
الإيزيديون جسر للتفاهم بين الأطراف الكُردية كونهم يشكّلون البعد الروحاني للقومية الكُردية
Yekiti Media
مع سقوط نظام بشار الأسد نهاية العام الماضي، يسعى أبناء الديانة الإيزيدية الكُـردية لتثبيت الاعتراف الدستوري بهم.
يكيتي ميديا حاورت الكُـردي الإيزيدي علي شلال وهو ناشط إيزيدي ويقيم في ألمانيا، حول حقوق الإيزيديين وضمان الاعتراف بهم في سوريا الجديدة، ليبدأ حديثه بتقديم الشكر لموقع يكيتي ميديا على طرح بعض الأسئلة على المثقفين الإيزيديين لفهم رأيهم حول الوضع الراهن في سوريا الجديدة.
علـي شلال وفي معرض حديثه لفت إلى أنه لا يستطيع تقييم الوضع الديني الحالي في سوريا بمقارنته بالنظام القومي العروبي السابق، وزاد: لأننا حتى هذه اللحظة لم نرَ أي إنجاز أو دليل على تحسن البلاد، بل بالعكس، القوانين الدينية المقدّسة التي تفرضها السلطة الجديدة تمنع السوريين حتى من الاعتراض عليها قانونياً.
وحول الدستور السوري الجديد وضمانة الاعتراف رسمياً بالإيزيديين؟ وما الصيغة التي يفضّلونها؟ يقول شلال: نعم، نعتقد أنّ الاعتراف الدستوري بالإيزيديين واجب وطني، فهم جزء رئيسي من الإرث الحضاري والتاريخي لهذه البلاد، تماماً كما هو الحال بالنسبة للسريان، والدروز، والعلويين، والآشوريين، والمسيحيين، والإسماعيليين، وغيرهم.
وبخصوص التحديات التي تواجه الإيزيديين في سوريا، أشار إلى أنّ التحديات واضحة جداً، فوجود دولة قائمة على الشريعة الدينية يشكّل أكبر عقبة لنا ولجميع الأعراق الأصيلة في سوريا، وأضاف: إن لم يتمّ إعلان سوريا كدولة مواطنة تحفظ حقوق جميع مواطنيها، وتضمن الفصل بين الدين والدولة، فإنّ المستقبل سيكون مجهولًا. كما أنّ نظام “الكوتا” قد يكون ضماناً لمشاركتنا في اتخاذ القرارات.
وبشأن المطلوب لتعزيز الوجود الإيزيدي في المشهد السياسي السوري؟ سرد شلال قائلاً: يجب تعزيز وجودنا في المشهد السياسي السوري دون أن نكون تابعين لأي جهة. علينا أن نكون رقماً فاعلاً وشريكاً لإخوتنا الكُرد في إطار قوميتنا الكُردية، مع التحالف أيضاً مع الآشوريين، والعلمانيين، والدروز، والعلويين، والمسيحيين، وغيرهم. فنحن جميعاً في سفينة واحدة، ومصيرنا مشترك. إن لم نتحد، فإنّ سوريا ستغرق في بحر التشدد الديني، وهو ما لا يتمنّاه الشعب السوري.
أما الموقف من المفاوضات مع الإدارة الجديدة في دمشق، قال: في رأيي، أي مفاوضات مع دمشق يجب أن تمرّ عبر قامشلو، وأن نكون جسراً للتفاهم بين الأطراف الكُردية المختلفة، كون الإيزيديين يشكّلون البعد الروحاني للقومية الكُردية. لذلك، أرى أنه من الخطأ أن يتفاوض الإيزيديون مع دمشق بشكل مستقل، بل يجب أن يتمّ ذلك ضمن إطار التفاوض مع شركائنا الكُرد، بشرط أن يحترموا خصوصيتنا ويدافعوا عن حقوقنا الدينية، باعتبار الديانة الإيزيدية جزءاً من العقيدة القومية الكُردية، التي توارثناها عن آبائنا وأجدادنا.
وبخصوص الوضع الأمني للإيزيديين في سوريا، أشار علي شلال إلى أنّ الوضع الأمني للإيزيديين في عفرين مقلق جدًا، بينما في مناطق الإدارة الذاتية، فإنّ الوضع مستقر للغاية.
وحول نظرة المجتمع السوري إلى الإيزيديين، يرى شلال أنّ المجتمع السوري بطبيعته واعٍ ومسالم، وبفضل الإعلام الحر، بات هناك وعي متزايد حول العقيدة الإيزيدية وشعبها. لكن إذا استمرّ الحكم الديني في البلاد، فقد يتغيّر هذا الوعي سلباً لهذا، يحتاج السوريون إلى دولة مدنية، تتيح لهم البحث والمعرفة بعيداً عن الأيديولوجيات الدينية، لفهم خصوصية جميع الأديان في الحديقة السورية الجميلة.
وبشأن منظمات الإيزيديين في تعزيز الحوار والتعايش بين المكونات المختلفة ، يؤكّد علي شلال على ضرورة أن يكون دورها أساسياً في المطالبة بسوريا للجميع، وتعزيز المواطنة دون تمييز بين الفئات. لكن، بالرغم من أهمية هذا الدور، أعتقد أنّ مشكلة التعايش تكمن في بعض المكونات نفسها، حيث لا يزال هناك خلل داخلي في قبول الآخر.
وعن الرسالة لصنّاع القرار “الجدد” في سوريا من قبل الإيزيديين، طالب علي شلال بأن تكون سوريا لجميع السوريين، ويتمتّع الجميع بحقوق وواجبات متساوية، مع فصل الدين والقومية عن الدولة. لا يمكن أن تكون هناك دولة قائمة على سيطرة الأكثرية، تمنح الأقليات حقوقاً كمنحة، فهذا لا يضمن حقوقنا الدينية في الحاضر أو المستقبل.
وقال: إما أن تكون سوريا دولة للجميع، تكفل حقوق الجميع، ويحكمها أصحاب الكفاءات دون تمييز، على أساس اللون أو العرق أو الدين، أو أن يكون التقسيم هو الحل الوحيد. لا نريد أن نطالب بحقوقنا ، وكأننا نترجّى أحداً، فنحن أبناء هذه الأرض، وسوريا تنطق بحقيقتنا. حقوقنا الدينية والقومية ليست منحة، بل هي واجب وطني يجب الاعتراف به.
ويختتم شلال حديثه حول مستقبل سوريا ومدى تفاؤله، بالقول: التفاؤل والأمل دائماً موجودان، لكننا لسنا متفائلين بالوقت الراهن. لدينا قلق كبير من عدم استقرار المنطقة، بسبب التدخلات السياسية، والصراعات القومية والدينية المحتملة. وكما هو الحال دائماً، فإنّ الأقليات تكون الضحية الأولى في هذه الصراعات، وما حدث في شنكال عام 2014 لا يزال حاضراً في ذاكرتنا. ورغم كل ذلك، نفضّل البقاء على أرض أجدادنا بكرامة، مع الاحترام المتبادل بين الإنسان وأخيه الإنسان.