أخبار - كُردستانشريط آخر الأخبار

استطلاع.. الصعوبات التي تواجه عملية الحوار الكردي ومدى جدية أمريكا

Yekiti Media
منذ مدةٍ انطلقت جولة من الحوارات بين المجلس الوطني الكُردي وحزب الاتحاد الديمقراطي ، ولاحقاً ما يسمّى ب ( أحزاب الوحدة الوطنية الكُردية ) وذلك برعايةٍ أمريكية وقائد قسد ، وبالرغم من دعم الشارع الكُردي لهذه الحوارات إيماناً منه بأنّ وحدة الموقف الكُردي قد تجنّب بقية المناطق الكُردية مصير عفرين وكري سبي و سري كانييه ، إلا أنّ وتيرة التقدم لازالت بطيئة.
يكيتي ميديا أجرت استطلاعاً مع نخبة من السياسيين والكتاب بالسؤال التالي: برأيكم ماهي الصعوبات التي تواجه عملية الحوار ؟ وهل الراعي الأمريكي جادٌّ ويمارس الضغط الكافي لإنجاز هذا الحوار ؟

بهيه مارديني- كاتبة وصحفية

تمكّّن المجلس الوطني الكُردي وأحزاب الوحدة الوطنية الكُردية وبشقّ الأنفس وبعد أن حبسنا الأنفاس و بعد جلساتٍ طويلة من الحوار من تحقيق تقدم بسيط ما ثم عادت المراوحة في المكان .
صُنفت الجلسات بأنها المرحلة الأولى من التفاوض، و من التوصل إلى “رؤية مشتركة” ملزمة للطرفين، قد تنهي سنوات من التناحر بينهما، وتؤسس لتشكيل مرجعيةٍ سياسية، مستفيدة من دعمٍ أمريكي وأوروبي واسع .
توسّمنا خيراً كثيراً في طيّ صفحاتٍ وبداية صفحة ثوابت مشتركة تؤسس لمستقبلٍ جديد إلا أن حالة بطيئة إن لم يكن هالات من الجمود سادت الفترة الأخيرة بعد أن أشارت المرحلة الأولى من الحوارات إلى ضرورة العودة لاتفاقية “دهوك” وتفعيلها، و يجري الحديث في الوسط الكُردي عن إمكانية أن تعود الاتفاقية للعب دورها في أن تكون مرجعية سياسية جامعة للأحزاب الكُردية وفِي الواقع وبكلّ شفافيةٍ لا أتوقّع جديداً إلا بعد أن تكثّّف الوفود الرسمية الغربية والأمريكية جهودها الدبلوماسية والعمل من جديد في محاولة لتقريب وجهات النظر بين الأحزاب الكُردية السورية، وإنهاء حالة القطيعة بين الأطراف المتخاصمة، لا سيما حزب “الاتحاد الديمقراطي” (PYD) وأحزاب “المجلس الوطني الكُردي ” هذه هي السمة العامة وبكلّ صراحةٍ هذا العمل السياسي المهم يجب أن تشجّعه الدول الراعية وخاصةً أمريكا ولكني لا أجد ولا أرجّح بالأحرى في المدى المنظور أي جديدٍ أو أي تغيير الا بعد الانتخابات الأمريكية ولن نجد حسب رأيي إلا فيض من تصريحات براقة .
الأمور إن أردناها أن تتّجه الى الافضل يجب تنازل الطرفين والتذكر أننا سوريين أكراد أولاً و أخيراً للالتقاء في نقطةٍ ما عند القضايا العالقة ما خفي منها وما علم وتوحيد المواقف الدولية و الإقليمية والداخلية .وتذكر أن علينا واجبات تجاه الشعب السوري والكُردي الذي يتوقّع منا أن نكون جميعاً على حجم المسؤولية.
إسماعيل رشيد- عضو اللجنة السياسية في حزب يكيتي الكردستاني- سوريا
لنكُن صريحين وبصورةٍ شفافة، هذه الحوارات تجري بين طرفين مختلفين في التعامل والتعاطي مع الخصوصية الكُردية ومؤثّراتها ، فالمجلس الوطني الكُردي يملك رؤية وهدف يستندان على الاعتراف الدستوري بحقوق الشعب الكُردي عبر التفاعل والإنخراط مع المعارضة السورية السلمية وصولاً إلى رؤيةٍ شاملة لسوريا المستقبل ، بينما حزب ب ي د ومسمياتها ( أحزاب الوحدة الوطنية الكُردية ) تنطلق من مشروع الأمة الديمقراطية ولاتعير أيّ اهتمامٍٍ للمسألة القومية الكُردية ، ومن هنا تأتي هذه الحوارات وإنجاز الرؤية السياسية بعد تراكمٍ كبير من الخلافات نتيجة ممارسات هذه الإدارة والهوة العميقة التي جسدتها إدارة ب ي د عبر سلسلةٍ من السياسات الأحادية الجانب والتي تركت آثاراً سلبية على مناطقنا ودفعنا الثمن غالياً..
