احتمالات سياسة بايدن في سوريا
رضوان زيادة
بسبب الحملة الانتخابية الرئاسية الاستثنائية عام 2020 مع انتشار وباء كورونا وازدياد عدد حالات الوفيات إلى أن وصل بحدود ربع مليون حالة وفاة في الولايات المتحدة إلى اليوم، بسبب كل ذلك لم يتح للمرشح الديمقراطي جو بايدن أن يقوم بشرح سياسته الخارجية خلال الحملة الانتخابية بل لم يوجه له أي سؤال يتعلق بذلك طوال حملته الانتخابية بعد قبول الترشيح الرسمي من الحزب الديمقراطي، وبدا الأمر ذاته بالنسبة للرئيس ترامب وإن كان أشار في أكثر من مرة خلال التجمعات الانتخابية التي عقدها بما يعتبرها إنجازاته في الشرق الأوسط مثل القضاء على تنظيم الدولة وزعيمها أبو بكر البغدادي، ومثل نقل السفارة الأميركية إلى القدس واعتراف إسرائيل بضم الجولان وهي الأراضي التي احتلتها إسرائيل عام 1967.
لكن، ترامب لم يكن يأتي على ذكر سوريا إلا بوصفها “رمالا وأمواتا”، وهو بالتالي لا يجد أية مصلحة استراتيجية لبقاء القوات الأميركية هناك ولذلك هو طالب بسحب قواته من هناك لكنّ ضغوطا من وزارة الدفاع البنتاغون دفعته لإبقاء عدد صغير من القوات هناك لا يتجاوز الخمسمائة بهدف ” الحفاظ على آبار النفط هناك” كما ردد ترامب أكثر من مرة.
بالمقابل لم يبد المرشح بايدن أي تصريح علني لإلزام نفسه فيما يتعلق بسوريا، الآن ومع فوز بايدن بسباق البيت الأبيض يبقى السؤال كيف سيتعامل الرئيس بايدن مع الأزمة السورية على ضوء غياب أية تصريحات رسمية من قبله فيما يتعلق بالسياسة الخارجية؟
ترامب لم يكن يأتي على ذكر سوريا إلا بوصفها “رمالا وأمواتا”، وهو بالتالي لا يجد أية مصلحة استراتيجية لبقاء القوات الأميركية هناك ولذلك هو طالب بسحب قواته
تقريبا ينقسم الرأي هناك إلى فريقين: الأول يرى أن سياسة بايدن في سوريا ستكرر سياسة أوباما من قبله ويستشهدون على ذلك بعدد المسؤولين الذين خدموا في إدارة أوباما وكانوا مسؤولين على سياسته في الشرق الأوسط وهم الآن يشكلون جزءا كبيرا من فريقه الاستشاري في حملته الانتخابية وفي فريق سياسته الخارجية وعلى رأسهم بيرت ماغورك وأنتوني بلينكن وستيفن سايمون وكلهم تقريبا يتخذون رؤية أقرب للانعزالية والانسحاب من ملف الشرق الأوسط عموما وسوريا بشكل خاص مع الاستمرار في إسقاط طائرات الدرون من السماء بهدف القضاء على الإرهابيين، فيجب على الولايات المتحدة عدم استمرار جهودها السياسية أو العسكرية في شرق أوسط فاشل منقسم طائفيا كما ذكر أوباما في مذكراته المنشورة حديثا “أرض موعودة”.
الفريق الثاني يرى أنه لا يجب الحكم على بايدن بوصفه نسخة كاملة عن الرئيس أوباما، صحيح أنه كان نائب الرئيس أوباما لفترة ثمان سنوات من وجود أوباما في البيت الأبيض، لكن القرار الأخير كان بيد أوباما خاصة فيما يتعلق بتحريك وتعداد القوات الأميركية في المنطقة ولذلك يجب أن لا يحسب أي قرار اتخذه الرئيس أوباما أن الرئيس المنتخب بايدن سيكرره تلقائيا خاصة فيما يتعلق بالمفاوضات على البرنامج النووي الإيراني ووضعه كأفضلية على حساب الملف السوري، إذ كرر أكثر من مسؤول أميركي خدم خلال فترة الرئيس أوباما أن الإدارة الديمقراطية السابقة ارتكبت كثيرا من الأخطاء فيما يتعلق بسوريا وربما تتاح فرصة أخرى لإدارة بايدن من أجل تصحيح هذه الأخطاء، ولذلك يبنون توقعات إيجابية فيما يتعلق بسياسة بايدن القادمة في سوريا.
يتوقع السوريون من الرئيس القادم أن يقوم بسياسة أكثر تدخلية فيما يتعلق بسوريا، تدخل “غربي” يوازي التدخل الروسي، فهناك توقعات كبيرة بالنسبة للسوريين بأن يجعل بايدن سياسته في سوريا كأولوية بالنسبة لإدارته في الشرق الأوسط بما يساعد في إيجاد حل سياسي يقوم على انتقال السلطة من نظام بشار الأسد الدكتاتوري إلى حكم أكثر تعددية واحتراما لحقوق الإنسان بما يضمن عودة اللاجئين السوريين الطوعية والآمنة إلى سوريا.