البوصلة الدولية والحرب على ’’ داعش’’
محمد رمضان
لابد في البداية أن نطرح عدة أسئلة على مركز القرار الدولي في حربها المعلنة ضد ما يسمى بتنظيم الدولة الإسلامية ’’ داعش ’’ وهي: من هم الأمراء؟ من أين تستمد هذه التقنيات العالية بما فيه المهنية العالية حتى الفيديوهات التي تضاهي هوليود؟ بل من العقل المدبر لتنظيم الدولة من حيث هيكلة الاقتصاد وممارسة التجارة الدولية التي ينبغي أن تسمى بالتجارة السوداء تبعاً لأعراف القانون الدولي وتبعاته؟ وما هي الأهداف التي يتبناها تنظيم الدولة تحت راية الإسلام في المقام الأول؟ وهل هذه الأهداف لا تتعارض مع مصالح القوى العالمية العظمى والناشئة مثلا ؟؟ومن أين يحصل تنظيم الدولة على تمويل في المال والرجال والعتاد في حروبها المفتوحة منذ ما يقارب الثلاث السنوات في سوريا والعراق؟ ومع الأسئلة الكثيرة التي تحتاج إلى أجوبة والتوقف عندها، نذكر أن ظهور تنظيم الدولة نتيجة طبيعية من تطور الفكر البعث في سوريا والعراق وأجهزته الأمنية في القمع أي الفكر تنويري يعارض أراء السلطة في البلدين على مر السنوات الماضية في نتاج آلة إرهاب الدولة. ظهر تنظيم الدولة على شكل خلايا نائمة ضمن صفوف الفصائل الإسلامية التي كانت تدعي محاربة نظام الأسد في عدة مناطق لاسيما في بلدة ’’جرابلس ’’ شمالي سوريا، وفي محافظة الرقة شمال الشرقي البلاد وكذلك في الموصل ثاني أكبر المدن العراقية بعد العاصمة ’’بغداد ’’ ومناطق متفرقة أخرى من العراق مثل الفلوجه وغيرها،وبالتالي أن أمراء تنظيم الدولة هم نفسهم من رجال وأزلام مخابرات نظام الأسد وضباط وأقطاب من نظام العراقي السابق على سبيل الذكر عزت دوري هو الرجل الثاني أثناء فترة حكم رئيس العراقي السابق صدام حسين حيث شغل مركز نائب رئيس مجلس قيادة الثورة. ومن المؤكد أنه زادت شراسة تنظيم الدولة بعد بسطه سيطرته على الموصل العراقية مما أصبحت الحدود مفتوحة مع “ولاية الرقة” كما يسميها التنظيم و الاستلاء على ترسانة الجيش العراقي بموجب تفاهمات مع نوري المالكي رئيس مجلس الوزراء العراقي السابق،وبعدما هاجم تنظيم الدولة على الفرقة 17 و الواء 93 المدرعات في بلدة عين عيسى ومطار الطبقة العسكري في محافظة الرقة واستولى على أسلحة وذخائر من نظام الأسد بإشارة خضراء ترك مصير مئات الجنود نظام السوري غير المحسوبين على الطائفة العلوية فريسة بيد مقاتلي التنظيم بعد سحب ضباط الطائفة العلوية من تلك القطع العسكرية، وشعر تنظيم الدولة بنشوة انتصارات خلبية وتوالت عليه الولاءات في المناطق التي باتت تحت سيطرته الفعلية نتيجة الفراغ السياسي والأمني الناشئ في تلك المناطق. أما بعدما قام تنظيم الدولة بشن هجوم واسع النطاق على قضاء شنكال ’(سنجار) أصبح على مشارف مدينة أربيل عاصمة إقليم كردستان العراق وسارعت بدورها الولايات المتحدة أمريكية بتشكيل التحالف الدولي بقيادته وإعلان الحرب تنظيم الدولة بالفعل قام مقاتلات السلاح الجوي للتحالف الدولي بقصف معاقل التنظيم،وربما التدخل الأمريكي حينذاك كان اضطراريا نتيجة تخبط الحسابات وتضارب الآراء داخل التنظيم الذي باتت خارج الحسابات التي وضعها صانعوا ألعوبة داعش، وبالتالي أصبحت المصالح الغربية في إقليم كردستان مستهدفة بصورة مباشرة ولعل تراخي القوات المسلحة المعروفة بالبيشمركة في الدفاع عن شنكال تدعم فرضية وجود اتفاقات مبطنة بين شتى القوى لصناعة داعش. وسرعان ما قام تنظيم الدولة بدخول مدينة كوباني/عين العرب في شمالي سوريا أمام انهيار وحدات حماية الشعب “YPG” التابعة لحزب الاتحاد الديمقراطي “”PYD، إلا أنه وبعدما تلقى التنظيم ضربات موجعة في قضاء شنكال وسع التحالف الدولي نطاق عملياتها العسكرية حيث شملت كوباني وتل أبيض أيضاً والتي أدت إلى أخراج التنظيم منهما، طبعاً لم تتوسع نطاق العمليات العسكرية للتحالف إلا بعد أن تم التأكد من انتهاء المهمة الموكلة للعبة المعروفة بداعش. ختاماً إن مركز القرار الدولي غير جاد بالشكل المطلوب في حربها المعلنة ضد هذا التنظيم، وحتى اللحظة لا تتوافر بوادر النية الصادقة للقضاء عليه طبقا للإستراتيجية التي وضعتها الولايات المتحدة، انما تعيد إثبات فرضية صناعة داعش ومصادر تمويلها وإرشادها من قبل قوة دولية عظمى وناشئة،وما زالت الإستراتيجية الأمريكية تقارب المناورة بغية الكشف عن مدى سلامة مصالحها في المنطقة سياسياً واقتصادياً،وهذه المناورة الأمريكية تنصب في مصلحة الإبقاء على بشار الأسد على الهرم السلطة لحين قضاء على التنظيم بصورة اعتباطية أو مرسومة سلفاً لم تعد ذات أهمية بالنسبة لمصلحة السلطات السورية الحاكمة،وكذلك لم تعد الدولة المعنية الوحيدة في حربها على التنظيم ،وبغض النظر عن مصادر تمويل داعش من الطاقة حيث ان نظام السوري يقوم بشراء الكهرباء من تنظيم وهناك بعض الدول إقليمية تقوم بشراء النفط الخام من تنظيم الدولة فالبوصلة الدولية هي بوصلة المصالح مقترنة في أهدافها على دماء الأبرياء وآخرها مجزرة باريس.
*كاتب وحقوقي كردي سوري