الكُرد و قدسية الغناء القومي
محمد عكو
الفن هو من أجمل الاختراعات البشرية براءةً على مرّ العصور، من خلاله يمكن التعبير عن قضايا و هموم البشرية جمعاء.
لا تحتاج إلى موافقة أمنية و لا فيزا العبور إلى قلوب و عقول البشر .
لا تفرْق بين الغني من الفقير ولا الكافر من المؤمن و لا كبير من الصغير و المسن من اليافع ولا بين الأمي و المتعلّم ولا بين الأبيض و الأسود ….
من خلاله يطرح المرء أحزانه و أفراحه و همومه و آماله ..
ونحن الكُرد كغيرنا من الشعوب نملك إرثاً حضارياً لا يُستهان به في مجال الفن الغنائي و أخصّ هنا الغناء القومي …
الغناء القومي من خلال قصائده حلّق بعيداً و حطّم كلّ الحدود المصطنعة التي فُرضت و رُسمت علينا في غفلة من التاريخ الأسود…
و كان الفنان الكُردي له دور بارز في إيصال و شرح القضية الكُردية و بشكلٍ ممنهج استطاع الحفاظ على هذا التراث الغنائي من كافة الأجناس الغنائية ( الملحمية . العشق . التصوف .الخيانة .القومية و غيرها من هموم الكُرد ) .
الفنان الكُردي كان له دور جوهري و مفصلي في إيصال تاريخه المنسي و قصص العشق و حبّ الوطن..
الأداء الصوتي للفنان إلى جانب القصيدة ساهمت في يقظة الوعي القومي الكُردي المعاصر حيث نبرة الصوت و جمالية الأداء من قبل الفنان مع الصور و التشبيهات الشعرية في القصيدة القومية حطّمت و كسرت جدار الصمت بين التعليم و الأمية من حيث التعريف العصري لها …
الفنان من بوابة إحساسه المرهف و اندماج مشاعره مع الوتر الموسيقي اجتاز امتحان الولاء القومي و عشقه لقضيته و محبوبته (Kurdistan ).و إيصال رسالته القومية دون خوف و خجل و ندم إلى شعبه الكُردي الصامد ….
لذا من الواجب القومي علينا إحياء ذكراهم ….
التااسع من آذار عام 1989 …
كان لي الفخر و الشرف كغيري من أبناء جيلي في الوقت حيث كنت في المرحلة الثانوية( الصف العاشر ) في المشاركة العفوية و الهروب من المدرسة في ذلك اليوم و التوجه إلى جامع قاسمو…
محمد شيخو سفير الأغنية القومية غادر و رحل بصمت …
رحيل محمد شيخو ..
حطّم جدار الخوف الأمني و كسر جدار التحزب و الميول الحزبية و خرجت قامشلو عن بكرة أبيها في عرس قومي كُردي مردداً من جامع قاسمو إلى مقبرة الهلالية….
العاشقين مرددين أغنية … نسرين
المسنيين مرددين موال … lê êmê
القوميين مرددين…. hebis û zindan …
ونحن كنا نردد …hemrîn û metîn
و في الختام ….
كان مسك و عنبر الغناء القومي..
Gave ez mirim …