إدمان “شم الشعلة” يزداد انتشاراً بين أطفال سوريين.. الشرطة تكتفي بإعادتهم للشوارع
تزداد ظاهرة إدمان “شم الغراء” (الشعلة) بين أطفال سوريين، باتت رؤيتهم وهم يمسكون بعبواب بلاستيكية مليئة بمادة “الشعلة”، متكررة بكثرة في عدد من مناطق من العاصمة دمشق.
وعلى مرأى من المارة، وأمام شرطة المرور، ينتشر “شم الشعلة” بين الأطفال، في ظل غياب كامل لجهود حكومة النظام السوري في وضع حد لها.
والغراء أو كما يعرف في سوريا بـ”الشعلة” مادة كيميائية سامة تنتمى لمجموعة المذيبات العضوية الطيارة وتُستخدم في عمليات اللصق، وبحسب “موسوعة الإدمان” فإن إدمان الغراء “سلوك شديد الخطورة على الصحة الجسدية والنفسية للإنسان ويتمثل في الرغبة الشديدة في شم الغراء إلى حد الإدمان”.
ويتم اللجوء إلى شم “الشعلة” في البداية بسبب الاستمتاع برائحته، ثم مع الإدمان عليه يصبح بديلاً عن تعاطي الحبوب والمهدئات الصعبية، لا سيما وأن سعر مادة “الشعلة” ليس بالمرتفع كثيراً.
ذكرت وسائل إعلام تابعة للنظام أن هذه الظاهرة في ازدياد، وأوردت جريدة “الأيام” الموالية للنظام قصصاً لأطفال فقدوا الحماية الاجتماعية وتشتت عائلاتهم، وباتوا يلجأون إلى “شم الشعلة” حتى باتوا مدمنين عليها.
ومن بين هؤلاء الطفل أحمد (12 عاماً)، يمسك بيده كيساً بداخله مادة “الشعلة”، يشمها بهدوء ويقع على الأرض دون أن يكترث له أحد. وبحسب الجريدة فإن هذه الحادثة وقعت أمام شرطي مرور لكنه لم ظل متفرجاً على جسد الطفل المرمي على الرصيف.
وبرر الشرطي موقفه بالقول إن “الموضوع بات يتكرر بشكل يومي”، مشيراً أن كل ما تفعله دوريات قسم الشرطة سلب أموال هؤلاء الأطفال ورميهم في الشارع من جديد.
داخل مراكز للأطفال
وتزداد خطورة هذه الظاهرة مع عدم انتشارها في الشوارع والحدائق فحسب، بل مع إدخالها إلى مراكز تعنى بحقوق الأطفال ورعايتهم.
ويستغل تجار حروب وأزمات الوضعين الاجتماعي والاقتصادي السيئين للأطفال، ويستخدمونهم في الترويج لهذه المادة وبيعها، كما حصل مع أحد الأطفال ويبلغ من العمر 16 عاماً، والذي يُعد الآن واحداً من مهربي “الشعلة” إلى بقية الأطفال.
وقالت الجريدة المؤيدة للنظام إنه يُهرّب المادة بعبوات إلى داخل مركز الإيواء التابع لجمعية حقوق الطفل في منطقة قدسيا، ويبيعها بسعر أعلى لبقية الأطفال المتواجدين لكي يتعاطوها داخل أسرّتهم بعيداً عن أعين المشرفين عليهم.
وعلى الرغم من تنصل أحد المدراء بالمركز من انتشار الشعلة بين الأطفال، إلا أنه أكد في الوقت ذاته أن عدد الأطفال المدمنين على “الشعلة” في المركز وصل إلى 22 طفلاً من أصل 50 في مركز الذكور، وحالة واحدة في مركز الإناث، قائلاً إنه “يتم تأهيلهم نفسياً وفق نشاطات معينة فقط”، دون وجود كادر طبي متخصص.
تنصل من المسؤولية
ووفقاً للجريدة فإن جهات حكومية داخل نظام الأسد تتقاذف ملف الإدمان الخطير للإطفال على شم مادة “الشعلة”، مشيرةً أن وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل أوكلت مهمة الحديث عن الظاهرة إلى معهدي “إصلاح الأحداث، والتربية الاجتماعية” اللذين أكد كلا مديريهما أن لا علاقة لهم بهذه الحالات أيضا.
أما وزارة الداخلية فلم تعتبر الموضوع ظاهرة أساساً، وكان ردها أنها لا تستطيع جمع هؤلاء الأطفال ولا حتى محاسبة وإغلاق المحال والأكشاك المعروفة في منطقة جسر الرئيس والمرجة ومكتبة في منطقة أبو رمانة، تتاجر بصحة الأطفال وتبيعهم الشعلة بسعر أعلى من سعرها الحقيقي استغلالاً لإدمانهم.
وبررت الوزارة ذلك بقولها إن المادة مشرعة قانونياً ولا يوجد رادع يمنعهم من بيعها حتى “أخلاقياً”.
أضرار كبيرة
ويؤدي الإدمان على شم “الشعلة” إلى أضرار كثيرة ومباشرة على صحة الإنسان، فهذه المادة كغيرها من المواد الكيميائية الطيارة السامة، تسبب تدميراً سريعاً وقد يكون شاملاً للجهاز العصبي للإنسان، حيث أن تلك المواد فور شمها تنتقل بسرعة كبيرة للغاية إلى مخ الإنسان مسببة تدميراً مباشرا لخلايا المخ.
وبالإضافة إلى ذلك، فإن إدمان شم الغراء يتسبب مباشرة بالإصابة بالتهابات خطيرة في الجلد، كما يحلق أضراراً في كامل الجهاز التنفسي للإنسان.
alsouria