آراء

الائتلاف فقد شعبيته ويلفظ سكرات موته ولن ينفع إحياؤه مجدداً

عبدالعزيز مشو
كان التفكير في المستقبل أحد أهم الهواجس التي شغلت فكر وبال المواطن السوري منذ البدايات وظل تفكيره يرصد الحوادث التي تدور من حوله فعمل دائماً على الاستفادة منها لصالح الأفضل ليمحوا الآثار السلبية السابقة التي طغت لفترات طويلة ومتواصلة لممارسة جميع السلطات السابقة التي تعاقبت على حكم سوريا لكافة أشكال القمع والتفرقة وغيرها من الممارسات التي أدت لإشعال الثورة في سوريا التي أدخلت البلاد بموجبها بفوضى عارمة وأفقدت البلاد عموماً رونق الأمان المتوافر قبل الثورة . لكن خلال تأسيس الائتلاف السوري المعارض والذي تأسس في العام 2012 من عدة تنظيمات ومكونات سياسية وشخصيات مستقلة عربية وكردية وآشورية سريانية وتركمان وشيوخ عشائر إضافة للمجالس المحلية والتنسيقيات و شخصيات حكومية سابقة متقاعدة أو مبعدة عن مهامها منهم وزراء ومستشارون سابقون عملوا في عهد الرئيسين الأسد الأب والابن لينضموا للائتلاف الجديد وتقلّدوا مراكز مهمة فيه , ونال الائتلاف اعترافاً دوليا ليصبح ممثلاً عن الشعب السوري في المحافل الدولية وتلقى دعماً دولياً مؤثراً من الولايات المتحدة وفرنسا ودول الخليج العربي ودول أخرى منها تركيا المستفيدة من احتضانها لأعضاء الائتلاف من خلال تحكمها بمعظم القرارات التي تصدر وهو ما قلل من فرص نجاح مباحثات جنيف خصوصاً مع النظام وأدّى للفشل السريع دون أن يتمكن الجانبان من الجلوس على طاولة واحدة ومناقشة وإنهاء الحالة المأسوية التي تمر بها سوريا مما أدى لانسحابه من جنيف وعدم العودة للتفاوض إلا بشروط مع استمرار القتال بين الجيش النظامي وفصائل الجيش الحر أو فصائل المعارضة مع بعضها والتي أستفاد منها النظام السوري وقواته بعد تغير المعادلة بالدخول المباشر للقوات الروسية التي استطاعت نقل السيطرة للقوات النظامية في أكثر من منطقة ومدينة مهمة كحمص ودرعا ومؤخراً حلب التي شهدت هزيمة واضحة للفصائل التي تعمل تحت إمرته فكانت النتائج وخيمة جداً على الائتلاف نفسه الذي استرجع دفاتره القديمة من صراعات ونزاعات على مناصب وهمية سواءٍ بداخل أطر الائتلاف ومكاتبه أو على كراسٍ وهمية بداخل الحكومة المنبثقة عنه التي لم نرَ منها سوى الوعود الكاذبة وعدم تمكنها من تقديم أي دعم مادي ومعنوي للشعب أو للقوات التي تناصره باستثناء بعض الهبات التي كانت تمرر بها أجندات دولية مختلفة ليشهد الائتلاف نزاعاً حقيقياً بين أكثر من هيئة بداخله وصراعاً محتدماً على مبالغ مالية مع تفشي ظاهرة الفساد والرشوة وطمس حقوق بعض المكونات وهي مماّ عجلّ بانشقاق بعض الفصائل والتنظيمات الأساسية والشخصيات الرئيسية منه لقناعتهم بعدم جدية الائتلاف وبقائه ظلاً بأيدي الآخرين تمرر من خلاله أجنداتها بالمنطقة وقت الحاجة وغاية هذه الدول واضحة بالرغم من تضارب مصالحها مع مصالح غيرها دون أن تلتفت لمصالح الشعب السوري . وما محاولة إحيائه مجدداً من خلال عودته لطاولة المفاوضات مرة أخرى إلاّ ضرباً من الخيال لأنه غير مخول أصلاً باتخاذ القرارات إنما ينتظر الإملاءات التي تأتيه من الخارج سواءً الولايات المتحدة أو دول الخليج العربي وتركيا والذين يفضلون التريث وبقاء الاوُضاع الحالية في سوريا لأكثر وقت ريثما يتم الاتفاق بين الدول العظمى بالشأن السوري وتقاسم الكعكة مع مراعاة مصالح الدول الإقليمية عندها يأمر بالائتلاف بالجلوس على الطاولة والتوقيع على تلك الاتفاقيات المعدة مسبقاً . فمتى سيتيقن الائتلاف وغيره من فصائل المعارضة بأن اجندات تمرر من خلالهم وهم ضحايا مؤامرة دولية تجري بحق الشعب السوري غايتها تنفيذ أجنداتها سواءٍ عبر المعارضة أو النظام ومن يدفع الضريبة الشعب .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى