رفع صور أوجلان.. تنسف كل الجهود المبذولة لتوحيد الصف الكُردي
جمال حمي
ماهي الرسائل التي أراد منظّمو المسيرات التي خرجت البارحة في كوباني إرسالها وهم يحملون صور رئيس منظمة PKK عبد الله أوجلان – الموضوعة على لوائح الإرهاب – التركية – الأمريكية – الأوروبية – السورية؟ ولمن كانت موجّهة تلك الرسائل ؟، وهل لها علاقة بالصراع الروسي التركي في إدلب؟
لايمكن أن تكون تلك المسيرات عفوية ولا يمكننا تصديق أنّ الكُرد في كُردستان سوريا يعشقون أوجلان إلى درجة أنهم تناسوا فيها كلّ مآسيهم وعذاباتهم والاحتلالات الجاثمة على صدورهم في عفرين وسرى كانييه وكرى سبي وغيرها ولم تعد لديهم قضية تشغلهم سوى فكّ العزلة عن رئيس منظمة مصنّفة إرهابية لاسيما أنّ زعيمها أوجلان قد إعترف بنفسه على نفسه أثناء محاكمته بأنه كان يقود منظمة إرهابية تسبّبت بمآسي وآلام للشعب التركي وقدّم إعتذاره لأمهات الجنود الأتراك الذين قُتلوا على يد منظمته ، فلا بدّ أنّ رفع صور أوجلان في هذه المسيرات كانت مقصودة وأنها كانت تهدف إلى إرسال رسائل واضحة ومهمة ، لكن لمَنْ كانت موجّهة تلك الرسائل؟
– بالنسبة للأتراك فلا يكاد يمرّ يوم إلا ويظهر فيه مسؤولون أتراك على وسائل إعلامهم وعلى رأسهم أردوغان نفسه ليبرّروا احتلالهم لعفرين وكرى سبي وسرى كانييه زاعمين أنهم يطاردون منظمة PKK على حدودهم الجنوبية ، زاعمين أيضًا أنها تهدّد أمنهم القومي ، وإصرار الإدارة الذاتية على رفع صور أوجلان بمناسبة وحتى بدون مناسبة يؤكّد مزاعم الأتراك ويمنحهم الحجة والذريعة على طبقٍٍ من ذهب وكأنّ لسان حال هذه الإدارة يقول لأردوغان : نعم أنت صادق في كلامك فمنظمة PKK موجودة في هذه المناطق وهي التي تديرها وتشرف عليها فماذا تنتظر ياسيد أردوغان ، إرسل جنودك وأكمل احتلالك لبقية مناطق كُردستان سوريا !
– بالنسبة للأمريكان، فكلنا نعلم أنّ الإدارة الأمريكية طلبت مرارًا وتكرارًا من الإدارة الذاتية ومن قوات قسد فكّ ارتباطهم بتنظيم PKK لكن في كلّ مرةٍ تطلب فيها أمريكا منهم فكّ الارتباط ، يُخرِجون الناس في مسيراتٍ عارمة تجوب الشوارع وهم يحملون صور أوجلان وبذلك ترسل الإدارة الذاتية رسائل إلى أمريكا مفادها أننا لن نفكّ ارتباطنا مع منظمة تعتبرونها إرهابية!
– بالنسبة لأوروبا أيضًاً فكلنا يعلم أنّ أوروبا تعتبر تنظيم PKK من أخطر التنظيمات الإرهابية وهي محظورة في الكثير من الدول الأوروبية ، وإخراج الناس في كُردستان سوريا من قبل الإدارة الذاتية وهم يحملون صور أوجلان تهدف إلى تخفيف الضغط الأوروبي على أردوغان ، فما أن تقول أوروبا لأردوغان توقّفْ عن ضرب الكُرد و عن الاعتداء عليهم ، يرسل لهم أردوغان صور وفيديوهات لمسيرات الإدارة الذاتية والتي يحملون فيها صور أوجلان فيقول لهم : أرأيتم ، أنا لا أحارب الكُرد فلا مشكلة لدي مع الشعب الكُردي لكني أحارب تنظيم PKK في هذه المناطق ، تفضّلوا وإليكم الأدلة بالصوت والصورة !
– بالنسبة للمجلس الوطني الكُردي وبقية الكُرد المستقلين الذين يطالبون الإدارة الذاتية بفكّ إرتباطها مع تنظيم PKK لتمهيد الطريق أمام توحيد صفوف الكُرد ( السوريين ) وبعيدًاً عن تدخّلات تنظيم PKK التركي ، فهذه المسيرات التي تُخرِجها الإدارة الذاتية كلّ حينٍٍ وتحمل صور أوجلان عمداً وقصداً تهدف إلى قطع الطريق أمام أيّ تسويةٍ أو مصالحةٍ بين أبناء الكُرد ( السوريين ) وتنسف كلّ الجهود المبذولة لتوحيد الصفّ وتنسف كلّ المبادرات بما فيها مبادرة مظلوم عبدي نفسه والتي قلنا عنها منذ اليوم الأول أنها مجرد فقاعة إعلامية.
– كلّ هذه المسيرات التي تحمل صور أوجلان والتي تنظّمها الإدارة الذاتية ومن خلفها قنديل تهدف إلى إرسال رسائل في اتجاهات عدة وكلها تصبّ في خدمة مطامع أردوغان والمخابرات التركية ، ولذلك لم يعد لدينا شك أنّ هذه الإدارة ومن خلفها القنديليون هم عملاء للميت التركي ويخدمون الدولة التركية الشوفينية ، ومسيرات كوباني البارحة وهم يرفعون صور أوجلان فيها كانت لتخفيف الضغط عن تركيا في إدلب من قبل روسيا والمجتمع الدولي ولمنح الذرائع والحجج لأردوغان وإيجاد التبريرات لتواجد الجيش التركي في سوريا ومنحها الشرعية ، لأن روسيا قالت إنّ تواجدها في سوريا شرعي وقانوني وبالتنسيق والإتفاق مع حكومة النظام السوري ، فأرادت الإدارة الذاتية من خلال رفع صور أوجلان لفت انتباه الروس على وجه الخصوص دون غيرهم ، أنّ تواجد تركيا في سوريا أيضًاً قانوني وشرعي وبموجب اتفاقية أضنة التي تنصّ على مطاردة تنظيم PKK والدليل على ذلك أنّ المتظاهرين رفعوا صور أوجلان أمام الدوريات الروسية بالتحديد ، وذلك لتقوية موقف أردوغان أمام روسيا ، فبعد يومين سيلتقي أردوغان مع الرئيس الروسي وسيقول له : تفضّلْ وانظرْ إلى صور أوجلان أمام دوريات بلدك في سوريا ، فكما يحقّ لك مطاردة الإرهابيين في إدلب فأنا أيضًا يحقّ لي مطاردة إرهابيي PKK ، وإذا كان وجود جيشك في سوريا وجود شرعي ، فوجود جيش بلدي في سوريا أيضًاً شرعي بموجب إتفاقية أضنة وإليك الصور والفيديوهات؟