حوار مع الكاتبة والشاعرة سعاد جكر خوين
حاورتها ليلى قمر
يسعدنا أن نلتقي مع الشاعرة والكاتبة التي أثبتت على مدار سنين عديدة حضورها المتميز في مجالات عديدة، سواء في النضال القومي الكُردي والكُردستاني والتي نمت وترسخت في قناعات وأنشطة ضيفتنا، إضافة إلى ما قدمته وبذلته ولم تزل في مجال النضال النسوي خاصة المرأة الكُردية وتفاعلاتها التي امتدت وكرسولة إلى أية بقعة وصلت إليها، ورغم إقامتها في أوروبا، إلا أنها بقيت الحاضرة في كل أجزاء كُردستان، ولما لا؟ فهي ابنة جكر خوين الشاعر الذي كان كُردستان أيقونته، وأصبح هو أيقونة كُردستان أيضاً، ضيفتنا هي الناشطة نسوياً وقومياً والكاتبة بامتياز، كما الشاعرة بامتياز التي عرفت كيف تنهل من بحر نتاج والدها الراحل جكر خوين، ولكنها تتخذ مسارها الخاص أيضاً، وللحق فهي أستاذة في الشعر تكتبها باللغتين العربية والكُردية، تمتلك مخزوناً هائلاً من الصور والمفردات مجبولة بمشاعر أصيلة وجرس يعيد بالقارئ إلى صميم حنينية الشعر وتقاسيم أوتار الكلمات كما تعلمتها في محراب الحياة وأصداء تراتيل والدها.. ولتسمحوا لنا الآن أن نرحب باسمكم جميعاً بالسيدة سعاد جكر خوين – بونيا – الشاعرة والكاتبة والوجه النسائي الكُردي المعروف.. وإلى الحوار:
السؤال الأول:
استاذة: كثيرون يقولون بأنكم منذ أيام المرحلة الإعدادية كان لشخصكم الكريم حضور مميز إن في التعلم او النضال القومي مع او في إطار الحركة الكُردية، وكانت لكم جهود كبيرة خاصة في مجال المرأة وتحررها وتعلمها.. لو تفضلت بلمحة عن تلك المرحلة؟
الحواب الأول:
كبرت وترعرعت في كنف عائلة سياسية مناضلة واسم كُردستان بات لحناً جميلاً يلف مشاعري كلها، يدفئ أحاسيسي فانتشت روحي بالكُردايتي
نعم هكذا تعلمت في مدرسة والدي
كان هذا الحلم لحناً نتغنى به نحن أفراد العائلة دوماً
يكبر معنا شيئاٌ فشيئاً
حملناه بين أضلعنا في كل مراحل حياتنا فأخذ الحيز الأكبر من رغباتنا
كانت مسيرة نضالية مفعمة بحب الكُردايتي، حب كُردستان، حب الوطن والاستقلال.
وبهذا كان علينا أن نتحمل الحرمان والاضطهاد والجوع وننسى نحن أفراد العائلة كلنا رغباتنا الشخصية ودوافعنا الذاتية ننذر أنفسنا للنضال والكفاح لنكون جميعنا يداً واحدة في الدفاع عن قضية آمنا بها وترسخت في قناعاتنا
هكذا جبلت روحي بحب كُردستان منذ نعومة أظفاري
كان لاختفاء الوالد في مراحل متقطعة من مسيرة حياتنا تأثير كبير علي، حيث كنت أفتقده دوماً وأشعر بحاجتي إلى حنان الأب ووضع رأسي على صدره أناجيه وأتحدث إليه عن مشاكلي لكن هكذا كان قدرنا نحن عائلة جكر خوين فرضينا به مبتهجين
تحمل والدي ونحن معه كل المؤامرات والتهديدات من أعداء شعبنا للنيل به والإطاحة بحلمنا، لكن هيهات وبالرغم من كل المؤامرات استمرينا في نضالنا وكفاحنا لتبقى كُردستان دوماً هي غايتنا المنشودة
كُردستان هذا اللحن الجميل سمعته وأنا في بطن أمي إلى أن رأيت النور، كبرت وكبر معي الحلم وأدركت أن السياسة هي قدر عائلتنا لنيل غاياتنا فتقبلته بصدر رحب منذ نعومة أظفاري
لذا عندما قطعنا الحدود السورية إلى كُردستان العراق خفية تقبلنا النتائج برحابة صدر مع كل الخوف والألم الذي انتابنا آنذاك وخاصة عندما نبهتنا الوالدة أن نصمت ونسرع في الجري دون أن نتفوه بأي كلمة لكي لا نثير انتباه الدوريات البوليسية
كانت تلك الرحلة شاقة ومن أصعب ما واجهناه في الحياة
وأخيراً التقينا بوالدي بعد فراق طويل
بقينا ثلاث سنين في بغداد
عمل فيها والدي مدرساً للغة الكُردية اللهجة الكُرمانجية في جامعة بغداد حيث كانت دراستي في بداية الثانوية الفرع الأدبي عندما عدنا إلى مدينتا الحبيبة قامشلو وكان هناك صف واحد فقط الفرع العلمي وليس هو بفرعي الذي بدأت به وبما أن العائلة كانت بحاجة ماسة إلى العون لذا تركت المدرسة وبدأت أعمل كمعلمة وكيلة في حارة قدور بك بشهادتي الكفاءة
هناك تعرفت على المناضلة فاطمة شرنخي وترددت في زيارتها وبما أن والدي كان ينتمي الى الحزب البارتي الديموقراطي انخرطت تلقائياً بين صفوف أعضائه وأصبحت علاقتي مع النساء مباشرة أجمعهم لأقرأ عليهم بيانات الحزب التي كانت تأتيني من هيئة الحزب لأشرح لهم عن مضمون البيان وعن الأوضاع بشكل عام من تلك النساء البارعات فاطمة شرنخي كچا كُرد ونساء أخريات مناضلات
قمنا معاً بجمع النساء في البيوت لغرض الإجتماع وخوفاً من السلطات كنا نعقد إجتماعاتنا كل مرة في بيت مختلف كما كنا نقوم بإحياء نوروز وننظم الحفلات لتقديم المسرحيات والتمثيليات التي كنا نتدرب عليها شهور لنقدمها لنسائنا بشكل سري منها (Sê zarok xweş tên) وهي قصيدة للوالد قدمناها كتمثيلية وقدمناها في نوروز
كما كنا نقوم بجمع التبرعات ونتجول الحارات للإجتماع بنساء جدد لنتعرف عليهم ونضمهم إلى صفوفنا
بهذا أسسنا فرع للنساء كما أننا أسسنا فرع الشبيبة للفتيات عيننا مزگين إبنة فاطمة شرنخي مسؤولة عنهم كانت علاقتهم بنا مباشرة كما أسسنا فرق للغناء والرقص وكان المرحوم سليم مصطو هو الذي يعزف لنا
هنا أتذكر أنه غنى في إحدى حفلات النوروز ( Hate ber derî) وكانا الوالد والوالدة موجودان في الحفل فوقف والدي له إحتراماً وصفق بفرح.
في الحقيقة ما عملناه كان كثير وبدافع قومي وطني تحدينا فيه تلك الظروف القاسية والسلطات اللعينة، كان من الممكن أن تقودنا تلك النشاطات الى الهلاك والسجن
وتعرضنا للمخاطر مع ذلك ثابرنا
وتشبعت روحنا بالنضال والتضحية ولم يخطر ببالنا سوى كُردستان!
