التايمز: كيف تحوّلت جنازة رفسنجاني إلى مظاهرة ضد النظام؟
يكيتي ميديا- Yekiti Media
علق مراسل شؤون الشرق الأوسط في صحيفة “التايمز” ريتشارد سبنسر، على المشاهد الغاضبة التي رافقت تشييع جنازة الرئيس الإيراني السابق أكبر هاشمي رفسنجاني، الذي توفي يوم الأحد، بعد إصابته بنوبة قلبية، عن عمر يناهر الـ82 عاما.
ويقول سبنسر إن الجنازة كانت تظاهرة مشحونة، وطالب المتظاهرون، الذين تدفقوا لتشييع أحد رموز الثورة الإيرانية، والرمز المؤيد للإصلاحيين في معركتهم ضد المتشددين، والشخصية التي أظهرت براغماتية عالية، بالإفراج عن القادة الإصلاحيين، الذين وضعوا تحت الحجز الإجباري.
ويشير التقرير، الذي ترجمته “عربي21″، إلى أن المشيعين سمعوا وهم يهتفون بـ”الموت لروسيا”، الدولة الحليفة لإيران في سوريا، بدلا من الشعار التقليدي للثورة “الموت لأمريكا”، وسمع آخرون وهم يهتفون “يا حسين، مير حسين”، حيث جمعوا بين الإمام الحسين بن علي، حفيد الرسول صلى الله عليه وسلم، ومير حسين موسوي، الشخصية الإصلاحية، الذي خسر الانتخابات عام 2009 وأدت خسارته إلى تظاهرات عامة، أطلق عليها “الثورة الخضراء”، ووضع في الحبس الإجباري منذ عام 2011.
وتذكر الصحيفة أن الجنازة شهدت دعوات مؤيدة للرئيس الإصلاحي السابق محمد خاتمي، مشيرة إلى أنه شخصية تدعو إلى بناء علاقات مع الغرب، ويقال إنه منع من حضور الجنازة.
ويلفت الكاتب إلى أن هاشمي رفسنجاني كان من المقربين لمرشد الثورة الإيرانية آية الله خميني، وقام بتصفية منافسيه في طريقه إلى السلطة، التي وصل إليها عام 1989، حيث إنه ساعد في هندسة صعود آية الله علي خامنئي لمنصب المرشد بعد وفاة الخميني، مستدركا بأن الرجلين اختلفا فيما بعد، وأصبح رفسنجاني مرتبطا في سنواته الأخيرة بما يعرف بتيار المعتدلين، وكان رفسنجاني عضوا في مجلس الخبراء، و”لو عاش لساعد في اختيار المرشد الثالث للثورة بعد خامنئي”.
ويجد التقرير أن وفاة رفسنجاني تأتي في مرحلة حرجة من السياسة الإيرانية، حيث نجا الرئيس الحالي، الذي سيواجه معركة انتخابية هذا العام، من ضغوط المتشددين، خاصة بعد توقيعه اتفاقا مع الولايات المتحدة حول البرنامج النووي الإيراني، وبسبب سياسة التقارب من الغرب، لافتا إلى أن رفسنجاني أدى دورا مهما في انتخاب روحاني عام 2013.
وتورد الصحيفة أن “المرشد الأعلى دعا إلى مشاركة شعبية واسعة في جنازة رفسنجاني رغم خلافاتهما، وربما كان وراء هذا محاولة منع العناصر المعارضة للنظام من السيطرة عليها، ودفن رفسنجاني إلى جانب الإمام الخميني في المزار الذي بني له عام 1989 بعد وفاته”.
ويفيد سبنسر بأن الرموز المؤيدة للنظام حاولت التقليل من أهمية الشعارات المعادية للنظام، من خلال نشر شعاراتهم الخاصة، عبر مكبرات الصوت والإذاعة والتلفزيون، الذي بث موسيقى جنائزية حزينة، مشيرا إلى أن آية الله خامنئي لم يحاول التغطية على خلافاته مع رفسنجاني، ففي أثناء صلاة الجنازة، التي أقيمت في ستاد جامعة طهران قبل بدء مراسم التشييع، قال إنهما لم يفترقا أبدا رغم خلافاتهما، و”على ما يبدو فإنه حذف جزءا من الدعاء التقليدي، الذي يقول: (يا الله لم نر أي شيء، بل الخير من هذا الرجل)”.
وينوه التقرير إلى أن عائلة رفسنجاني شكرت في بيان لها من حضر التشييع، وجاء فيه: “التشييع المثير للإعجاب يشير إلى عودة المجتمع إلى طريق الاعتدال والوحدة”.
وتبين الصحيفة أن رفسنجاني أدى دورا مهما في تطوير البرنامج النووي، حيث تفاوض مع روسيا لإنشاء مفاعل للطاقة النووية في بوشهر، وقام بشراء التكنولوجيا النووية سرا من باكستان وأماكن أخرى، واعترف في مقابلة أجريت معه في تشرين الأول/ أكتوبر 2016، بأن الحرب العراقية الإيرانية، التي قتل فيها مليون شخص، قادت إيران إلى التفكير بالمشروع النووي.
وتختم “التايمز” تقريرها بالإشارة إلى قول رفسنجاني: “عقيدتنا الأساسية كانت الحصول على طاقة نووية سلمية، ولم نفكر يوما في أننا سنواجه تهديدا، ولهذا كان من المفرض علينا البحث عن طريق آخر، لكننا لم نمض فيه أبدا”.
arabi21- تايمز