ميشيل كيلو: وقعت على بيان “مستقبل المنطقة الشرقية” رفضاً للمشروع الإقليمي
Yekiti Media
وقع المئات من الشخصيات السياسية السورية المعروفة وأخرى حقوقية وفكرية وإعلامية واجتماعية على بيان حذروا فيه من خطورة التفاهمات الجارية بين الأحزاب الكردية بدعوة من القائد العسكري في حزب العمال الكردستاني مظلوم عبدي وبرعاية أميركية أوروبية على مستقبل الجزيرة السورية.
وجاء في البيان، ” في وقت يبذل فيه الشعب السوري تضحيات جسام من أجل الوصول إلى دولة ديمقراطية تقوم على المواطنة السورية وحماية الحقوق ثمة من يجري تفاهمات منفردة على مستقبل سورية كتلك التي تجري بين المجلس الوطني الكردي وميليشيات حزب الاتحاد الديمقراطي، وأضاف البيان إلى ألأن أطراف التفاهمات المنفردة استقووا بالظروف الاستثنائية التي يمر بها المجتمع السوري، واستقووا بسلاح التحالف الدولي وتغطياته لإجراء مثل هذه التفاهمات التي يسعون إبقاء الإدارة الذاتية – المفروضة بالقوة على السوريين – كحالة أمر واقع، من أجل تطويرها إلى فيدرالية أو حكم ذاتي يهدد وحدة سورية. وعلى الاحتفاظ بالقوات العسكرية والأمنية الكردية لـ PYD – YPG مع إشراك – لم يحسم مقداره – لقوات بشمركة روج أفا، وعلى ضمان ذلك مع امتيازاتٍ أخرى في الدستور.
وقد أثار البيان من جهة أخرى حفيظة العديد من القوى الكردية بزعم أن الموقعين عليه استبقوا التوصل إلى اتفاق كردي كردي ( طبعاً في إطار حزبي ) متهمين الموقعين بالعنصرية والشوفينية، وينطبق على تلك القوى الكردية المثل الشائع : ” ضربني وبكى وسبقني واشتكى ” بحسب تعبير أحد المعلقين.
إذ تنظر كثير من القوى العربية إلى بعض شركائها من القوى الكردية بأنهم ركبوا الثورة منذ البدايات 2011، ثم ما لبثوا أن أداروا ظهورهم لها، وعقدوا تفاهمات مع نظام الأسد، الذي سلمهم أكثر من نصف محافظة الحسكة ببلداتها ومدنها، حيث مناطق تواجدهم، ومن ثم لبوا أول دعوة أميركية لهم للوقوف سوية لمحاربة عناصر “تنظيم الدولة”، وأن قوات سورية الديموقراطية ” قسد” التي تعمل تحت أمرة قيادات من ” قنديل ” تركيا، وتمددت على مساحات وجغرافيا لم يكن فيها أي وجود للكرد وعملت بعض الأحزاب الكردية بالتعاون مع PKK ” حزب العمال الكردستاني، على التغيير الديموغرافي وكرروا أساليب نظام الأسد نفسها على البلدات والقرى العربية.
الأستاذ ميشيل كيلو
وقد تواصل موقع ” سوريتنا ” مع المعارض السوري الأستاذ ميشيل كيلو أحد الموقعين على البيان، وطرحنا عليه السؤال “بحكم كونك أحد الموقعين على بيان موجه للرأي العام من شخصيات وتشكيلات سورية في المنطقة الشرقية بخصوص تفاهمات الأحزاب الكردية على مستقبل الجزيرة السورية، ما الذي دفع شخصية وطنية كميشيل كيلو للتوقيع على هكذا بيان، ما هي الهواجس التي كانت وراء ذلك…؟ وما هي المخاوف من هكذا تفاهمات حزبية كردية كردية؟
أجاب كيلو ” أنا شخصيا وقعت لأن من حق أي إنسان إبداء مخاوفه من نتائج أفعال سياسية تخصه، ولأنني قرأت مقالات تؤكد أن الخلاف له علاقة بمشروع إقليمي كردي يمثله طرف ومشروع قومي ديمقراطي ينضوي في الاطار الوطني السوري يمثله المجلس الوطني، وفهمت من بعض الكرد الديمقراطيين أن الطرف الإقليمي يرفض حل مؤسساته العسكرية والأمنية أو أخراجها من سورية، فوقّعت كي لا يمر المشروع الاقليمي، لأنه سيأخذنا إلى مشكلة لن تحل بغير العنف، الذي يكفينا ما ذقناه منه”.
السيد فؤاد عليكو
رأي المجلس الوطني الكردي
وعملاً بالشفافية وحرية الرأي والرأي الآخر المعتمدة في الموقع، أجرينا اتصالاً مع المعارض السوري الأستاذ فؤاد عليكو عضو المجلس الوطني الكردي للوقوف على رأيه فيما جاء بالبيان، ورده على الشخصيات الموقعة عليه، وتوضيحه للموقف مما جرى ويجرى على ساحة العمل الكردي السياسية حيث رأى أن البيان “اعتمد على معلومات مسربة بعيدة كل البعد عن الحقيقة، وأنه نابع من مخيلة البعض الذين لهم تصورات مسبقة عن القضية الكردية في سورية مستمدة من ثقافة البعث حول القضية والتي تضرب بجذروها (العنصرية) منذ أكثر من 60 عاما والتي تتلخص بأن المكون الكردي مكون “انفصالي” بطبيعته مهما أبدى الحامل السياسي لهذا المكون من المرونة والتقارب مع المكون العربي والمعارضة السورية” بحسب تعبيره.
وأهاب عليكو بمن وصفهم بالخيّرين من الموقعين على البيان والذين يتفهمون الجوهر الوطني والديمقراطي للقضية الكردية في سورية سحب تواقيعهم بانتظار نتائج هذا الحوار وبعدها يحق للجميع إبداء ملاحظاتهم كما يشاؤون وافساح المجال للحوار الهاديء والبناء” بحسب رأيه.
وكان عليكو قد صرح لموقع “عنب بلدي” قبل أيام،السبت 6 من حزيران، حول المفاوضات الكردية الكردية بالتالي إن “المجلس سيشارك في حوارات المرحلة الثانية”، ووصفها بأنها الأهم والأصعب لأنها سوف تتناول الملفات الأساسية في شرق الفرات. وحدد تلك الملفات بـ”الأمن والإدارة المشتركة والاقتصاد والمعابر والتعليم والجيش وعودة قوات البيشمركة التابعة للمجلس الوطني الكردي و الموجودة في إقليم كردستان العراق، وكذلك العلاقة مع حزب العمال الكردستاني، وكيفية مشاركة مكونات المنطقة في الإدارة“.
الدكتور عبد الحميد العواك
مفاوضات غير قانونية
موقع “سوريتنا” كان له وقفة أيضاً مع القاضي الدكتور عبد الحميد العواك المختص بالقانون الدستوري والاكاديمي في جامعة ماردين، كونه أيضاً من أحد الموقعين على البيان، وسألناه عن رأيه من الناحية القانونية حول أبعاد مثل هكذا تفاهمات وخطورتها على مستقبل المنطقة الشرقية والشمالية الشرقية (الجزيرة)خاصة وعلى سورية عامة، وقال العواك : “ الحوار من الناحية الشكلية يجمع بين نقيضين الأول المجلس الوطني الكردي وهو منضوٍ ضمن مؤسسات الثورة والثاني كان مع الصف الأخر، والأول سوري والأخر مشروع قادم من خارج الحدود وله ممارسات موثقة بمنظمات دولية واتهامات بانتهاك حقوق الإنسان، فلا يمكن وصف الحوار بالوطني ” .
وأضاف العواك ” من الناحية الموضوعية هذه المفاوضات تبحث في إدارة منطقة بين فصيلين، وتستبعد جميع القوى السياسية والمكونات الاجتماعية عن الحوار ولكنهما يعدان بتقديم نتائج الحوار للأخرين (كعقد إذعان) من أراد المشاركة معهم يوقع بما يحدد له مسبقاً، وإلا كيف تقرأ مفاوضات بين طرفين تستثني الأخرين منها لحين اتفاقهما؟“
ويبيّن العواك إن التفاوض بين الطرفين “ تطرق الى قضايا مصيرية وخطيرة تخص السوريين جميعاً وليس فقط أبناء منطقة الجزيرة والفرات (مثل شكل الدولة السورية)، فمن غير المعقول ولا المقبول البت بتلك القضايا بمعزل عن باقي السوريين منها، فلو كل منطقة أو جماعة سياسية قررت هي كيف يكون شكل الدولة وماهي علاقتها بباقي الأرض السورية؟ حينها سنكون أمام واقع كارثي يؤدي لوأد دولة اسمها سورية“.
السيد فؤاد عليكو
وفي عودة لتصرحيات عليكو لموقع “سوريتنا” بخصوص البيان أكد ” أن المجلس الوطني الكردي لا يلوم أصحاب هذا التصور ” العنصري” المسبق بقدر ما يلوم أولئك الأخوة الذين تعامل معهم عن قرب منذ بداية الثورة السورية وحتى اليوم واشتركوا معه في مؤسسات الثورة كالائتلاف وهيئة التفاوض واللجنة الدستورية وغيرها من كيانات المعارضة” ، وأضاف ” كان حريا بهم الاستفسار من زملائهم الكرد في هذه المؤسسات عن هذه المعلومات المسربة قبل الإقدام على توقيع بيان مبني على معلومات افتراضية غير حقيقية، لأن المجلس الوطني الكردي ينطلق منذ بداية التأسيس وحتى اليوم من مقولة (أن لا حوار بشكل منفرد مع النظام بعيدا عن المعارضة السورية) وأن افضل مكان للحوار مع نظام الأسد يجب أن يكون تحت الإشراف و الرعاية الدولية في جنيف وبما ينسجم مع القرارات الدولية المعنية بالملف السوري وخاصة القرارين 2118 و 2254 وانسجاما مع هذا الموقف يتم الآن الحوار مع ب ي د ولاشيء غير ذلك” بحسب تعبيره.
ووصف عليكو الواقع المفروض على منطقة شرق الفرات ” بأنه واقع أفزرته تطورات الازمة السورية، ولا يوجد أمام المعارضة خيار آخر حاليا إلا التعامل مع هذا الواقع غير الطبيعي بموضوعية، وذلك عبر تشكيل إدارة جديدة من كل أبناء هذه المنطقة دون استثناء أو تهميش أحد ريثما يتم التوصل إلى حل نهائي وجذري للأزمة السورية بشكل عام“.
وختم عضو المجلس الوطني الكردي تصريحاته لموقع “سوريتنا” بالقول : ” إن هذا يتطلب منا جميعا، آنيا وأولاً تنقية الأجواء بين الطرفين الكرديين المختلفين في الرؤى والتصور لسورية المستقبل ومن ثم البدء بتوسيع دائرة الحوار مع بقية المكونات في المنطقة من العرب والسريان والتركمان بغية تشكيل إدارة موحدة مؤقتة للمنطقة انتظارا للحل السياسي الشاملة سورية، وضمن هذه الرؤية الاستراتيجية ينطلق المجلس الوطني في حواره مع حزب الاتحاد الديمقراطي، ونحن على يقين فيما اذا ما تمخض هذا الحوار عن نتائج إيجابية فإن من شأن ذلك أن ينعكس إيجابيا على المعارضة السورية سواء في تقوية موقفها من المفاوضات مع نظام الأسد في جنيف أو في تحويل شرق الفرات إلى ملاذ آمن للمواطنين وساحة مستقرة للمعارضة السورية يسمح لها بحرية الحركة بشكل أفضل سياسيا“.
وبالعودة هنا أيضاً لرأي الدكتور العواك : أنني أرفض استثمار المجلس الوطني الكردي لما أسست له “قسد ” وحزب العمال الكردستاني في المنطقة، موضحاً أن “البناء على مكتسبات سلطة الأمر الواقع هو مكتسب غير شرعي وغير قانوني، ويجب أن يعلم جميع السوريين بإن جميع سلطات أمر الواقع بكافة أشكالها وتسمياتها هي مكتسبات غير قانونية وغير شرعية. وأن تلك السلطة الشرعية المنتخبة أمامها خياران:
الأول: “وهو الصحيح الخلاص من تلك المكتسبات واعتبارها غير شرعية من الناحية القانونية وإبطال جميع تصرفاتها وقرارتها، وبالتالي عدم البناء عليها. أما الثاني فهو الارتهان إلى تلك المكتسبات وتركها تقرر مصير سورية، وهذا خطير في بناء الدول. فلو كل فصيل تمسك بما كسبه خلال سنوات الثورة فنحن أمام حالة وأد للدولة السورية وهو مالا يقبل به الجميع” .
المصدر: سوريتنا