آراء

الزير ٱدم وحواء

ليلى قمر / ديريك/

هي
واجمة شاردة ومقلتيها تعانقان سرب الحمام في سماء الحي والفؤاد قد سلم نجواه تحت وطأة هيجانها الأبكم العابث بها يميناً ويساراً والعجز يكاد يغشيها في بوادي الذكريات الهاربة من هوة سرداب كلما ٱجتهدت كي تصدّ بابه هام بها الصدى في جوفها العتي على ملكاتها وهاهو البوح قد ترجّل وأمتطى
فرسه الجامح بعيداً عن ماحولها في بوح ربما ما كان بمقدرتها التدرج إلى زخرفه الخلبي لولا ذلك اليقين الذي طاغ بصدقه على محياها لتستند إلى مقعد في شرفتها وتجالس تمتمة الطيور وأشعة الشمس الناعمة قد أمدتها ببعض الحيوية وكان سيل الكلمات قد حضر

لم تكن الليالي باردة وما كان
النهار طويلاً ممل اللحظات كما الٱن
تلك الجدران المهيئة من قوالب الطين والبيوتات الساكنة وفيول السماء تنهال بكل سطوتها على أسقفها الباهتة وهي تعارك سقم كانون وجنون شباط وتتراقص مع هيجان ٱذار و صخب نيسان
كانت تقي ساكنيها شمس تموز وٱب
فكانت الٱيام تمضي بهم ٱمنين غير ٱبهين بهيمنة الشتاء أو حرّ الصيف الحارق
دونما دراية همس الحنين بشجنه في مكنوناتها وروحها تئنّ وأمواج الأيام تتهيأ القدوم

ٱه يا بيت جدي
كم كانت خمائل الأحلام تزدهر في جوانيتك وتكتسي بسحرها الليالي الحافلة
لحظاتها بدفء القلوب الحية وهي تبدع كلّ حين للولوج إلى بوادي الحياة
هي كانت طفلة تلهو وتلهو فقط و ٱحلامها دفينة في روحها الهادئة والصباحات تهديها نوراً وجمالاً كلما هلّ فجر جديد على مملكتها النيرة و تقاسيم رونقه تشارك كل الفصول مع تراتيل هدوءك ٱيها النهر الجميل
هي
كانت تلازم طيف أطيارك المختلفة في أنواعها وتتعثر في خطاها ملاحقة فراشاتك الملونة وتناجي معك الغيوم العابثة في كانون وآذار لترسل لك جدائل المطر الرحيم كلما ظنت أنّ نمير مياهك توارى قليلاً كي تبقى تراقب وجهها في تٱمل كان يظنه الناظر إليها بأنه شرود يشبه المسّ في طغيانه وحقيقة الحال كان هو الخوف الدائم لديها كي تظلّ سيد تلك البقعة التي ما كلّت أو ملّت يوماً وهي العاشقة ملكوتك أكثر لتبتهل وتبتهل كلما مدّتك السماء بالغيث
فيفيض ماءك لتسقي بها الشجر والزرع والطير والبشر

ما كنت قاسياً يوماً عليها فلم لم تكن لتخشاك حتى في ثورانك على جدولك الجميل حينما كان يشتدّ الرعد والبرق لتهلّ النوة مبشرة بربيع مجنون صاخب الخير حينما
كانت ترتوي من صفاء ماءك وغدت بها السنون رويداً رويداً على أكتافك الخيرة وقد تقمّصت دون راية طبائعك النقية
ربما صمتها الذي بات سمتها علّمتها إياه أنت حينما كانت عيناها تلاحقان المكان وهي تشب في حضن بساتينك النضة
فما كانت قد خبرت ماهو خارج محيطك بعد

وهاهي تكبر و الأيام تتخبطها نعم كبرت ومازلت تختبر صلابة الصبر لديها وهدوء ٱحلامها
التي هوت بعد سنين عجاف ظنت فيها أنها على قيد الحياة
إلى اليوم الذي حام المكان ذلك الغريب عليها كالغيم الأسود لتكفهرّ النوايا
ويحي

ماهذا الهيجان الذي جرفها في دربٍ لم تختبره حتى الٱن
ترى ماذا يكون
قبل حين من الزمن كانت تلجأ إلى ذاكرتها علّها تسعف وجدها وأنين نبضها لتنتعش في رونق الماضي البسيط في محاولة منها في فك طلسم هذه التميمة التي باغتتها كرفة جفن ما استسلمت يوماً لسهامها المارقة
فهي
قرٱت مراراً عن هذا الشعور لكنها ما عاركته يوماً
نعم إنه المارد الذي يسلب منك اللب ويجعلك تائه السبيل ولا يهبك شيئا إلا إلاك ٱيها الغريب و قد اقتحمت شذرات أيامها ونطق صمت قلبها ٱخيراً
لتولد من جديد وهاهي لاتحبو إلا بين يديك وخطواتها لاتهديها إلا إليك وأتقنت الهجاء معك ولك لذا فهي تتعثّر في خطاها كما كلماتها في ارتعاشٍ خجل والرجفة كما الحمى أطاحت بكلّ مافيها وهي تهذي بك بعد طول انتظار

نعم
بات الليل بارداً يا أمي والنهار طويلاً كئيب الساعات
قد خلت بها الدنيا وٱرهقت براءتها بتهكمها وشظاياها الحارقة
ٱدم
نعم هو ٱدم
أوهمتها نفسها إنه الملاذ والأمان الذي كانت تسمع به لكنها ماخاضت تفاصيله يوماً
نعم ماخاضته
فهي معركة غير متكافئة بين حواء ساذجة
وٱدم مشهود له ببطولاته وعنفوانه ومعارك كانت تدور رحاها كيفما وأينما كان يحلو له
فهو المغوار الداهية ويأبى غروره إلا النصر كيفما كان
استحالة انتشال الروح من خطاياها وكذا انتكاسة الوجد من
بين أنياب مفترسة أجادت اللعبة
قبلا فقد اعتلى المغوار ادم هضاب الترحال بين القلوب عله لايشيخ مثله مثل ضحاك الذي أوهمته تعويذة عجوز خرفة و جبروته إن في دماء الشباب سحر استمرارية وجوده أبداً
وكذا هو ٱدم انتعل صنوان المجد في سدة الخطيئة وحواء كانت تظنّ أنها ملكة عرش ما اعتلته قبلها إنثى وٱنها لن تدنس عذرية معتقدها

لذا استطاع أن يوقع بها واستجرارها إلى مسلك من صنيعه هو من غدر دفين محاط بلهيب قاتل فكيفما سقطت ستكون نهايتها في بركان لئيم الثوران في استنباض صك العهود الخلبية الغير مجدية صلاحيتها إلا في سواد مقيت كالخفافيش الهاربة من النور
فكلما هوت في واديه السحيق كانت تغافل نفسها وتقول إنه الصدق ولاشيء سواه
فقد نسج ٱدم معاني ٱخرى للخطيئة لم تكن تعرفها قبلاً
في مخيالها كان هو الوطن الذي تحتمي به لذا اعتزلت كل شيء وسكنته
رغم أن حدوده الشائكة التي رسمت بأسلاكها فسيفساء الخطيئة كانت تتوضح يوماً بعد يوم لكنه سيد الكلمات ويعرف تماماً كيف يكون التلاعب بالمعاني كيف لا وله ألف لسان في فم واحد فقد ٱشكل الخطيئة

على هيئة ناسك اكتفى بها فقط عن العالمين
في ظنّ منها أنه الروح التي حرمتها منها الشرائع والأقدار وبكلّ سذاجتها كانت تنجرف إلى مستنقعه على وهم خذه هو في روحها كإبرة مهدأ للجيف المنحلة علها تهدا وتقتنع أنها لا تخطىء
فهو القديس التي ما أن لامست طيفه لتهرع إليه راهبة واهبة له سكينة روحها المؤدّية طقوس معبده و جبروته الخافي كان سهماً خارقاً يجعلها تغفو في مملكتها الوهم وهي الوارفة كانت قبلاً فهي ابنة الخريف وحفيدة الشتاء عتية على الريح سنديانة شامخة لكنه هو الإختبوط ٱدم
حيث
كان يخيط حولها شبكة عنكبوت سامة لينقضّ عليها متى قرر ذلك لاطمئنانه لورعها الكامن له فهي المؤمنة لٱياته التي ما حاولت يوماً تفسيرها
لعلها إن قرائته منذ البداية ما توهّمت وما تاهت في دربه الموحلة المميتة
فهو كان يرى في النهر ذاك اليوم الذي استطاع أن يوقع بإحداهن فيه والمياه تلتطم فيهما زجراً بينما الجموح بلغ ذروته لديه معتزاً بعنفوانه وجسارته

و ذات النهر كانت تراه هي سبيل للحياة بهاء وصفاء
لذا استطاع ٱدم أن يخرج حواء من صومعة مخيالها المرصعة أوتاده بالنقاء والاكتفاء
كان يروي شجن روحها بسم سعاف لتحتضر وتشد الرحال بالهويني
إلى فناء الحقيقة المؤلمة ووصمها بحزمة نار وقّادة تلتهب أوصالها ما أحياها الله
وهي الموسومة بجرح مستدام فيه نزيف القهر والألم ألأبدي
لكنه هو ٱدم
الأسطورة التي لن تستطيع سردها يوماً لإحفادها كما كانت جدتها تفعل وهي تحيك من الكلمات روايات وأساطير خلت في سرد قصصي تعجز الذاكرة إلا مواراتها في سرداب النفس
فهو نهل من ينبوع روحها الصفاء والهدوء وضربها في مقتل ممنهج لتعتزل كل باب وراية وتنزوي في صومعة الذكريات القاتلة وجبروت آدم حينما قدّمها قرباناً إلى عالم الموتى حيث النصل الجبّار الذي لا يحيد عن رقبة تزين المقصلة لتكون دماءها جدلية الصدق والغدر في سريالية اليقين لتغدو تغريبة مبهمة كالجدائل المقصصة في آتون الحياة
ورحل عنها
وتهيّأ للانقضاض على
فريسة جديدة تهبه الحياة.

المقال منشور في جريدة يكيتي العدد “317

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى