بيشمركة روج.. والعين على تراب الوطن
عمر كوجري
في ثورات الكورد التي نشدت الحرية والخلاص من رجس محتلي كوردستان، وعلى وجه الخصوص الثورات الكوردستانية التحررية منذ المشاركة في إرساء دعائم جمهورية مهاباد في شرقي كوردستان وثورة ايلول بقيادة القائد الخالد الملا مصطفى بارزاني والى ثورة كولان التحررية التي كانت امتداداً لثورة أيلول، وما تبع ذلك من ثورات مستمرة حتى سقوط نظام الطاغية صدام حسين العام 2003 .
ودخل حزب العمال الكردستاني على الخط في أوائل ثمانينيات القرن الماضي، فكانت دماء الشباب الكوردي في غربي كوردستان الدفاقة منذ الطلقة الاولى وحتى الآن، ولم تبخل دماء هؤلاء الشباب في إرواء أرض كوردستانية خارج حدود الجغرافية الكردية التي رسمها الأقوياء في لحظة ” دولية” بالغة التعقيد وتشابك المصالح.
الشباب الكردي في هذه البقعة الصغيرة جغرافياً وفائقة الكبر كردياً وروحاً عابرة لحجم المكان في صغره لم يعترفوا يوماً بالخنادق التي نصبها وحفرها الآخرون، بل تجاوزوها، ليصلوا إلى مرافئ الوطن.. الحلم الجميل.. كوردستان العصية على الموت رغم ملايين الجراح الناكئة.
كانت أرض جنوبي كوردستان في ملحمة مواجهة الكوردستانيين لتنظيم داعش الارهابي العام 2014 المكان اللائق لترتوى بدماء شهداء الشباب الكردي من غربي كوردستان، فمنذ أن وطئت أقدام داعش السوداء أرض كوردستان الطاهرة، والبيشمركة الكوردستانية، ومعهم بيشمركة روج يسطّرون ملاحم وبطولات فذة لمقارعة الإرهاب، وقد زاد عدد شهداء بيشمركة روج عن الاثنين والخمسين شهيداً، وكذا العديد من الجرحى، والعديد ممن أصيبوا إصابات بليغة من إعاقة دائمة إلى إعاقات ببتر الأرجل أو الأيدي.
هؤلاء البيشمركة الابطال هم في بداية تشكلهم كانوا ممن توجّهوا صوب وطنهم جنوبي كوردستان، وقد قرروا ترك خدمة جيش النظام السوري حينما رأوا أن النظام لا يوجّه حراب البنادق نحو صدور الاعداء بل في صدور السوريين العزّل الذين كان يتجمهرون بشكل سلمي في ساحات الوطن سوريا، فقرروا عدم قتل أهلهم وذويهم، وآثروا سلك طريق الانشقاق عن الجيش رغم رعب الموقف.
تلقى هؤلاء الأبطال التدريبات المكثفة والمعلومات والخبرات العسكرية المعمقة لأجل مقاتلة أي معتد طامع في الارض الكوردستانية، والوجهة الأساسية والرئيسية كانت ومازالت نحو غربي كوردستان للدفاع عن ارضهم وعرضهم وكرامة بلدهم.
حتى الآن، ورغم جاهزيتهم لدخول وطنهم إلا أن سلطات أمر الواقع التابعة لحزب الاتحاد الديمقراطي لا تقبل بدخولهم تحت حجج واهية، منها أنه مرحب بأي قوة عسكرية كردية لدخول كوردستان سوريا ولكن بشرط الانضمام الكلي الى قيادات عسكرية تابعة لهذا الحزب، وأنه لا يجوز وجود قوتين عسكريتين في المكان عينه، مما يبعث عن مخاوف التصادم مستقبلاً، وهذا أبعد ما يكون عن أخلاقيات هؤلاء البيشمركة الذين نهلوا من معين الكوردايتي ونكران الذات والتحلي بكرم أخلاق السيد الرئيس مسعود البارزاني الذي كان له الدور الأبرز في تأسيس هذه القوة الكوردية.
ثمة من يحسب نفسه حاضرا في المشهد السياسي الكردي في غربي كوردستان ويزعم بهتاناً أنه لم يسمع حتى اللحظة بهذا التشكيل، رغم أن شهداء عديدين ارتقوا منهم، وهم أبناء منطقته!!
وثمة من يطوي صفحة الضمير والوجدان، فينعت هؤلاء الأبطال بالارتزاق، وأنه لا وجود فعلياً لهم!!
لهذا فأن سلطات هذه الإدارة التابعة لـ “ب ي د” تتخوف من اتساع شعبية بيشمركة روج حتى وهم متوشحون بالعلم الكوردستاني شهداء، فتخرج الآلاف من الجماهير الكردية لتعبر عن عظيم وفائها لدماء شهدائها لتقديم الوفاء والقاء التحية الأخيرة على أرواح من يستشهدون من هؤلاء الأبطال، وتعود اجسادهم لتوارى ثرى وطنها، فتقوم هذه السلطات بقطع الطرقات، ونصب الحواجز، وتفريق الجماهير المحتشدة على طول الطريق كي تتخفف المواكب المهيبة للشهداء، ومع ذلك تتحول المقابر الى تحشدات هائلة من المعزين.
اليوم، وفي ظل اشتداد التخوفات الاقليمية والدولية على أربعة اجزاء كوردستان، وبالتحديد منها غربي كوردستان، والاتفاقيات الدولية حول تشكيل منطقة آمنة في خطوط التماس مع أرض غربي كوردستان، بات من الضرورة أن تحتشد كل الطاقات لأجل إنقاذ ما من الضرورة أن ينقذ، وسيكون لبيشمركة روج الدور الحيوي في الاتفاقيات التي لها الطابع الدولي بالدخول الى الوطن غربي كوردستان، وبرعاية عواصم القرار العالمي، هذا الدخول هو لكسر الاحتكار بكل صنوفه، وفض البازارات المنفردة من سلطات الاستبداد المستحدثة من سنوات قليلة.