الكساسبة حرقاً
عبدالملك علي
بإعدام الطيّار الأردني معاذ الكساسبة حرقاً حتى الموت أُحرِقت قلب كل إنسان ذو ضمير حي ويملك ذرة من الإنسانية فهو بامتياز شهيد الإنسانية والعالم أجمع ،ولكن ماذا وراء هذه الميتة البشعة للطيار الأردني ،هل هي داعش نفسها أم أن ورائها أنظمة بعينها قامت بذلك لتسخيرها في دعم مواقفها السياسية والاستفادة منها إلى أقصى حد لأنه كلما بشعت الجريمة ازدادت المواقف السياسية للسياسيين في العالم وقد تنساق لتأييد جهات هم نفسهم لهم الدور الأكبر في تنفيذ هذه الجريمة البشعة ،فأولاً نحن كشعب كردي نعزي الشعب الأردني بالمصاب الجلل ونعتبر الكساسبة شهيداً للأمة الكردية كما للأمة العربية والعالم ولكن؟!؟ ؟يجب أن نرى الوقائع بمجملها حتى نتوصل إلى الحقيقة ،حقيقة حرق معاذ حتى الموت فلابد أن نرجع بالحادثة منذ البدء وهي؟
من وراء إسقاط طائرة معاذ الكساسبة الF16 ؟ هل هي تنظيم داعش؟!
إن كانت ذلك فهذا يعني أن تنظيم داعش يمتلك صواريخ حربية يمكنها إسقاط أية طائرة تقصفهم جواً .
فإذا كانت ذلك فهل كان هذا الصاروخ يتيماً وحيداً ،ولماذا لا يستخدمها داعش ضد الطائرات الأمريكية التي تقصفهم في اليوم الواحد عشرات المرات ؟؟ولماذا استخدم هذا الصاروخ حصراً ضد سرب الطائرات الأردنية إذا لم يكن ورائها استخبارات دول علمت داعش من خلالهم بأن السرب أردني، ومن حدد هوية هذه الطائرات؟؟فهل هنالك إمكانيات لدى داعش لتحديد هوية الطائرات التي تقصفهم ؟! بالطبع لا .
إذا لم تقم أنظمة بإمدادهم بالمعلومات حول تحديد مكان نقطة إقلاع الطائرات التي تقوم فيما بعد بقصفهم ،ولكي نتوصل إلى الحقيقة أكثر يجب أن نحدد المناطق التي استولى عليها داعش من الجيش الحر في شمال سوريا وتحديداً محافظة الرقة ،فمطار الرقة العسكري الذي استولى عليه داعش هو مطار تدريبي لا يملك منصات صواريخ حرارية جو جو.
وإنما يوجد هناك كتيبة دفاع جوي لحماية المطار فقط .
فإذاً من أين امتلكوا هذا الصاروخ الوحيد اليتيم إذا كانوا هم بالأساس قاموا بإسقاط الطائرة الأردنية.
والسؤال المهم والجاد هل قامت الاستخبارات الأمريكية والأوروبية وحتى العربية بدورها في كشف مصدر هذا الصاروخ ،هل فعلاً يمتلكها داعش أم هناك جهة أخرى قامت بإسقاط الطائرة الأردنية أو زودتهم بهذا الصاروخ في الوقت المناسب، ولماذا لم يقدموا على إسقاط طائرات أمريكية.
هل هي رسالة قوية للملك الأردني وشعب الأردن عن عدم رضا أنظمة في المنطقة بإشراك الأردن في التحالف ضد داعش ،لأن هناك جماعات ودول تستفيد من تقوية داعش لأنها في كل الأحوال وقتية ويعلمون أن مصيرها إلى الزوال فهي لا تمتلك مقومات أية دولة حاضراً أو مستقبلاً .
أم هي تنبيه للأردن أن تخرج من التحالف الدولي ضد داعش وربما بعد ذلك تؤيد في إسقاط النظام الديكتاتوري في سوريا لأنهم يعلمون بأن الخطر الحقيقي والفعلي في إسقاط الأسد هي من الجنوب السوري أي من الأردن، فقامت وتعاونت مع داعش بالقيام بهذه الجريمة البشعة ليوهم العالم بأنه في كل الأحوال أقل وحشية من داعش وتحرض الأردن في زيادة النقمة على داعش وتنسى من كان ورائها ،ويبدو أن نظام الأسد سوف يقوم في الأيام القادمة بتعليم داعش دروساً أكثر بشاعة في التمثيل وحرق الأجساد البشرية فظاهرة قطع الأعناق لم تنفع في إقناع العالم بنظام الأسد وبذلك سوف يتبع أساليب أخرى متأملاً أن يغير العالم الديمقراطي نظرته حول نظامه السياسي والدموي والديكتاتوري ناسياً بأن العالم أجمع على يقين بأن داعش هو الابن البكر للأسد وجماعته .
وكالعادة فالمواقف الدولية المتمثّلة برؤسائها سوف تكون بالإدانة الشديدة ومضاعفة الجهود في حربها ضد داعش وقد تنحاز بعضها لنظام الأسد وهذا هو الخطأ الأكبر أن لم نقتلع المرض من جذوره بإزاحة الأسد ومحاكمته ،وبذلك نتخلص من كل ماهو وحشي وشرس وقذر ضد الإنسانية فالأسد كان ومازال الداعم الرئيسي لداعش في الماضي والحاضر والمستقبل .
فالعالم أجمع يدفع ثمن الفاتورة التي اقترفتهاضد الشعب السوري ويتحمل ما آلت إليه الأوضاع في الوقت الراهن .
فأرجو من المجتمع الدولي ومن الأردن خاصة بأن يكون دم الكساسبة طريقاً في التخلص من داعش وأعوانه في المنطقة المتمثّلة بالنظام الأسدي.