الدولة الكردية والدول الإقليمية
مروان سليمان
هناك مؤشرات كثيرة على صعود النجم الكردي في المنطقة بعد سنوات من حالة العداء و الحروب و الإبادات الجماعية التي كانت تمارسها السلطات و الأنظمة المجاورة للمنطقة الكردية( المحتلة)، حيث بات واضحاً للعيان بأن الدول التي كانت حتى بالأمس تقمع الكرد و تتنكر لمطاليبهم السياسية أصبحت تعترف بالأخطاء التي إرتكبتها بحق الكرد معترفة بأن حروبهم أدت إلى نتائج عكسية و التي زادت المقاومة الكردية بشقيها السياسية و العسكرية إصراراً أكثر على المطالبة بحقوق الشعب الكردي و بالمقابل فقد إنهارت معنويات الجيش الذي كان يقمع مطالب الشعب الكردي و الذي دخل في حروب لا تخدم شعوب المنطقة ، مع وجود بعض التناقضات في سياسات الدول الغاصبة لوطن الكرد و هذا كان عاملاً جيداً للكرد في اللعب على تلك التناقضات، و لكن هل تم استغلال الظروف الذاتية و الموضوعية في خدمة الشعب الكردي من أجل التغييرات الجديدة في المنطقة، أم أن التغيير يأتي حسب السياسات الدولية و بدون حسابات الشعوب التي ترزح تحت الإحتلال و منها الشعب الكردي؟.
إذا ما تم قياس العملية بالنضج السياسي و الفكري و القومي و أضفنا إليه الوطني أيضاً نجده مكتملاً عند الكرد و ناضجاً بأعلى المستويات،أما أقليمياً فهناك أقليم يحكمه الأكراد منذ عدة سنوات و تبين التجربة مدى نجاح هذه التجربة الفتية و مدى التسامح الذي أبداه الكرد في بناء هذا الأقليم سواء فيما بينهم أو مع المجاورين لهم، و لكن لا بد من التوضيح بأن المنطقة الكردية جزء متكامل و غير مجزأ و إذا كان الحل في منطقة ما فهذا لا يعني الإستقرار في الدول المجاورة إلا بأخذ الكرد لحقوقهم كاملة و هذا ما دعت الأنظمة له بعد ثورات الربيع العربي و خاصة في تركيا من خلال إتفاقية السلام و التي تصر الحكومة التركية على تنفيذها و هناك إشارات إيجابية مثل ذكر كلمة كردستان على لسان المسؤولين الأتراك و استضافة المسؤولين الكرد ، و لا يخفى على أحد بأن مقومات الدولة تنطبق على الشعب الكردي و يمتلك الكرد جميع مقوماته سواء أكان ذلك- الأرض- و الشعب -و اللغة بالإضافة إلى الوعي الثقافي و الإجتماعي و قدرتهم على القيادة و التعامل مع الأنظمة و الحكومات على مستوى العالم اجمع أو في استثمار ثرواتهم الطبيعية و تسخيرها في بناء البنى التحتية لمنطقتهم التي دمرتها حروب صدام و الأنظمة الأخرى.
يجب على الدول الغاصبة لكردستان أن تعترف بالكرد كشعب يعيش على أرضه و لا مفر من تشكيل دولته التي يبتغيها و أن تؤمن تلك الأنظمة بأن شعباً قاوم الظلم و القتل و التهجير و المجازر بدون سلاح و أعلام حر و حافظ على وجوده، من غير الممكن أن يتم محوه من الخريطة السياسية في زمن الإعلام و السياسة و القوة العسكرية التي أصبح الكرد يمتلكونها و في ظل الإقتصاد الذي باتوا يسيطرون عليه و تمويلهم الذاتي لذلك الإقتصاد و التي فرضت نفسها في السوق العالمية ببيع النفط و جلب الشركات للإستثمار في المنطقة الكردية و خاصة مع التغييرات في السياسة الدولية في التعامل مع الكرد كقوة اقتصادية و عسكرية و دخولها في تحالف ضد إرهاب الجماعات المتطرفة التي باتت تؤرق الغرب و الدول الكبرى و هذا يعزز من موقف الكرد عند الأنظمة الغربية و شعوبها في الإجماع على تقبل فكرة قيام الدولة الكردية و بإرادة كردية بحتة حتى و لو كانت في الوقت الحاضر غير ذلك و لكن المؤشرات تدل على ذلك التغيير المتأمل إذا ما أخذنا في الحسبان بأن القيادات الكردية السياسية و العسكرية تقرأ الواقع بشكل جيد و بالتنسيق مع الحكومات و الدول التي تدعم حقوق الشعوب المضطهدة و لذلك نستطيع القول بأن المبادرة أصبحت نوعاً ما بيد الكرد.
النقطة الوحيدة التي يجب على الكردعدم تداركها و هي توحيد الصف الكردي و التغلب على الخلافات سواء داخل الجزء الواحد من المنطقة الكردية أو على مستوى الأجزاء الأربعة و هنا من المفروض أن يسقط السياسيين الكرد الخلافات الموجودة و الإتفاق فيما بينهم و وضع المصلحة الكردية نصب أعينهم بعيداً عن المصالح الشخصة و الآنية لأن الصراعات لا تخدم الأطراف جميعها في ظل التعديل بسياسة الدول و الأنظمة الإقليمية و التي باتت تؤمن بأن التغيير قادم لا محالة و التغيير بالإرضاء أفضل من الإجبار.
مروان سليمان
10.01.2015