السؤال الثاني:
بعد التوجهة الى اوروبا ومنذ بدايات وصولكم كعائلة وكشخص الأستاذة سعاد، ظهر لكم دور كبير وتفاعل قوي في التعامل مع الهم الكُردستاني بأجزائه الاربعة ، وايضا تفاعلتم أكثر في مجال الحقوق النسوية وواجباتها ، وظلت الطفولة الكُردية هاجسا لكم تتابعون الأوضاع وفق خطورة التقلبات السياسية السائدة حينها .. كي تقيمون تلك المرحلة بجهودها؟
الجواب الثاني:
في تلك الفترة مرت عائلتنا بظروف قاسية جداً حيث إلتحق والدي بالثورة في كُردستاننا الحبيب (ثورة أيلول) وبقيت أمي المسؤولة الوحيدة تكافح مرارة العيش وتوزع قدراتها بين واجباتها كأم ومسؤولة عن تربية خمس فتيات وولدين لتنقذنا من ألسنة المنافقين وتعمل بقدر الإمكان أن تحقق مايلزمنا
كنا نفهم شعورها ونقدره نشاركها الألم لذا قررنا أن ننتقل إلى دمشق للعمل الحر لنستطيع إعالة العائلة، أما أنا بقيت في القامشلي أعمل كمعلمة وكيلة وأدرس للبكالوريا لأقدمها بشكل حر
تشتتت عائلتنا وتفرقت وبصبر أمي وصمودها وتحملنا كل المشقة إستطعنا أن نجتاز تلك المرحلة بعزة وعنفوان.
بعدها تزوجت وواصلت عملي كمعلمة وكيلة بشهادة الباكالوريا عدة سنوات وإجتزت دورة التثبيت لعدة مرات لكن لم أحظى بالتثبيت وفي كل مرة أكتشف بأننا خطر على أمن الدولة وخاب أملي مرات ومرات حيث منعت مرة من السفر خارج البلاد عندما نلت منحة دراسية من المركز الثقافي السوفياتي آنذاك لكوني إجتزت دراستي باللغة الروسية في المركز الثقافي وكان ذلك عندما كنت أسافر لدمشق لألتقي بالعائلة في العطلة الصيفية، والآن بعد أن تزوجت وأصبحت لدي عائلة .
ضاقت بي السبل ونفذ صبري وضجرت من تحقيق المخابرات لي في كل تعيين، لذا قررت أن ألتحق أنا وأولادي الأربعة بأبي الذي سافر قبلنا الى السويد ليطبع كتبه وكان من نصيبنا أن نكون من المهاجرين في مملكة السويد.
ففي أواخر سنة ١٩٨٢ تركت قامشلو الحبية لأستقر في
استوكهولم ولحد الآن
-أن يترك المرء وطنه الأم ويتوجه الى بلد غريب لايعرف عنه شيئا
-أن يترك المرء وراءه سنيناً مليئة بالأحداث والذكريات
– أن يترك المرء أحبابه وماضيه ويحمل تحت أبطه بعضاً من الذكريات
– أن تصطدم ثقافته مع ثقافة البلد الجديد ،كل ذلك يستحق أن نقف حياله بإمعان ويجدر أن يكون موضوعاً مستقلاً بذاته
خاصة أن تكون إمرأة وكردية ثم مهاجرة
إننا أمام ثالوث صعب .
الكل لايستطيع أن يتخطاه إن لم يستخدموا الدقة والإمعان
بكيت كثيراً في بداية المرحلة
كيف سأجتاز هذه المحنة !
لغة جديدة ثقافة جديدة أناس جدد لهم عاداتهم وتقاليدهم ولي عاداتي وتقاليدي
لكنني وبعد مرور سنة تقريباً تجاوزت هذه العقبات
المرأة الكردية المهاجرة أثبتت أنها قادرة على التكييف وذلك بحكمتها ورزانة عقلها ومثابرتها . نعم المرأة الكُردية تنحني لها القامات !
