أم نسبية، إلا إذا نص الدستور الفيدرالي خلاف ذلك على شرط إجماع الأعضاء مثلاً، كذلك لا يجوز لأحد الأعضاء الانسحاب من الدولة الفيدرالية لتأسيس دولة مستقلة، كما تستطيع الهيئات الفيدرالية مخاطبة مواطني الدول الأعضاء دون وساطة هذه الأخيرة، وتعتبر الولايات المتحدة الأمريكية منذ عام 1789 والاتحاد (الكونفدراسيون) السويسري منذ عام 1848، و(الكونفدراسيون) الألماني الشمالي منذ عام 1867، ومن ثم الرايخ الثاني منذ عام 1871، أمثلة ساطعة للدولة الفيدرالية، رغم استعمال دساتير بعض هذه الدول لاصطلاح (الكونفدراسيون).
– أما عن الدولة المتحدة وكيفية تمييزها عن الدولة الفيدرالية، فقد اقترح فقهاء السياسة الكلاسيكيون معايير متعددة لذلك، فذهب البعض إلى القول بأن معيار التمييز بين الدولتين ينحصر في مدى الاختصاصات وسعتها، فالدولة تعتبر فيدرالية والعكس صحيح أيضاً (بحسب سعة اختصاصات وصلاحيات الاقاليم والمركز ). وقال البعض الآخر أن تمتع الأقاليم بحق تشريع القوانين الخاصة لا يعتبر المعيار الصحيح لتمييز الدولتين، فيما تتمتع الأقاليم في الدولة الفيدرالية بحق تشريع القوانين، ولا تتمتع الأقاليم في الدول المتحدة إلا باختصاصات إدارية.
وذهب فريق ثالث من هؤلاء إلى القول بأن ما يميز الدولتين هو ليس مدى تمتع الأقاليم بالاختصاصات، بل بكيفية ممارستها لهذه الاختصاصات وضمانها بموجب الدستور، والمعيار الذي نادى به أغلبهم، هو مدى مساهمة الإقليم في الهيئات المركزية ومراقبتها لأعمالها.
– مقومات النظام والاتحاد الفيدرالي..
1- الوحدة والشراكة في الوطن (وحدة الدولة الفيدرالية).
2- وحدة الشعب في الدولة ضمن حقوق متساوية يحددها الدستور.
3- وحدة إقليم الدولة.
4- وحدة علم الدولة الاتحادية، إلى جانب العلم الخاص بكل ولاية أو إقليم.
5- وحدة العملة النقدية وتكون بيد السلطة الاتحادية العليا، وأيضاً وحدة الموازنة العامة والثروات.
6- وحدة المؤسسات العسكرية، وتكون بيد السلطة الاتحادية العليا.
7- وحدة القوانين والقضاء وتكون بيد السلطة الاتحادية العليا، ولا يمنع من أن تكون للحكومات المحلية في الأقاليم المحاكم والمؤسسات القضائية الخاصة بها بموجب الدستور.
8- وحدة التمثيل الخارجي والسفارات وتكون بيد السلطة الاتحادية العليا، وكذا إبرام المعاهدات الدولية وشن الحرب وإبرام الصلح.
9- تكون باقي الأمور الإدارية للإقليم متروكة لشؤون الإقليم والحكومة الفيدرالية المحلية.
المقال منشور في جريدة يكيتي العدد “270”