المجلس الوطني يشارك في هذه الحوارات بقناعةٍ ومسؤولية انطلاقاً من المصلحة الكُردية وعدم تفويت الفرصة أمام شعبنا لينال حقوقه القومية المشروعة من خلال انخراطه الجاد في العملية السياسية التي ترعاها الأمم المتحدة.
كانت هناك مقدّمات ( متفق عليها ) مع الراعي الأمريكي وقائد قسد قبل الخوض في الحوار المباشر وبموافقة طرفي الحوار كإجراءات بناء الثقة تمهيداً لخلق البيئة المناسبة للحوار وأبرزها قضية المعتقلين لدى ب ي د وبكلّ أسفٍ لم يتمّ حسم هذا الملف الأخلاقي والإنساني قبل أن يكون سياسياً وبات ملفاً هامشيا وغير مؤثّر في العملية التفاوضية .
مسألة التعليم في غاية الأهمية وبرأيي تأتي في صدارة الملفات العالقة ، فهذه تستهدف الشريحة الأهم وبذلك سينشأ جيش أمّي عاطل في المجتمع الكُردي وبالتالي خلق جيل بعيد عن المعرفة والثقافة باستثناء ثقافة السلاح والتمرد .
مسألة تدخّل حزب العمال الكُردستاني بمفاصل حياة شعبنا في كُردستان سوريا لم تتوقّف ، فالعلاقة الكُردستانية هي حالة طبيعية عندما تكون مبنية على التبادل و احترام خصوصية الآخر ، أما الوصاية على كُردستان سوريا وخلق الذرائع لتكون مناطقنا ساحة تصفية حسابات وفق أجندات لاتمتُّ للقضية الكُردية بصلةٍ فهذه كارثة ، ومن هنا فإنّ حزب ب ي د أمام تحدٍّ حقيقي لإثبات مصداقيته وحرصه على الحوار من خلال فكّ الارتباط مع حزب العمال الكُردستاني ، عندها سيكون الحوار كُردياً سورياً وستُزال عقبة رئيسية أمام الحوارات وبالتالي تسهيل مهمة طرفي الحوار ، وبدونها سيكون حواراً هشّاً واللعب على عامل الوقت ، ومن هنا العملية برمّتها متوقّفة على الجانب الأمريكي ، فأمريكا تدّعي بأنها تساند وتدعم الحوار وهذه نقطة إيجابية لدولةٍ عظمى تضع نفسها كراعٍ للحوارات ، وينبغي عليها أن تبذل حهودها وتحسم جميع الملفات الخلافية وأن يكون هناك سقف زمني لكلّ ملفٍّ، وأن لايُترك مفتوحاً لأجلٍ غير مسمّى..
هناك ملفِّ آخر حيوي ومفصلي هو العقد الاجتماعي الذي وضعه حزب ب ي د وعلى مقاسه ، ومايتمّ تداوله في المفاوضات يندرج ضمن عملية التعديلات على وثائق حزب ب ي د وإدارتهم الذاتية ، وأعتقد هذا يتناقض مع مسار العملية التفاوضية والشراكة الحقيقية ، ومن هنا يظهر دور الراعي وجدّيته ، والذي يفترض تشكيل لجانٍ تخصّصية مشتركة لجميع الملفات وإنجازها ( العقدالاجتماعي..شكل الإدارة..التعليم..العسكري..الخ ) بعيداً عن التوصيفات السابقة ولربّما الاستفادة منها لا أكثر .
يبقى الحوار هو سمة العصر وحاجة ملحّة لقضيتنا و السبيل الأنجع لحسم جميع القضايا الخلافية ، على أسس ومرتكزات ثوابت قضية شعبنا الكُردي والقضية السورية عامةً ، فالمشهد يوحي بأنّ القضايا المفصلية لاتزال تراوح مكانها ويتمّ التطرّق لها بحذرٍ ، والراعي الأمريكي يتعامل بدبلوماسيةٍ تفاوضية ، وجدّيته مرهونة بالهدف الذي يسعى إليه من هذه الحوارات .
عبد الباسط سيدا- باحث وسياسي
قبل أن نبدأ بالإجابة لا بدّ من تسجيل عدة ملاحظاتٍ هنا :
الأولى: كيف يمكن لمظلوم عبدي أن يكون. راعياً للحوارات، أو بتعيرٍ أدقّ للمفاوضات، وهو جزء من منظومة الPKK في نهاية المطاف، والجميع يعرف ذلك؟
هل هو في طريقه إلى التحرر من قرارات المنظومة المعنية؟ أم أنّ الموضوع برمّته يدخل في إطار تبادل الأدوار؟
أعتقد أنه كان من الأفضل أن يكون جزءاً من الحوارات ممثلاً للمنظومة المعنية، فربما كان سيساهم من موقع رغبته الإيجابية في تسهيل المفاوضات.
الثانية: مجموعة أحزاب الوحدة الوطنية هي في نهاية المطاف الأحزاب التابعة لقيادة حزب الاتحاد الديمقراطي ال ب. ي. د.؛ وبعضها وجوده مجهري. هذا في حين أنّ أحزاباً أخرى كبيرة لها تاريخ ضمن الحركة الكُردية ، بغضّ النظر إذا كنا نوافق على سياساتها أو لا نوافق هي خارج المفاوضات. هذه مسألة تستوقف، وتصبّ لصالح ب ي د. أي “حزب العمال الكُردستاني ” في نهاية المطاف.
الثالثة: ما نسمعه حتى الآن يتناول الجوانب الشكلية العامة، ولا يتمحور حول المفصلي الأساسي . ما وظيفة هذه المرجعية؟ هل ستقتصر على ايجاد فتوى لتمرير ب ي د إلى المفاوضات الدستورية والعملية السياسية السورية المعطلة أصلاً ؟ أم ستشمل المشاركة الفعلية في الإدارة على كلّ المستويات، ومعالجة القضايا التي دفعت بالكثير من الكُرد نحو الهجرة، ويُشار هنا إلى التجنيد الإجباري وملف التعليم، والوضع المعيشي البالغ الصعوبة الذي لم يعد يُطاق، وقضايا الفساد التي باتت حديث الناس؟
بناءً على هذه الملاحظات، نعتقد أنّ الصعوبة الأساسية تتمثّل في عدم القدرة على الفصل التنظيمي، العسكري، الأمني، المالي بين ال ب. ي. د. و ال ب. ك. ك. ؛ فمن دون هذا الفصل يبقى ال ب. ك. ك.، بأجنداته الإقليمية، الحاضر الغائب المؤثّر الفعلي في المفاوضات.
الواقعية السياسية ربما تلزمنا هنا بتفهم استمرارية صيغة من العلاقة التفاهمية بين الطرفين( ب. ي. د. و ب. ك. ك.) ولكن العلاقة القائمة حالياً هي علاقة عضوية، القيادة بموجبها هي ل ب. ك. ك. كما يعلم الجميع. وما نراه هو أنه من الصعب الوصول إلى صيغةٍ من التفاهم المطلوب ما لم تحلّ هذه الإشكالية التي لها نتائجها على الواقع الكُردي السوري والسوري العام، وحتى على المستوى الإقليمي. وأية مرجعيةٍ تُبنى من دون حلّ هذا الموضوع ستبقى عرجاء، هشة، وسيكون مصيرها مصير الصيغ التي كانت سابقاً.
أما بالنسبة إلى الجدّية الأمريكية فذلك متوقف على الخطة الأمريكية الخاصة بترتيب الأوضاع في منطقة الشرق الأوسط، وفي العراق تحديداً. ما نراه هو أنّ موضوع شرقي الفرات، و ضمناً الموضوع الكُردي ، ودور ب. ي.د عبارة عن ورقة ضغط تستخدمها الإدارة الأمريكية في سياق مباحثاتها مع الأطراف الدولية والإقليمية المعنية بالملفين السوري والعراق، ويُشار هنا بصورةٍ أساسية إلى كلٍّ من روسيا وتركيا وإيران.
اللوحة معقّدة. في ظلّ التوتّرات العديدة التي تشهدها المنطقة. ولكنّ الجميع يبقى في انتظار نتائج الانتخابات الأمريكية ، وتبلور ملامح الاستراتيجية الأمريكيّة الخاصة بالمنطقة في المرحلة المقبلة .
وفي سياق الاستعداد للاستحقاقات القادمة، يظلّ التفاهم الكُردي – الكُردي ، الذي يطالب به الكُرد وينتظرونه بفارغ الصبر، خطوة ضرورية لابدّ منها. ولكن حتى يتمّ التوصل إلى مثل هذا التفاهم هناك جملة من الشروط والمقدمات التي ينبغي أن تؤخذ بعين الاعتبار ، وقد إشرنا إلى أهمّها ضمن الملاحظات التي سجّلناها على ما يجري .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى