أخبار - سوريا

«الاستفتاء» الكردي… المشكلة ليست عربية!

صالح القلاب

التهديد الذي أطلقته إيران، قبل يومين، وحذرت فيه القيادة الكردية في أربيل من إجراء “الاستفتاء” الذي وعدت به، تصويتاً على استقلال شمالي العراق، يدل، لا بل يؤكد أن مشكلة الأكراد، عموماً، وأكراد كردستان العراق، بصفة خاصة، ليست مع العرب، إنْ في سورية أو في بلاد الرافدين، ولكنها مع الإيرانيين أولاً وبالدرجة الأولى، ثم مع تركيا السابقة واللاحقة، وربما أيضاً المستقبلية.

إن إيران، التي تتكون من “فسيفساء” قومية ودينية ومذهبية لا يشكل فيها الفرس الأكثرية، أخشى ما تخشاه وأكثر ما تخافه هو أن تنتقل عدوى “الاستفتاء”، المزمع إجراؤه في كردستان العراق كخطوة نحو الاستقلال، إلى من تعتبرهم أكرادها… وبخاصة أن هؤلاء قد استأنفوا الثورة المسلحة في الآونة الأخيرة، وبخاصة أيضاً أنهم كانوا جربوا طعم حق تقرير المصير عندما أقاموا “جمهورية مهاباد” في عام 1946 التي، للأسف، لم تعشْ ولم تصمد إلا لفترة قصيرة لا تتجاوز الأحد عشر شهراً، إذ أسقطتها اللعبة الدولية في ذلك الحين بين الاتحاد السوفياتي والولايات المتحدة الأميركية.

إنه لا شك في أن من حق أكراد كردستان العراق أن يقولوا رأيهم من خلال الاستفتاء المزمع إجراؤه، في مستقبلهم وعلاقاتهم مع الدولة المركزية في بغداد، وحتى أن يقيموا دولتهم الوطنية في هذا الإقليم، لكن لا بد من مراعاة الظروف المتقلبة التي تمر بها هذه المنطقة، إذ إن إيران تحتل عملياً دولتين عربيتين هما العراق وسورية، ثم لا بد أيضاً من التفاهم المسبق مع أشقائهم العرب العراقيين، سنة وشيعة، بالنسبة للمناطق “المتنازع” عليها، إذْ إن فرض الأمر الواقع وفقاً لموازين قوى غير مستقرة وغير دائمة لا بد من أن تكون نتائجه مدمرة ووخيمة!

والسؤال هنا هو: هل الظروف الإقليمية والدولية ملائمة للذهاب بالتحدي إلى آخر مدىً، وإجراء هذا الاستفتاء وليحصل ما يحصل، و”ليخسأ الخاسئون”، كما كان يردد صدام حسين دائماً وأبداً، عندما كان في ذروة عنفوانه، وقبل أن يرتكب ذلك الخطأ القاتل الذي وصل إلى أبعد من مستوى الجريمة بغزوه لدولة مجاورة شقيقة هي الكويت وإعلانها إحدى المحافظات العراقية؟!

ثم إنه لا شك في أنَّ قيادة إقليم كردستان العراقية، الممثلة بالرئيس مسعود بارزاني، تعرف أكثر كثيراً من كل المعنيين بهذه المسألة أن الإيرانيين، الذين يسيطرون عسكرياً على العراق وسورية، يعتبرون أي استفتاء للأكراد في أي من الدول التي يوجدون فيها مقتلاً فعلياً وانهياراً حتمياً لدولتهم “الفسيفسائية”، ولذلك فإنهم لن يسكتوا عن هذه الخطوة الاستفتائية، إن هي تمت بالفعل، وبخاصة أن لهم وجوداً فعلياً في السليمانية، إنْ بصورة مباشرة أو من خلال حزب جلال الطالباني والمجموعات المتحالفة معه، وهذا ينطبق عليه بيت الشعر العربي القائل:

وسوى الروم خلف ظهرك روم

فعلى أي جانبيك تميل

جميع المقالات المنشورة تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي يكيتي ميديا

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى