أخبار - كُردستان

الرئيس بارزاني: فرض الإرادة عبر الأغلبية لن يثمر سوى الفشل

أكد الرئيس بارزاني، اليوم الخميس 15 أيار 2025، على وجوب العودة إلى المبادئ الثلاثة في التوافق والتوازن والشراكة، وأن فرض الإرادة عبر الأغلبية، لن يثمر سوى الفشل. ولا يمكن إجبار مكونات متعددة على الوحدة دون رضا، فالوحدة تُبنى على التفاهم والقبول، لا على الإملاء والإنكار.

وأدناه النص الكامل لكلمة الرئيس مسعود بارزاني في مؤتمر توحيد منظمتي الطلبة والشباب للحزب الديمقراطي الكوردستاني.

بكل فخر وسعادة، أشارككم اليوم هذا الحدث المبارك، الذي يجمع بين منظمتين عريقتين وقويتين، مليئتين بالتجارب والخبرات. أبارك لكم هذا القرار، وأتقدم بالشكر الجزيل لكل من ساهم فيه. أنا على يقين من أنكم، من الآن فصاعدًا، ستكونون أكثر قدرة على خدمة شعبنا ووطننا.

لقد كان للطلبة والشباب دور بالغ الأهمية في ثورة أيلول، وثورة گولان، وحتى في مواجهة داعش. وأنا على ثقة بأنهم سيواصلون هذا الدور بشكل أقوى وأكثر فاعلية في المستقبل. وأغتنم هذه الفرصة لأتقدم بالشكر والتقدير لكل من تولى مسؤولية قيادة هاتين المنظمتين، متمنيًا التوفيق لمن سيحملون هذه الأمانة مستقبلاً.

قبل أيام، التقيت بسكرتارية المنظمتين، وسررت جدًا عندما علمت بأن نسبة مشاركة النساء قد ازدادت بين صفوف الطلبة والشباب. وهذا مؤشّر مبشّر بزيادة حضور المرأة في الحزب أيضًا، وهو أمر يسعدني شخصيًا. أوصيكم بالعمل على تعزيز هذه النسبة قدر الإمكان.

لقد وصفكم الخالد ملا مصطفى بارزاني بأنكم “رأس الرمح والحصن الفولاذي”، وهو وصف يحمل معاني عظيمة؛ فرأس الرمح في مقدمة المواجهة، الحصن الفولاذي في صدارة الدفاع. الآن، بتوحيد جهودكم، ستكون مهمتكم أنجح وأسهل، لأنكم ستعملون ضمن قرار واحد وصفّ موحّد، يكمل فيه كل طرف الآخر.

كانت حروب الأمس، رغم قسوتها، أهون من حرب اليوم. لم تعد المعركة اليوم مع طائرات ودبابات ومدافع، بل معركة أخطر: إنها حرب انتشار المخدرات، حرب تستهدف العقول والإرادة، وتعمل على إضعاف إيمان الإنسان الكوردي بنفسه، وسلبه الأمل والانتماء. لذا فإن جزءاً كبيراً من مهمة الدفاع في هذه المعركة الخطيرة يقع على عاتقكم. من يتعاطى المخدرات ضائع، ومن يروّج لها مجرم. ويجب أن نتعامل مع هذه الظاهرة بكل جدية وحزم.

إلى جانب ذلك، من الضروري غرس روح الانتماء للأرض والوطن في نفوس شبابنا. فشعب بلا أرض هو بلا هوية، وأرض بلا شعب هي بلا قيمة. لكن القيمة الحقيقية تولد عندما يرى الشعب أرضه مقدسة، وتبادله الأرض ذات القدسية. كوردستان كانت كذلك، ويجب أن تبقى كذلك.

علينا أن نحترم الجميع دون تعصب أو تمييز، لكن في الوقت ذاته، يجب ألا يشعر الكردي يومًا بأنه أدنى من غيره. نحن معكم وسندعمكم بكل قوة، لكن بالمقابل، ننتظر منكم أن تنتجوا وتقدموا لشعبكم في ميادين النضال التي تفرضها التحديات المعاصرة.

بعد 2003، جاءت فرصة ذهبية لبناء عراق جديد. الجميع يعلم أن شعب كوردستان لعب دورًا محوريًا في إسقاط النظام السابق. ووفق قرار من البرلمان الكوردستاني، قررنا العودة إلى بغداد لبناء عراق ديمقراطي اتحادي على أسس ثلاث: الشراكة، التوازن، والتوافق. وتم وضع الدستور عام 2005 ليكون دليلًا لبناء هذا العراق الجديد.

لكن للأسف، لم يتم الالتزام بهذه المبادئ، ولم يُحترم الدستور. اليوم، نقول مجددًا: إن كان هناك حرص حقيقي على استقرار العراق، فيجب العودة إلى تلك المبادئ الثلاثة. أما فرض الإرادة عبر الأغلبية، فلن يثمر سوى الفشل. لا يمكن إجبار مكونات متعددة على الوحدة دون رضا، فالوحدة تُبنى على التفاهم والقبول، لا على الإملاء والإنكار.

الخطاب الطائفي، والمماطلة في حسم قضايا جوهرية كالإحصاء والانتخابات، كلها مظاهر لتغييب المبدأ والأساس الذي توافقنا عليه. لذا نطالب بإحصاء شفاف يشمل القومية والدين والمذهب، حتى يكون لكل طرف موقعه وحقوقه العادلة.

أما قضية الرواتب، فقد اختُزلت نضالات شعب كوردستان وتاريخه المشرف في مجرد رواتب! وكأن الأنفال والقصف الكيميائي وتضحيات آلاف الشهداء كانت لأجل الراتب فقط. إن هذا التعامل هو إهانة لتاريخنا ودماء شهدائنا، ولن نقبله بأي شكل من الأشكال.

كنا نظن أن أصدقاء الأمس سيدافعون عنا في غيابنا، لكنهم فاجأونا بحرمان شعبنا من لقمة عيشه. نحن لا نطلب صدقة، بل نطالب بحقنا الذي كفله الدستور. وإذا لم نكن جزءًا من هذا العراق، فليُصارحونا بذلك.

لقد أظهرت انتخابات أكتوبر الماضية حجم الدعم الشعبي للحزب الديمقراطي الكوردستاني، رغم كل محاولات التقييد والتقسيم. ولو جمعنا أصوات الكورد في المناطق خارج إدارة الإقليم لتجاوزت أصواتنا المليون، ونحن اليوم الحزب الأول ليس في كوردستان فحسب، بل في عموم العراق. وعلى الجميع احترام هذه الحقيقة، والتعامل مع الشرعية التي منحها شعبنا لنا.

المحادثات الجارية لتشكيل الحكومة الجديدة يجب أن تُبنى على أساس وحدة الإقليم، برلمان واحد، حكومة واحدة، وبيشمركة واحدة. حكومة لا تقوم على هذا الأساس، فالأفضل ألا تُقام.

أما فيما يخص عملية السلام في تركيا، فنحن ندعمها بكل قوة، ونرى فيها فرصة حقيقية يجب اغتنامها. كما نأمل أن تُحل قضايا سوريا عبر الحوار، وأن تهدأ الأوضاع في إيران والمنطقة بأسرها، لنطوي صفحة الحروب والدماء، ونفتح صفحة التعاون والسلام والتقدم.

في الختام، أؤكد دعمي التام لمؤتمركم هذا، وأتمنى له النجاح. ثقوا أننا إلى جانبكم دومًا، لكننا ننتظر منكم أن تكونوا في مقدمة العمل والعطاء.

عشتم، وعاش شعب كوردستان حرًا أبياً.

K24

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى