الكرد والروس من بوابة التاريخ
محمد رمضان
بعد نجاح ثورة ’’ أكتوبر’’ 1917 بزعامة ’’ فلاديمير لينين ’’ في روسيا حيث تمّ الكشف عن الكثير من الاتفاقيات السرية التي أبرمت بين روسيا القيصرية والدول الاستعمارية التي هيمنت على مركز القرار الدولي على حساب الشعوب الغارقة في الظلم والطغيان في تلك الحقبة التاريخية وعلى سبيل المثال لا الحصر اتفاقية ’’ سايكس بيكو’’ 1916بين فرنسا وبريطانيا بمباركة روسية في ترسيم الحدود للمنطقة دون إرادة الشعوب بعد انهيار الإمبراطورية العثمانية وكان النصيب الأكبر للمكوّن الكردي حيث تمّ توزيعهم بين أربع الدول ’’ سوريا – العراق – إيران – تركيا , وجزء أخر بقي مع روسيا القيصرية هنا منح لينين للكرد السوفيت الحكم الذاتي 1924وعاصمته ’’ لاشين ’’ أسوة بباقي القوميات في الاتحاد السوفيتي بعد مراسلات بين قادة الحركة الكردية التحررية في العراق ’’ الشيخ محمود برزنجي ’’ ولينين طلب فيها المساعدة من السوفييت للنضال ضد الامبريالية البريطانية و يلفت انتباهه إلى الأهمية الدولية للمسالة القومية الكردية .
بالفعل كانت كردستان الحمراء موضع اهتمام من جانب الروسي في مجال التعليم والصحة وبث إذاعي باللغة الكردية وبعد تسلّم ’’ ستالين ’’ مقاليد الحكم في الاتحاد السوفيتي تمّ القضاء على الجمهورية الكردية ذات الحكم الذاتي 1929وتمّ ترحيل الكرد وتوزيعهم بين الجمهوريات السوفيتية في سبيل أرضاء الجارة تركيا بعد تحسين العلاقات بينهما، ولم يقف التخاذل الروسي عند هذا الحدّ حول القضية الكردية بل تجاوزت كل الأعراف والقيم الإنسانية في التعامل مع قضية شعب يواجه أكثر الأنظمة دكتاتورية على مرّ التاريخ ألا وهو النظام الإيراني ففي الثاني والعشرين من كانون الثاني عام 1946بعد الإعلان عن جهورية مهاباد بقيادة القاضي محمد زعيم الحزب الديمقراطي الكردستاني في إيران بعد استغلال الظرف الدولي وتوتّر العلاقات بين روسيا وإيران، ومن جهة أخرى مع الولايات المتحدة الأمريكية جاء هذا الإعلان بعدما توغلت القوات السوفيتية ضمن الأراضي الإيرانية تحت ذرائع بأنّ نظام الشاه وقف إلى جانب ’’ هتلر’’ في الحرب العالمية الثانية بين عامي 1939-1945إلا أنّ هذا التوغّل لم يدم طويلا سرعان ما تمّ اتفاق روسي إيراني بموجب صفقة تجارية في مجال الطاقة على إثره انسحب الجيش الأحمر من مناطق النزاع وأصبحت الدولة الكردية الناشئة في مرمى الجيش الإيراني و تمّ القضاء عليها وإعدام قادتها في ميدان ’’ جار جرا ’’ وسط مدينة مهاباد الساحة التي أعلنت منها جمهورية مهاباد وفي مقدمتهم الزعيم قاضي محمد مع وزرائه ولم تكن هذه المرة الأخيرة في التعامل مع القضية الكردية في أروقة النظام الروسي فإبان حكم صدام حسين الرئيس العراقي السابق عندما استخدم الأسلحة الكيماوية ضد المدنيين الكرد في مدينة حلبجة 1988تناول الإعلام الروسي الخبر بأنّه شأن داخلي لا أكثر وكذلك في 1991بقي الموقف الروسي موقفا رماديا من القضية الكردية عمّا جرى في تلك الحقبة إبان إنهيار النظام العراقي عقب حرب الخليج الثالثة.
خلاصة القول : هل أصبح لدى الكرد إلمام بما فعلته روسيا عبر التاريخ في وأد القضية الكردية في سبيل مصالحها العليا وترك الكرد بين براثن الأنظمة الدكتاتورية و تعليّق قادتهم على أعواد المشانق ناهيك عن القرارات التي صدرت في أروقة مراكز القرار الدولي ؟
فهل سيفعلها للمرة الثالثة في شمال سوريا بعد اتفاقيات سرية مع تركيا؟؟؟