آراء نخبة من السوريين حول تداعيات قانون سيزر “قيصر”
Yekiti Media
قانون سيزر ( قيصر ) ، والذي وصفته الخارجية الأمريكية بأنه لحماية المدنيين في سوريا، يكيتي ميديا وجهت هذه الأسئلة لنخبة من السياسيين والمهتمين بالشأن السياسي السوري….
برأيكم لماذا جاء قانون سيزر في هذا التوقيت ؟ علماً هناك فظائع كثيرة ارتُكِبت من قبل النظام، ومنها استخدام الأسلحة الكيماوية 2013 .
وهل سيشكّل سيزر فعلاً ضغطاً على النظام لقبوله الرضوخ للقرارات الأممية ذات الصلة بالشأن السوري أم سيزيد من معاناة الشعب السوري وإطالة أمد الأزمة السورية؟
ناهيك عن تدهور قيمة الليرة السورية والوضع الاقتصادي الخانق ….بمعنى ما هو خيار الشعب السوري في ظلّ هذه اللوحة القاتمة والتراجيدية ؟
الدكتورة منال الفحام طبيبة ومتطوعة في العمل الإنساني : لايوجد أمام الشعب السوري مخرج إلا الالتفاف حول الوحدة الوطنية بشكل حقيقي .
لا أشكّ أبداً أنّ النظام العالمي و المجتمع الدولي يعلمون علم اليقين الطريقة التي يدير بها نظام الأسد مزرعته، و التي هي فوق كلّ قانونٍ و كلّ مساءلةٍ ، و أعتقد أنهم تعمّدوا الإبقاء و المساهمة في زرع نظامٍ كهذا بخيوطه و علاقاته المعقّدة مع الدول المحيطة بسوريا و مع الدول العظمى بمؤسساتها المختلفة ، كما تعمّدوا رسم الخارطة التي يسيطر عليها في جمبع الاتجاهات . أعتقد أنّ هذا النظامَ هو أحد أهمّ أدوات السيطرة على المنطقة، من خلال الاختلافات الدينية و العرقية ، إمّا عن طريق خلق هذه الخلافات أو تزويدها بالمزيد من الحطب، لكي تشتعل نيرانها أكثر فيمسك بيده العديد من الخيوط المتشابكة التي تعيق أيّ حلٍّ . و ربّما يبدو هذا شرحاً بسيطاً سريعاً لواقع الحال .
اذا نظرنا إلى خريطة سايكس بيكو، يمكننا فهم الدور المناط بهذه العائلة ، إنها لا تحترم أيّ امتدادٍ جغرافي أو اقليمي على كامل الحدود في كلّ الاتجاهات …
بالعودة إلى قانون سيزر فإنني أثمّن و بشدّةٍ ما قام به سيزر ( كشخصٍ ومجموعة عمل موسّعة ) بإخراج دليلٍ على ما يتمّ في المعتقلات السورية منذ الثمانينات ، و الكلّ يعلم أنّ هناك ناجون من المعتقلات تحدّثوا بأنفسهم .
ولا أعتقد أنّ قانون قيصر كافٍ أو أنه سيغيّر كثيراً في تطبيقاته الحالية المعلنة، أعتقد أنه لن يكون لسوريا مصير أفضل إلّا عندما تفهم كلّ دول المنطقة، وتتحرّك باتجاه التعاون والبناء والتنسيق لمصلحة الشعوب و بالتالي مصلحتها في التحوّل من التبعية إلى الإرادة الحرة و القيادة .
هذا وضعٌ لايمكن أن ينتصر فيه أحدٌ لا على صعيد داخل سوريا ولا في الدول المحيطة بها. بشكله الحالي قادر على الضغط على نظام الاسد لأنه غير موجّهٍ ضدّ الشخصيات الهامة فيه و لا ضدّ الدول التي تساعده و تدعمه بشكلٍ حقيقي ، بل يترك الباب مفتوحاً أمام هذا النظام لكي يكمل تلاعبه بالشعب السوري الخائف و المضغوط و المشتت داخلياً و خارجياً عملياً و اجتماعياً و نفسياً .
التوقيت ، لا أحبّ أن أُسأل سؤال لماذا هذا التوقيت؟ ، لأنّ الوقت كان سانحاً و موجوداً دائماً ، و لأنّ الوضع السوري في تدهورٍ مستمرٍّ و علاقات الدول ببعضها و إمساكها بمقدرات سوريا بشكلٍ تنافسي في تبادل المنفعة بعيداً عن ايّ اعتبارٍ انساني مستمرٍّ .
الرئيس ترامب ربّما أراد أن يكسب بعض التقاط الإيجابيه فيما فشل فيه أوباما، أو أنه تعمّد تجميده … و هم الآن يصرّحون أنه لن يتمّ أيّ تعديلٍ أو إجراءٍ مفيد الّا ما بعد الانتخابات ، يربطون تفعيل هذا القانون إذاً بنجاح انتخاب ترامب !
وهل سيشكّّل سيزر فعلاً ضغطاً على النظام لقبوله الرضوخ للقرارات الأممية ذات الصلة بالشأن السوري أم سيزيد من معاناة الشعب السوري وإطالة أمد الأزمة السورية؟
أعتقد أنني أجبت عن هذا السؤال جزئياً، ناهيك عن تدهور قيمة الليرة السورية والوضع الاقتصادي الخانق ….بمعنى ماهو خيار الشعب السوري في ظلّّ هذه اللوحة القاتمة والتراجيدية ؟
لا يوجد أمام الشعب السوري مخرج الّا الالتفاف حول الوحده الوطنية بشكلٍ حقيقي ، و لو أنّ هذا بدأ حلماً حقيقياً قريباً في بداية الثورة و ما يزال يبتعد ، و لكن بعيداً عن الدول التي تتلاعب في الموضوع السوري و تضع الشعب السوري في آخر حساباتها ، و رغم علمي بتشتّت المعارضة انْ صحّت تسميتها بفريق المعارضة ، و بأنّ الشعب السوري يمرّ بضغوطاتٍ عالية جداً لا تسمح أبداً بظهور ايّ عناصر إيجابية اجتماعية أو إنسانية ( هذا أمر طبيعي بنظري )
إلّا إنّ المخرج الوحيد هو وحده الهدف العام ، التخلّص من نظامٍ ما يزال سارقاً للوطن و التحوّل التدريجي إلى المجتمع الحرّ العادل … عدم الاختلاف على وقائع و تفاصيل داخليه .
موضوع الوحده الوطنية التي تجمع كلّ الطيف الاجتماعي حول هدف المصلحة العامة .. بهذه الطريقة التي نحن عليها سوف نستمرّ بالاختلاف و الاقتتال على أوهام و سلطة ورقية ، و نستمرّ بتهديم بعضنا حتى لا ينتصر أحد و لا ينتصر أحد …
و لا أعتقد أنّ قانون قيصر كافٍ أو أنه سيغيّر كثيراً في تطبيقاته الحالية المعلنة ، أعتقد أنه لن يكون لسوريا مصير أفضل إلّا عندما تفهم كلّ دول المنطقة و تتحرّك باتجاه التعاون و البناء و التنسيق لمصلحة الشعوب، هذا وضع لا يمكن أن ينتصر فيه أحد لا على الصعيد داخل سوريا و لا في الدول المحيطه بها.
المهندس مصطفى عنتابلي مهتم بالشأن السوري العام: أعتقد أن توقيته جاء منسجما” مع حالة الانهاك التي أصابت النظام وداعميه .
للدقّة.. ولتبرير طول الجواب النسبي.. يجب الإقرار بأنّ سؤال الاستطلاع يتفرّع لثلاثة أسئلة على الاقلّ: – أولها: لماذا جاء قانون سيزر في هذا التوقيت بعد الكثير من الحوادث التي سبقته وكانت أجدر بصدوره أو صدور مثيل له؟..
– وثانيها: هل سيجبر سيزر النظام على القبول بالقرارات الأممية أم سيزيد من أمد الأزمة ويطيل معاناة الشعب السوري؟..
– وثالثها: ما الذي أمام السوريين ليفعلوه في ظلّ القانون المترافق مع الحصار والتدهور الخانقين؟
1-القانون في صورته النهائية هو خلاصة لمسوّدات مشاريع قوانين تنقّلت في دهاليز الكونغرس لمدة تزيد عن خمس سنواتٍ .. منذ أثارت الصور المسرّبة الضجّة والجدل والمطالبة بالتحقيق.. بعد أن تمّ عرضها في الأمم المتحدة ومتحف ذكرى الهولوكوست بالولايات المتحدة.. أما التأخير في الإجراءات والتصديق ثمْ توقيع الرئيس عليه ليصبح نافذاً.. فقد فُسّر رسمياً على أنه كان خاضعاً للروتين المعتاد كي يحصل على موافقة المجلسين (النواب والشيوخ).. وما يعنيه ذلك من تجاذباتٍ سياسية بين الحزبين الرئيسيين في البلاد.. وما يتخلّل ذلك من عطلاتٍ وتعطيل.. اما بالنسبة لمراقبٍ غير حيادي مثلي.. فأنا أعتقد انّ توقيته جاء منسجماً مع حالة الإنهاك التي أصابت النظام وداعميه.. فالولايات المتحدة وإسرائيل ذات الصوت المسموع أمريكياً تتريّثان منذ بدء الأزمة السورية.. تحقيقاً لسياسة الكسب بأقلّ الخسائر وأقلّ التكاليف.. وإعطاء الموقف من المرحلة الأخيرة من الحرب الشبيهة بالإبادة طابعاً إنسانياً.
2-رغم أنّ المادة 402 من القانون والتي تنصّ بنودها السبعة على الشروط الواجب العمل وفقها لتعليق العقوبات تبدو وكأنها تفتح باباً لنجاة النظام في حالة التزامه بها.. فهي تنصّ فعلياً على إعدامه لنفسه فيما لو بدأ بتنفيذها..
لذا فالجواب المنطقي على هذا السؤال سيكون باستمرار رفض النظام للقرارات الأممية .. سواءً زاد ذلك في معاناة الشعب أم لا؟ .. بل إنه سيجد في إيراد مطالب جديدة في القانون مثل الالتزام بقواعد حسن الجوار واحترام الحدود.. ألغاماً تبرّر له الرفض متشبّثاً بمواقفه المكرورة من صمودٍ وممانعة وتصدٍّ .
3-أما معاناة الشعب السوري المتوقّعة.. فلا ريبَ أنّ ورود نسبة الـ 83% للمواطنين السوريين الذين يقعون تحت خطّ الفقر وفي تقريرٍ عالمي وقبل نفاذ القانون بأشهر.. هذه النسبة غير المسبوقة ستغفر الكثير من الآثار الكارثية لانهيار الليرة السورية عشية تطبيق القانون.. الليرة التي انهارت بسبب الفساد وتوقّف التصدير والدمار الذي لحق بالاقتصاد بدءاً بقطاع النفط وليس انتهاءً بخروج مناطق شرق الفرات وشمال سوريا الزراعية عن سيطرة النظام.. مروراً بالأزمة التي تتصاعد وتيرتها في لبنان.. الرئة المالية التي كانت قطاعات كبيرة من المستثمرين السوريين يستفيدون منها.
ما سيفعله المواطن لن يتعدّى كثيراً استخدام مخزونه من الصبر والأمل .. ربّما يستعين ببعض المساعدات الأممية التي سيصعب وصولها أكثر فأكثر.. وربّما يزداد الاعتماد على الحوالات المالية للسوريين في الخارج.. رغم أنّ النظام يستولي على حصّةٍ معتبَرة منها.. بقوانين التحويل و الصرافة الجائرة.
كلمة أخيرة.. عندما قال المسيح : أعطوا ما لقيصر لقيصر، وما لله لله.. كانت صورة قيصر يومها مطبوعةً على الدينار.
والذي سكّ قانون قيصر اليوم لازال هو الظالم نفسه.. إنّما لازال هناك بارقة أملٍ بأنّ السوريين الذين حملوا صليبهم لأكثر من نصف قرنٍ .. لن يُعلّقوا عليه في نهاية الدرب.
وليد حاج عبدالقادر كاتب وروائي: تهيئة الظروف بالضغط الممنهج والقاسي على النظام ودفعه.للالتزام بقرارات الأمم المتحدة .
كان من المتوقع بعد أن فشل القيصر في دفع أوروبا لتبنّي وثائقه ومن ثمّ ذهابه إلى أمريكا ، كان متوقّعا أنّ أمريكا ستقتنص الفرصة المناسبة لمصالحها وأهدافها في سوريا، ولتشهر ورقتها ، ويبدو بأنّ الظروف في سوريا قد قاربت التصوّرات الأمريكية من حيث القضاء على داعش، وبالتالي مرحلة الاستحقاقات أمريكياً ، وللحدّ من إمكانيات حالات التصادم مع روسيا ، لا بل وحتى تقييد حركتها أيضاً من الجانب الاقتصادي في بعديه التجاري أو العمراني وإعادة تأهيل كلّ شيءٍ هذه العوامل من جهة ، ومن جهةٍ أخرى وبالمقاربة مع الأوضاع الميدانية وبالتداخل مع تقلّص الدور الإيراني في كلّ المجالات وتطويقاً لها ومن ثمّ تهيئة الظروف بالضغط الممنهج والقاسي على النظام ودفعه للالتزام بقرارات الأمم المتحدة والالتزام بمقرّراته في الانتقال إلى الحلول السياسية . أما هل سيشكّل ذلك ضغطاً فعلاً على النظام فبالتأكيد ستشكّل ضغطاً كبيراً، وقد يؤدّي إلى تحوّلاتٍ بنيوية داخل مَن تبقّى ضمن سيطرة النظام والصامتين وتدفعهم إلى حراكٍ جماهيري وببرامج متدرّجة ستتطوّر مع الأيام إلى مطالب مؤكّدة وفعلية برحيل النظام ،
وفي الواقع انّ الوضع الاقتصادي في سوريا لم تكن بحاجةٍ حتى إلى سيزر لينهار الوضع المعيشي وخروج عملتها عن السيطرة وكذلك استبدالها في عدة مناطق بالدولار أو غيرها سوى إنّ انهيار الليرة انعكست وبشكلٍ سلبي فظيع على الحياة المعيشية ولينحدر مستوى المعيشة إلى حدودها الدنيا ، كلّ هذه العوامل بتصوّري ستؤدّي إلى زيادة حدّة التوتّر البينية والتي يفترض بها أن تودّي بينياً إلى زيادةٍ في الضغوطات على النظام والعودة إلى ذلك الشعار أيام المظاهرات السلمية وجملة : ارحل ..
عبد الإله عوجي نائب سكرتير حزب يكيتي الكُردستاني- سوريا: التجربة أثبتت أن كل قوانين العقوبات تنعكس أولا” ، بقسوة على المواطن البسيط
إنها سياسة إدارة ترامب بخصوص سوريا. وذلك بتطبيق ضغط هادئ ومتواصل يُحوّل انتصار الأسد إلى رماد، ويُفقده قيمته تمامًاً عن طريق سلسلةٍ من الإجراءات التي تهدف إلى منع عودة الحياة الطبيعية إلى سوريا التي يسيطر عليها النظام .
انّ نقطة ضعف معسكر النظام وحلفائه هي ندرة الموارد الاقتصادية. ونقطة الضعف هذه يتمّ استغلالها الآن، بأقلّ تكلفةٍ على الولايات المتحدة، ومن دون الالتزامات العسكرية الكبيرة التي يفضّل كل من الرئيس والجمهور تجنّبها. الهدف هو تحويل سوريا إلى مستنقعٍ للأسد وحلفائه.
الهدف المباشر لسياسة إدارة ترامب بخصوص سوريا هو ضمان قبول النظام بوقف إطلاق نارٍ غير محدود على الصعيد الوطني. وسيؤدّي ذلك إلى تجميد خطوط المعركة الحالية في مكانها، والسماح ببدء المفاوضات حول المستقبل السياسي للبلاد. الانتخابات الحرة ورحيل الأسد هما ما تأمل الولايات المتحدة أن يتبعا ذلك، مع احتفاظ واشنطن بالقدرة على زيادة الضغط الاقتصادي أو تخفيف حدّته، تبعاً لمدى تعاون الأسد وروسيا. وفي غياب مثل هذا التعاون؛ سيستمرّ الوضع الراهن المتوتّر في سوريا .
إنّ انهيار الاقتصاد الذي تجسّد بانهيار قيمة الليرة السورية كان قبل التلويح بقانون قيصر ، وقانون قيصر سيأتي ليكمل هذا الانهيار وسيؤدّي إلى الندرة المتزايدة للسلع الأساسية للمدنيين السوريين، وانهيار ٍ متزايد للعملة السورية وسيكون لهذا القانون انعكاس كبير على النظام ولكنّ التجربة أثبتت أنّ كلّ قوانين العقوبات تنعكس أولاً، بقسوةٍ ، على المواطن البسيط .
.انّ الحاجة الملحّة إلى إعادة الإعمار وغياب الأموال ميزةً ضدّ نظام الأسد، كانت الولايات المتحدة تعمل على خلقها بجدٍّ مع الاتحاد الأوروبي على جبهةٍ موحّدة للمطالبة بأن لا تُقدّّم أموالاً لإعادة الإعمار في سوريا، ما دام النظام يرفض عملية “انتقال سياسي شامل وحقيقي، تتفاوض عليه الأطراف السورية في الصراع، على أساس قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2254”.
على الرغم من أنّ الحرب القائمة في سوريا ربما تكون قد انتهت إلى حدٍّ بعيد، فإنّ الولايات المتحدة ضمنت بقاء قضاياها الأساسية من دون حلٍّ . والذي يتميّز بالصراع المتجمّد واستمرار الفقر والانقسام الفوضوي القائم بحكم الأمر الواقع في البلاد. سيبقى هذا المستقبل العملي الوحيد للبلاد، حتى يكون الأسد وحلفاؤه على استعدادٍ أخيراً للتفاوض على الشروط التي يرغب خصومهم في تطبيقها.