ما يخصني شخصياً فكرت ملياً بأن استعمل إمكانياتي كلها وأبرز رغباتي التي نامت في صدري منذ عقود وأبدأ في العطاء والعمل لأجل شعبي وأنا بعيدة عن الديار ففتحت طريقي في المجتمع الجديد وخلال سنة تعلمت اللغة السويدية وبعدها
ساعدني الحظ بأن عرض علي بعد دراسة اللغة ان أعمل في روضة أطفال الكُرد التي أسستها البلدية المحلية بناء على رغبة العوائل الكُردية وهي الروضة الوحيدة التي تكونت لأطفال الكُرد في العالم الغربي
وهنا وجدت نفسي في حقل أمنياتي وعز مبتغاي
أن أخدم أطفال الكُرد من كُردستان بأجزائها الأربعة لهو من أفضل الأعمال وأنبل العطاءات. فقبلت وانخرطت بالعمل وكانت تلك السنين التي أمضيتها في الروضة الكُردية من أجمل سنين عمري
كنت سعيدة جداً بالأطفال والعوائل وأصدقائي في العمل خدمت فيها١٥ سنةً أي إلى أن تقاعدت
كنا هيئة إدارية متلائمة ومتضامنة من جميع أجزاء كُردستان
نتكلم فقط اللغة الكُردية
نرسم علمنا بالألوان
نقص عليهم قصص الأجداد والحكايات ننشد، نغني ونهيىء لنوروز وبقية المناسبات
نلتقي بالعوائل مع الرقص والأكل الكُردي والدبكات نتكلم الكُردية دون خوف أو إحراج
نمثل ونقدم المسرحيات بلغتنا الأم في بقية أرجاء السويد دون أن نحسب لأي حساب
من مسرحياتنا(Şengê û Pengê) و (Sê beran û gur)
و( يوم من أيام الزفاف )
ثم أنني كتبت لهم حينذاك بعض الأغاني بالكُردية وترجمت بعضها الآخر من السويدية والعربية لقلة أناشيدنا التعليمية للأطفال بالإضافة إلى أشعار والدي مثل ( Xwendegeh)و(Ey pale)
نعم كان ذاك العمل من أجمل ما قمت به وخاصة عندما إنتميت إلى جمعية محلية لنساء الكرد في نفس الحي حيث ألتقي هناك بأمهات أطفال الروضة فنتبادل الأحاديث عن أطفالهم وكنت في الهيئة الإدارية أكتب باللغة الكُردية وندير أمور النساء الكُرديات نساعدهم في شق طريقهم في المجتمع الجديد مع المحافظة على كياننا الكُردي.
السنوات مرت كلها نضال وعمل مشترك بين النساء، نجتمع نتناقش نبيع الكتب وبعض الثياب وبعض من الأكل والحلويات ليكون لنا ريعاً نتدبر به أمور الجمعية
نتظاهر نقابل المسؤولين لنشرح لهم عن وضع المرأة الكردية وحاجتها الى تمكين الذات لديها
وترسيخ الأنا في شخصيتها لتكون حرة بآرائها تدلي بما تريد
كنا نهيء لهم الفرص للرحلات والإستجمام نقيم المؤتمرات المحلية ونزور بقية الجمعيات لنتناقش في مواضيع تخص النساء وبكل حكمة وجدارة حولنا جمعيتنا إلى إتحاد عام يتضمن ١٥ فرعاً للنساء في جميع أرجاء السويد وضمن مظلة الفيدراسيون العام لجمعيات الكُرد في السويد وأصبحنا جزء منهم نحضر إجتماعاتهم بشكل منظم وإنتخبت رئيسة للإتحاد بإعتباري كنت إحدى الأعضاء لتهيئة هذا المشروع أي تأسيس الإتحاد.
