أربعة خطوط حمراء حددها حجاب للعملية التفاوضية حول الملف السوري
يكيتي ميديا – Yekiti media
تتحدث مصادر مطلعة على اللقاء الأخير الذي جمع المبعوث الأممي إلى سورية “ستافان دي ميستورا”، وأعضاء “الهيئة الهليا للمفاوضات، أن المبعوث واجه وفداً متماسكاً بدا التوافق واضحاً عليه، وتشير المصادر لـ”السورية نت” إلى أن المنسق العام للهيئة، رياض حجاب، أصر في لقائه الأخير مع “دي ميستورا” على التمسك بالمبادئ التي يطالب بها الشعب السوري وأنه لامجال للمساومة عليها.
وحجاب حدد في حديثه للمبعوث 4 خطوط حمراء لا يمكن التنازل عنها في أية عملية تفاوضية مع نظام الأسد، على رأسها، إقامة نظام تعددي يمثل كافة أطياف الشعب السوري، دون أن يكون لبشار الأسد وأركان ورموز نظامه مكان فيه أو في أية ترتيبات سياسية قادمة، والتمسك بوحدة الأراضي السورية، والحفاظ على مؤسسات الدولة مع إعادة هيكلة وتشكيل مؤسساتها الأمنية والعسكرية، ورفض الإرهاب بكافة أشكاله.
وأبدت الهيئة حرصها لدفع العملية السياسية، إذ أكد حجاب أن الهيئة حددت وفد المعارضة بناء على معايير دقيقة وأسس من الأهلية والكفاءة،مشيراً إلى ضرورة توفير المناخ اللازم لإنجاح المفاوضات عبر التزام كافة الأطراف بما ورد في المادتين (12) و(13) من قرار مجلس الأمن (2254) قبل الشروع في ترتيبات العملية السياسية، وخاصة فيما يتعلق بفك الحصار عن المدن والمناطق المحاصرة، حيث يعيش المدنيون بشكل خاص في مضايا، والزبداني، ومعضمية الشام، وداريا، والغوطة الشرقية، وحي الوعر، أوضاعاً صعبة.
وشدد حجاب على ضرورة تمكين الوكالات الإنسانية من توصيل المساعدات لجميع من هم في حاجة إليها، والإفراج عن جميع المعتقلين، ووقف عمليات القصف الجوي والمدفعي والهجمات ضد المدنيين والأهداف المدنية، وأن تتقيد جميع الأطراف فوراً بالتزاماتها بموجب القانون الدولي، بما في ذلك القانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان، وغيرها من إجراءات بناء الثقة التي لا يمكن الذهاب للمفاوضات دون تحقيقها.
وأكد حجاب كامل تأييده لجهود المبعوث الأممي بالعمل على تنفيذ ما ورد في بيان جنيف 2012 وقرار مجلس الأمن الدولي 2118 بإطلاق عملية سياسية تفضي إلى إنشاء هيئة حكم انتقالي كامل الصلاحيات التنفيذية، مبدياً كامل استعداده للتعاون مع المبعوث الأممي في اتخاذ ما يلزم لإطلاق العملية السياسية وضمان نجاحها، مشيراً إلى ضرورة الالتزام بالقنوات الرسمية للاتصال مباشرة مع المنسق العام للهيئة العليا للمفاوضات.
ولدى الحديث عن إمكانية استحداث مسارات مختلفة في العملية التفاوضية؛ أشار حجاب إلى أنه من الأولى للمجتمع الدولي أن يعمل على استحداث مسارات رديفة للتفاوض مع الجهات الخارجية غير الخاضعة للعملية السياسية في البلاد، مؤكداً أن النظام لا يسيطر في الوقت الحالي على أكثر من 20 بالمائة من البلاد، وأن معظم عمليات القتال والقصف الجوي تتم من قبل دول خارجية وميلشيات أجنبية ومجموعات من المرتزقة، وهي غير خاضعة للنظام من الناحية السياسية أو العسكرية.
ولفت حجاب إلى ضرورة فتح المجتمع الدولي من فتح قنوات للتفاوض مع من يملك القرار الحقيقي لوقف القتال وضمان الالتزام به وفق قرارات دولية ملزمة، وقال: “هذا مسار تفاوضي مهم لا بد من إنجازه قبل الشروع في التفاوض مع النظام، إذ إنه من غير المنطقي أن نتفاوض مع النظام على وقف القتال في حين تستمر آلة القتل الخارجية في عملياتها غير عابئة بهذه المفاوضات، وقد أعلنت في عدة مناسبات عدم اعترافها بشرعية الوفد المفاوض للمعارضة حتى قبل تشكيله.”.
أما فيما يتعلق بالمسار الإنساني كوقف قصف المناطق الآهلة بالسكان وعودة اللاجئين وفك الحصار عن المناطق المنكوبة وإيصال المساعدات للمتضررين، وتوفير ملاذات آمنة للشعب السوري، أبلغ حجاب “دي ميستورا” بأن التفاوض فيها ينبغي أن يكون مع جهات أخرى غير النظام الذي لا يملك السيطرة على المعابر الحدودية وطرق المواصلات، مع ضرورة إشراك دول الجوار التي يقيم فيها نحو خمسة ملايين لاجئ سوري في التوصل إلى نتائج حقيقية في هذا المسار الإنساني.
وذكّر حجاب محدثه أن مسار محاربة الإرهاب هو خارج سيطرة النظام بالكامل حيث تقوم قوى التحالف بهذه العملية، وتعمل قوى مناوئة للثورة على استهداف الفصائل المعتدلة تحت ذريعة الإرهاب، حيث يجب إطلاق مسار دولي خارج طاولة الحوار الداخلي بين النظام والمعارضة لتوحيد الجهود الدولية في محاربة تنظيم “الدولة الإسلامية” وعدم الوقوع في فخ التصنيف قبل التعريف.
ونوه حجاب إلى أن بعض الدول تصر على استنزاف الدبلوماسية الدولية وإضاعة الوقت باشتراط إصدار قائمة إرهاب موحدة بين دول تملك رؤى مختلفة في تعريف الإرهاب، معتبراً ذلك بمثابة جهد عدمي يهدف إلى عرقلة المسار السياسي.
وأضاف حجاب أن مسار مكافحة الإرهاب سيتطلب العمل على إخراج آلاف المقاتلين الأجانب سواء منهم المنضوين في “تنظيم الدولة” أو في التشكيلات الطائفية ومجموعات المرتزقة من شتى الجنسيات، وهذه مسألة حاسمة لا يملك النظام السيطرة عليها لأن هذه القوات تأتمر بجهات خارجية ويجب التفاوض مع هذه الجهات وإلزامها بإخراج هذه القوات وفق قرار من مجلس الأمن، ومن ثم استحداث آلية إشراف دولية تضمن الالتزام بوقف القتال وخروج هذه القوات، ولا شك في أن التفاوض مع النظام في أمر لا يملكه سيجعل العملية التفاوضية فاقدة للمصداقية ويعرضها للفشل الذريع.
ولدى الحديث عن دور المجتمع الدولي أكد حجاب “أن تعقد الأزمة ودخول العديد من الأطراف الخارجية فيها؛ يضعنا أمام استحقاقات لا يمكن تجاهلها أو ترحيلها وفق قرار أممي يهدف للتوصل إلى توافقات دولية على حساب الشعب السوري؛ إذ إن قرار مجلس الأمن 2254، قد ترك ثغرات خطيرة يتعين المبادرة إلى سدها لضمان إطلاق عملية سياسية ناجعة في سورية”، حسب قوله.
وأردف: “من غير المناسب إصدار بند ينص على وقف الهجمات ضد المدنيين والأهداف المدنية واستهدف المرافق الطبية والعاملين فيها ووقف الاستخدام لعشوائي للأسلحة بما في ذلك القصف المدفعي والجوي، ومن ثم تقوم قوة دولية موقعة على القرار في اليوم التالي باستهداف المناطق الآهلة بالسكان واستخدام القذائف العنقودية وقتل المدنيين وقادة الفصائل المعتدلة التي كان يعتمد عليها في ضمان سير العملية التفاوضية ومحاربة تنظيم داعش (في إشارة لروسيا)، مما أفرغ القرار الدولي من مضمونه وجعل مفهوم بناء الثقة أمراً بعيد المنال، خاصة وأن القرار لم يحدد أي موعد زمني لتنفيذ وقف إطلاق النار”.
وبالإضافة إلى هذه الثغرة الخطيرة؛ فإن رهن وقف إطلاق النار ببدء الخطوات الأولى نحو الانتقال السياسي يعني أنه بإمكان جميع القوى -المحلية والخارجية- الاستمرار في القتال والقصف الجوي واستهداف المدنيين طوال المرحلة التفاوضية التي يمكن أن تمتد لنحو ستة أشهر.
وفي هذا السياق وجه حجاب للمبعوث أسئلة عدة أهمها “فهل فات المجتمع الدولي إدراك ضرورة وقف القتال وإيصال المساعدات للمتضررين وحماية المدنيين كشرط أساسي للبدء في التفاوض؟ “. وهل يمكن تصور مسيرة سياسية تمارس فيها بعض الأطراف عملية القتل بالأسلحة المحرمة والغازات السامة وهي تفاوض في الوقت ذاته على تسوية سياسية وتتحدث عن الشعب السوري في تقرير مصير رئيسه؟”.
وأكد حجاب أن وضع آلية لإشراف الأمم المتحدة على وقف إطلاق النار هو أمر أساسي لضمان سير العملية التفاوضية، خاصة وأن أغلب الجهات المنخرطة في القتال تتبع لدول خارجية ولا بد من إلزامها بقرار دولي وإشراف دولي، وليس وفق ترتيبات داخلية تقوم على حسن النوايا، ولا شك في أن الإخلال بهذا البند سيجعل البنود المتعلقة بالجانب الإنساني لقرار 2254 لا قيمة لها، إذ إن عملية وقف إطلاق النار والإشراف على الالتزام بها يجب أن لا تخضع لقرار طرف مفاوض بل يجب أن تتم تحت إشراف ضامن دولي خاصة وأن القتال لا يقتصر على المجموعات التابعة للنظام والمعارضة.
وأضاف حجاب أن هناك ثغرات أخرى تجعل قرار مجلس الأمن 2254، قاصراً عن تحقيق الهدف المأمول منه منها: محاولة دمج أجهزة القمع ضمن مؤسسات الحكم، وهو أمر من شأنه أن يهدم العملية السياسية برمتها، مذكراً بضرورة اضطلاع المجتمع الدولي بدوره في سد هذه الثغرات وكبح جماح العدوان الخارجي على الشعب السوري حتى تتحقق الأهداف الإنسانية النبيلة للقرار وتتمكن الأطراف الداخلية من التفاوض في مناخ من المصداقية وحسن الثقة.