وبجانب ذلك إنتميت إلى الهيئة الإدارية للفيدراسيون بالإنتخاب في مؤتمرهم السنوي كما أنني شاركت في الإنتماء إلى عدة جمعيات أخرى لنتواصل مع السويديين والبقية ومن خلال ذلك كنا نلتقي بالكثيرين غير الكُرد نشرح لهم عن قضايانا في الوطن بشكل عام وعن وضع المرأة الكردية بشكل خاص
شاركت في عدة مؤتمرات خارج السويد منها مؤتمر المرأة العالمي في الصين سنة 1995
وهناك كان لنا مشوار طويل من الكفاح والمناظرات قدمنا فيها صورة تستحقها المرأة الكُردية وقدمنا للجنة المؤتمر مطاليبنا كنساء كُرديات
سررت بكل ما قمت به من فعاليات سواء مع الأطفال أو مع النساء أو ضمن الفيدراسيون الكُردي الذي كان أعضاؤهم كلهم من الرجال وكنا نحن فقط إمرأتين لابأس علينا بالعمل أينما كان
كنت أتمنى في كل مرة أن تكون هذه الإمكانيات متاحة لنا في بلادنا مع العلم أنني بقيت فترة طويلة في القامشلي وقمت مع بعض الزميلات بتأسيس جمعية نسائية دامت سنين وقمنا خلالها بعدة فعاليات
إلا أنني تركت القامشلي بعدها وتفرقت الزميلات كل إلى نشاطات أخرى وأستطيع أن أصنف تلك الجمعية بالأولى في القامشلي قبل ٢٠١١ حيث بعد هذا التاريخ كثرت الجمعيات.
نعم تمنيت دوماً أن أخدم أطفال بلادي ونسائها لذا كنت أعمل في السويد بشكل متواصل لأنتقم من القدر ولأشبع رغبتي في العمل والنضال
وأقول في نفسي دوماً ! لما لا لطالما أستطيع وغير ممنوع!
وعملت قدر الإمكان مع العلم كنت أدير بيتي وأعتني بأولادي الأربعة بعد إنفصالي عن أبيهم
كنت وحيدة في كل ذلك
لكن يبدو أنه إذا أراد المرء أن يقوم بعمل ما وخاصة إذا كان إمرأة فلابد أن ينجز ه!
تعلمت حينها بأن الإرادة هي الفحوى فزاد إيماني بقضيتي وزاد لدي الشعور بكوردستانيتي وأنا بين إخوتي الكرد من جميع أجزاء كُردستان.
السؤال الثالث:
في مواحهة شاعرة فرضت ذاتها منذ زمن طويل وباللغتين العربية والكُردية، ولا ندري ان كنت تكتبين بلغات أخرى، والسؤال هنا هل الشعر فرض ذاته عليك كونك ابنة الشاعر جكر خوين فأصبحت جينة متوارثة! أم هو إحساس بالفطرة كما نتلمسها من دفق الحنينية وروعتها، وبمعنى آخر؟ ما مدى تأثرك بجكر خوين الأب ومن ثم الشاعر؟
الحواب الثالث:
الشعر بالنسبة لي عواطف متقدة ومشاعر مدفونة تريد أن تخرج على الصفحات ليعلن الشاعر عن مبتغاه
لقد حبست تلك المشاعر في زوايا ذاتي المسجونة بين أضغاث حلم تائه وماض كئيب لسنوات طويلة حيث رافقتني ظلاله مدى العمر وهنا في السويد حررت بعضاً من ذاتي المشحونة بأحلام الرعب وقصص الألم وحقبة طويلة من الوجع والإضطهاد
نعم في هذا البلد تحرر ما أنقذته من ذاتي وتحركت بعض الفراغات الصالحة بالنطق لتبوح بغدر الزمان وتعود بي الى الوراء لتخطف بعض الأحداث من حقبة زمنية وعائلة أعطت الكثير من التضحية والفداء
من خلال تلك المشاعر أزخرف صفحات التاريخ ببعض من خبايا الماضي كقصيدة شعرية ملونة بالأزاهير والذكريات
كما أنه لابد أن يكون هناك جزء منه ،تأثيري بالشاعر جكر خوين
وبلا شك لأنني إبنته
سمعت قصائده وأنين عذاباته عن قرب
رافقته مشواره الطويل وشاركته في الآلام والأوجاع وأخذت منه الكثير وبالتأكيد يعود الفضل له في تربيتي القومية وحبي للوطن هو الذي دلنا على الطريق الصحيح والصمود
هو الذي زخرف لنا صفحات التاريخ
لروح والدي وكل عظماء الكُرد الذين عملوا وما زالوا يعملون من أجل كُردستان حرة مستقلة ألف تحية شكر وتقدير
وأتمنى أن أكون أنا أيضا قد قمت بدوري الذي يليق بي كإبنة جكر خوين وكشخص بونيا – سعاد المرأة الكُردية.
السؤال الرابع:
أشعارك باللغتين دائماً يطغى عليها حنين قوي، والمكان أينما كنت وكتبت تبقى كُردستان هي البوصلة، وسؤالي بصراحة يدور حول اللغة، بأية لغة ترى شاعرتنا بأنها تعبر أكثر؟
الحواب الرابع:
الوطن هو الحاضنة الأساسية لكل إنسان وما بالي وأنا التي قضيت جل عمري في كُردستان
موطني الأصلي وترسخ اسم كُردستان كأغنية غزلية في قلبي وملك كل مشاعري وكان هو الرمز في مشوار نا الطويل وحقيقة أينما كنت سأعمل وأتغنى وأكتب من أجل كُردستان.
كانت بداية كتابتي بالعربية لأنني كنت كما الآخرين أيضا قد أخذنا من اللغة العربية ما يكفي أن نكتب قصيدة غزل أو مقالاً.
وهذا شيء طبيعي لكنني شيئاً فشيئاً تعلمت الكتابة الكُردية
وذلك من خلال قراءتي لأشعار الوالد ومن ثم هنا في السويد عندما بدأت مشواري
كان علي أن أكتب محضر الاجتماعات كلها باللغة الكُردية.
في البداية وجدت بعض الصعوبات، اضررت الاستعانة ببعض الأصدقاء لكن بعد فترة غير طويلة وبعد حضوري بعض الدورات للغة الكُردية بدأت الكتابة بلغتي الأم، وما يسعدني اليوم أنني أرى نفسي ومشاعري المتدفقة متمكنة أكثر في لغتي الكُردية
أنا مدينة جداً لوطني الثاني السويد الذي وهبني كل شيء وله حصة كبيرة من شكري وثنائي في هذا التغيير الجميل.
السؤال الخامس:
استاذة كامرأة كاتبة وشاعرة، كيف ترين الأدب النسائي الكُردي وبكل اللغات؟ هل نستطيع القول في وجود ما يمكن تصنيفه بالأدب النسائي الكُردي؟ وبالتالي كيف ترين الحالة النقدية إن وجدت؟
الحواب الخامس:
بصراحة أنا لا أرى داع لأي تصنيف فالمرأة حرة كما الرجل تكتب ما يحلو لها حتى عن الحبيب وقضايا المرأة بحذافيرها وبشكل صريح
وما الشعر إلا خيال ومشاعر التميز المرأة عن الرجل فلما التصنيف إذن!
لما سأحصر نفسي في زاوية خاصة بعيدة عن الكل وخاصة نحن من نؤمن بالمساواة وحرية الرأي علينا ان لانترك المجال للرجال لكي يتجنبوا الحديث عن بعض قضايانا ليقولوا لنا “هذا من إختصاصكم” هذا أدبكم .
نعم المرأة رقيقة تكتب بحنان وعذوبة وتتناول بعض المواضيع قد لا يتناولها الرجل لكن مع هذا ليس هناك دوافع للتصنيف.
السؤال السادس:
شاعرتنا الأنيقة والمناضلة العنيدة الصامدة نعرف كانت في ساحات اعتصامات عديدة.. أكثر الاعتصامات حركت فيك أشجاناً أنتجت قصيدتها؟
الحواب السادس:
في زمن ما تظاهرنا من أجل الإفراج عن جميلة بوحيرد كنت طفلة رافقت أمي وأختي أتذكر جيداً ذلك اليوم
وبعد الكثير من الاعتصامات في كل البلاد نجت جميلة من الموت.
وها نحن الشعب الكُردي البطل قمنا ومازلنا نقوم بالاعتصامات والنوم في الشوارع أمام السفارات ولكن لم يهز كل ذلك مشاعر أحد!
يا لقدرنا السيء
اليوم يقتل بالآلاف من أبناء شعبنا ويمثل بجسد بناتنا ولم يحرك أحد ساكناً
كل هذا حز في قلبي وبقي ذلك الألم يكبر في صدري إلى أن فجرتها مشاعري فجاءت قصيدة ألم
وفي الحقيقة كل ما أكتبه من أشعاري نتيجة ألم وأحداث وبعضاً منها فقط مشاعر وخيال.
السؤال السابع:
النشر والمشاريع المنظورة في هذا المجال؟
الحواب السابع:
لقد خزنت مشاعري سنين طويلة لأنني كان علي أن أكون بقدر المسؤولية
كان علي أن أتخطى حدود الجوع والفقر والحاجة
كان علي أن أكون مناضلة أكافح الإضطهاد والقبعات الحمر
كان علي أن أفكر فقط كيف سنجتاز هذه المحنة
يالهول المصيبة، ذاتي التي حبستها سنيناً طويلة باتت أن تموت وينتهي اللحن الحزين
لكن هنا في السويد انفجرت مشاعري كلها فخططت ولملمت أوراقي المبعثرة وبحت عن ذاتي وألمي عبر السنين فصدر لي ديوانين باللغة العربية أحدهما باسم أوراق مبعثرة والآخر باسم عندما يشتعل الصمت
وقبل سنين ومنذ بداياتي في السويد صدر لي كتاب لأناشيد الأطفال باللغة الكُردية أكثرها على الطريقة الحديثة باسم ( Bexçê gulan)
ومن ثم ديوانين شعر باللغة الكردية
١- Banga Cegerxwîn ji gorê
شعركلاسيكي
٢-Omîdên windayî
وقريباً سيصدر ديواناً آخر باللغةالكردية بإسم Sîberên xewnan
ولي ترجمة إلى السويدية قصة والدي
Cîm û Gulperî
سأرسلها قريباً إلى الطباعة
ولا أدري إن كان الزمن سيساعدني في تكملة مشواري بأن أنهيه بمذكراتي
بهذا أكون قد أكملت مشواري!
السؤال الثامن والأخير:
كلمة توجهينها للمرأة الكُردية بشكل عام والكاتبات منهن بشكل خاص؟
الجواب:
في النهاية أريد أن أوجه كلمة إلى أختي، ابنتي زميلتي
أيتها المرأة الكُردية البطلة الصبورة المقدامة
اخلعي رداء الخوف والكآبة عن روحك واحتفظي بتلك الفسحة الجميلة التي تعبر عن محاسنك وحرية ذاتك فأنت أيتها الملاك أيقونة النضال والحياة ستتغنى بك الأجيال، استمري في عطاءاتك فبها يكتمل الوجود
واعلمي جيداً إن كل عمل أو انتصار تقوم به أية امرأة كُردية هو انتصار لك أيضا فلا تخذليها بل خذي بيدها لتخرجوا سوية الشوك المغروس في أجسادكم!
عزيزتي المرأة الكُردية الكاتبة والشاعرة الجميلة
تعالي لنعمل بهدوء
لنكون قدوة لجميع النساء الكُرديات
نتكلم عن مآسي المرأة الكُردية
ونتابع الأحداث والمعطيات فنحن من خلال كتاباتنا نتواصل مع الجميع
كوني زهرة كُردستان اليانعة دوماً
وفي الختام
أقدم شكري لهيئة تحرير جريدتكم الموقرة
ولك عزيزتي ليلى قمر أجمل تحياتي
وبدورنا في ختام هذا الحوار، نتقدم باسم هيئة التحرير للشاعرة والكاتبة القديرة والناشطة القومية والنسوية الكُردية سعاد جكر خوين كل الشكر والتقدير.
الحوار منشور في جريدة يكيتي العدد “270”